لم يحظ أي صنف إعلامي خلال مراحله الأولى بالاهتمام الذي ناله التدوين ولم يستقطب أي صنف إعلامي أيضا هذا العدد المليوني للممارسين له، مدونات بالملايين. في عالم النيوميديا والإعلام الجديد نتحدث عن صحافة المواطن وسرعة الخبر وتقنيات متعددة بفضاء واحد، بالمدونة يوجد المرئي ويوجد المسموع وأيضا المكتوب... هناك البرامج التلفزيونية والإذاعية وبحر المقال... التدوين هو المجال الوحيد الذي ليس به مقص الرقيب، هو الجريدة، القناة والإذاعة التي يسيرها صاحبها فقط... يسجل اللقاءات ويلتقط الصور ويحرر الأخبار بدون أن يقول له أحد هذا صحيح وهذا خاطئ... فقط الضمير هو الرقيب. ويبقى السؤال الذي يطرحه العديد من الشباب المغاربة، كيف أصبح مدونا ناجحا في وقت قصير؟ ليس الأمر بالهين وليس الأمر بالمستحيل، فقط القليل من العمل والتنظيم المحكم للوقت والتعامل الجيد مع الحاسوب وبعض التقنيات الحديثة التي تكتسب مع الوقت. بالمغرب لدينا مدونون لهم وزن عالمي وتواجد عربي كبير نذكر أحجيوج، لشيب، بنجبلي، البقالي، نزهة شكري، الراجي، رفيق الدرب، العباسي، الهبري، مصطفى بوكرن، بلا فرنسية، الدكتور هو، آدم بوهدمة، عصام إزمي وغيرهم كثير. أسماء استطاعت أن تخلق لها مساحة على الشاشة العنكبوتية وأصبحت مدوناتها تستقطب آلاف الزوار يوميا وبجد يمكن اعتبارها مدونات ومدونين ناجحين. لكي تصبح مدونا ناجحا يلزمك كخطوة أولى تأسيس مدونة وهذا ليس بالأمر الصعب، فهناك مدونات مدفوعة الثمن ب«دومين» ومساحة وتصميم وهي في متناول الجميع. وحتى من لا يستطيع دفع ثمنها هناك مدونات بالمجان وفضاءات تقدم خدمة التدوين المجاني مثل بلوغر ومكتوب وجيران والسكاي بلوج... لكي تكون مدونا ناجحا يلزمك احترام أربعة أشياء: التوجه، القارئ، التعليق، القانون. التوجه: المدونة الناجحة هي المدونة التي لها فكرة وتوجه معين، هي الفكرة التي خرجت إلى الواقع من خلال تفكير وسؤال لمن سأدون؟ وماذا سأدون؟ ولماذا سأدون؟ ومتى سأدون؟ أسئلة تحتاج إلى فكرة وتخصص ومجال رئيسي للتدوين، إذ سيجعلك هذا مصدرا للمعلومة ومرجعا بالميدان، خصوصا إذا عرفت كيف تستخدم التقنيات الحديثة من قبل الإرسيس ومحركات البحث والعلاقة بينهما... يمكنك أن تؤسس مدونة شخصية وتتحدث عن نفسك وهو تخصص أيضا ويمكنك أن تتخصص بالاجتماعي أو الفن أو التكنولوجيا... أشياء عدة تحتاج إلى من يتخصص فيها خصوصا إذا علمنا أننا كعرب بصفة عامة ومغاربة خاصة لازلنا لم نحقق التواجد الكمي والكيفي بشكل جيد. القارئ أو الزائر : لكل مجال زواره ولكل مجال عشاقه ولكل تدوين قراؤه، يلزم أي مدون يريد النجاح أن يعرف لمن يدون ويحترم هذا المتلقي والزائر بتقديم فكر راق وتدوين يحترم العقول ويقدم شيئا للمجتمع لكي يصبح ذاك الشخص المار بمدونتك من بين زبنائها إن صح التعبير. يلزمك التحقق من أي شيء قبل كتابته أو إدراجه بمدونتك، كيفما كان نوعه، فلا تنشر أشياء مشكوكا في صحتها أو غير معروف مصدرها لكي لا تقدم لزائر مدونتك طبقا يغلط معلوماته أكثر مما يفيدها. التعليق : أخطر شيء بالتدوين هو التعليق، فهو سيف ذو حدين مفيد وضار فهو مفيد لك وللزائر إذ تدخل في نقاش معه وتوضح فكرتك للمستفسر وأيضا يعطيك فرصة لتصحيح محتواك وإعادة ترتيب أفكارك والأهم أنه يعطي للزائر فرصة للكتابة والتواجد والتعبير عن الذات، إلا أنه أحيانا يستغله البعض بشكل خبيث ومخرب ويبدأ في الشتم والسب... لذلك فالمدون الناجح هو من يراقب تعليقاته ثم ينشرها. القانون: للأسف الميدان الإلكتروني بالمغرب لازال يعرف فراغا كبيرا ما عدى بعض الاجتهادات الفقهية مثل كتاب صدر حديثا للدكتور بوشعيب أرميل والي الأمن، باللغة الفرنسية، تحت عنوان “الجريمة المعلوماتية أو المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة للإعلام والاتصال” وهو بجد مصدر في الحقل. الفضاء التدويني يلزمه العديد من الحوار بين كل الفاعلين بالميدان لتقنينه. وإلى أن يقنن الحقل يجب على المدون الناجح أن يحترم الأديان والأشخاص ويقدر المسئولية الملقاة على عاتقه. واعلم أخي المبتدئ أن المدون الناجح هو الذي يزن الكلمة بميزان العقل والنقل، ويستحضر قاعدة المصالح والمفاسد عند اجتماعها. احترم نفسك يحترمك الآخرون وقدر المسؤولية واعلم أن انعدام الرقيب ليس مبررا لكتابة أي شيء. هناك حرية في الفضاء يجب استغلالها بشكل جيد وخطوات بسيطة يجب التعامل معها بحكمة وبيئة تدوينية مغربية يجب عليك اختراقها لتصبح من بين مكوناتها، وكن على يقين أنك يمكن أن تكتب اسمك بالتدوين المغربي في 10 أيام.