أحال المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان جميع طلبات العفو، التي توصل بها من معتقلي السلفية الجهادية عن طريق منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، إلى مصالح وزارة العدل للنظر فيها. ووفقا لمصادر من المتعقلين، فإن عدد الطلبات التي توصل بها المجلس تناهز 130 طلبا. من جهة أخرى، وصف معتقلو السلفية الجهادية الحكمين الآخرين اللذين صدرا في حق حسن الكتاني وأبو حفص بكونهما يندرجان في إطار الضغط على شيوخ هذا التيار المعتقلين على ذمة أحداث 16 ماي من أجل كتابة رسائل العفو والاعتراف الضمني بأخطائهم، وهو ما يرفضه هؤلاء جملة وتفصيلا. وحسب مصادر مقربة من المعتقلين، فقد سبق للشيخين محمد الفيزازي وعمر الحدوشي أن رفضا توجيه رسالة إلى الملك محمد السادس، بعد طلب من مندوبية السجون، يضمنانها اعترافهما بخطئهما، لكن الشيخين تمسكا بكون ديباجة أي رسالة في هذا الصدد سيكون اعترافا ضمنيا بكونهما مذنبين، وهو ما يعتبرانه غير صحيح. واستنادا إلى المصادر ذاتها، فإن الدولة جربت لحد الآن، في إطار سعيها إلى حل هذا الملف، عدة طرق متباينة تجمع ما بين الترغيب والترهيب، حيث يتم تسريب أنباء بين الفينة والأخرى عن إمكانية استفادة بعض المعتقلين من العفو الملكي خلال مناسبة عيد العرش القادم. لكن هذه التطمينات سرعان ما تتلوها لغة التصعيد والضغط عبر استمرار أجهزة الأمن في تفكيكها عدد من الخلايا باعتبارها امتدادا لتيار السلفية الجهادية، كما هو الشأن بالنسبة إلى خلية المرابطين الجدد التي أعلن عن تفككيها مؤخرا، والتي ينحدر أفرادها من الأقاليم الجنوبية. استمرار لعبة شد الحبل بين معتقلي السلفية الجهادية والدولة يأخذ أبعادا متعددة حيث كشف شقيق حسن الكتاني، الذي أيدت المحكمة سجنه ب20 سنة على ذمة أحداث 16 ماي أن شقيقه يجد تعاطفا من طرف مسؤولين كبار في الدولة، منهم مستشارون للملك ووزراء في حكومة عباس الفاسي. ورغم ذلك، يضيف حمزة الكتاني في تصريح ل«المساء» صدموا بصدور الحكم الأخير الذي جاء مخالفا لكل التوقعات ولكل الوعود التي تلقوها بحل هذا الملف خلال فترة المحاكمة. ويرى يوسف بلال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني، أن تباين مواقف الدولة بخصوص التعاطي مع ملف معتقلي السلفية الجهادية ما بين فسح باب الأمل من قبل وزارة الداخلية وتشدد الأجهزة الأمنية والقضائية في التعاطي مع الملف مرتبط بطبيعة تيار السلفية الجهادية باعتباره ليس تنظيما موحدا، بل هو تيار مختلف المشارب يصعب ضبطه أو التكهن بما سيؤول إليه، كما أن التنافس المحموم بين الشيوخ ومريدي التيار الذين يصعب ضبطهم، يجعل من الصعب على أي جهة معينة أن تضمنهم أو تتحمل مسؤولية ما سيقومون به بعد الإفراج عنهم. الدولة من جانبها، يشير بلال في تصريح ل«المساء»، تريد ضمانات حتى تتجنب ما وقع في الماضي وحتى لا تسمح لهذا التيار بالعودة إلى ما اقترفه. كما يميز منظور الدولة لملف السلفية الجهادية، يوضح أستاذ العلوم السياسية، ما بين أعضاء هذا التيار، فالمعتقلون الذين أدينوا بعد أحداث 16 ماي ليسوا نفس العينة التي أدينت فيما بعد أو قبل ذلك الزمن فهناك تيار داخل الدولة يبرز، يوسف بلال، يؤمن بحل هذا الملف عبر باب الحوار عن طريق دفع المعتقلين إلى التراجع عن أفكارهم قبل معالجة ملفاتهم على المستوى القانوني، في حين ينتصب طرف آخر يدعو إلى مزيد من التشدد معهم. ويبقى مقترح الدولة على المعتقلين الذي يشترط الاعتراف بالخطأ ومراجعة الأفكار والتوبة عما اقترفوه بمثابة العقدة التي ينبغي حلها