طلال القرقوري، أغلق هاتفه النقال واختفى عن الأنظار، بحثت عنه الجامعة طويلا.. سألت عنه في كل الأماكن التي تعرف، والتي لا تعرف.. وزعت أخباره على كل الجرائد..(وانتد) وجلست تنتظر لحظة بلحظة مكالمة من مجهول يخبرها بمكان تواجده.. ومضى التساؤل حزينا، غامق الألوان.. كيف نتهرب من أداء الواجب الوطني؟.. وننسى حب البلد الساكن فينا.. قد تتعدد الأسباب، ولكن الهروب لم يكن يوما ما حلا لمشاكل عالقة. لومير، وجد نفسه في وضع حرج.. فبالأمس فقط تخلى عن وادو إكراما لكل لاعبي الخليج.. إكراما لطلال نفسه.. واليوم يجد نفسه مطالبا بمصالحتة، بتقديم جمل الاعتذار اللطيف، ليقنعه بالعودة إلى منتخب أقصيناه من لائحته قبل أيام قليلة.. لسد فراغ دفاعي، كان إلى سنوات مصدر قوتنا الدائم.. لقد احتار لومير في أمره، لم يعد يدري ماهو فاعل بنفسه وبنا جميعا في إقصائيات نحن الآن في بدايتها.. تعددت حوله الأسماء وأعاد صياغة لائحته في أكثر من مرة..(دوخة خايبة) كيف أصبح المنتخب المغربي يستجدي عطف لاعبيه؟ كيف أصبح اللاعب يرى اللعب للمنتخب مغامرة قد تكلفه انتقادا شديدا إن أخفق؟.. وقد يجد نفسه معرضا للشنق والذبح أمام أنظار الجميع.. فيفضل الانسحاب في صمت، معتمدا تطبيق فكرة مدسوسة بالأنانية «أنا، وبعدي الطوفان». هل أصبح محكوما علينا أن نطلب ود لاعب يحمل لنا كل الجفاء؟ الأمر لا يتعدى أن يكون استمالة طبيعية لتجاوز مرحلة حرجة، وقد نتحاسب بعدها طويلا.. ولكن هل وفرنا لأنفسنا فضاء العمل المناسب؟ نرحل إلى الكامرون بنفسية مهزوزة، ونطمع في كسب معركة فاصلة، ونحن الذين عجزنا عن كسب معركة داخلية بين لاعبين، منهم المستاء، الغاضب والهارب.. حتى عندما تدخلت أطراف كثيرة بخيط أبيض، فضل البعض أن يحيك نسيج قطيعة رياضية مع زملائه في الفريق.. والمتضرر الوحيد هو المنتخب المغربي الذي يحمل آمال شعب بكامله.. طلال، غادر المنتخب المغربي يوما.. قدم اعتزاله اللعب دوليا، لقد راعته يوما تصرفات هنري ميشال.. وعاد إلى عرين الأسود مع مجيء لومير، والآن يبتعد دون سابق إنذار.. وكأن المسألة ليست سوى لحظة للتشفي.. وقد يصبح اللعب عنده للمنتخب مجرد هواية بسيطة قد يستغني عنها متى شاء.. قد يلتحق بالمنتخب في اللحظة الأخيرة.. وقد لا يفعلها أبدا.. ولكنه علمنا دون أن يشعر كيف يكون الجفاء.. كيف تصبح الاستجابة لنداء الوطن عادة مرفوضة.. فهل يمكن أن ننتقم فعلا لكبريائنا بجرح شعور الملايين من جماهير الكرة؟ هكذا يبتدئ المنتخب المغربي استعداداته للقاء حاسم جدا.. قد يعيدنا إلى نقطة البداية.. وقد يعصف بالأحلام كلها.. ولكننا تعلمنا على الأقل كيف يكون الاختيار الصحيح لأسود قد تزأر، ولكنها لا تخدش أبدا قميص الوطن.