خلدت جمعيات حقوقية إسبانية، مساء يوم أول أمس، ذكرى غرق 15 مهاجرا من دول جنوب الصحراء، بعضهم بمياه المغرب، وآخرون بشاطئ سبتة، أثناء محاولة دخولهم المدينة. وانطلق أكثر من 300 محتج في «مسيرة من أجل الكرامة»، من مركز إيواء المهاجرين غير الشرعيين بسبتة، إلى غاية السياج الحدودي البحري، الذي كان مسرحا لغرق 15 مهاجرا إفريقيا غير شرعي، فيما انضم إلى المسيرة مواطنون إسبان ومغاربة، رافعين شعارات من قبيل «لا وجود لإنسان غير شرعي»، وأخرى تطالب بالعدالة، ومعاقبة المسؤولين عن الفاجعة، من بينهم عناصر من الأمن والحرس المدني الإسباني، حيث ثبت عبر تسجيلات مرئية إطلاقهم 145 رصاصة مطاطية، و5 قنابل مسيلة للدموع في وجه الأفارقة وهم في عرض البحر، خلال محاولتهم الوصول إلى ساحل سبتة. وارتفع عدد المحتجين إلى 450 مشارك، حيث تم وضع نصب تذكاري بالشاطئ تخليدا للذكرى الأليمة، كما تم الوقوف دقيقتين صمتا ترحما على أرواحهم، قبل أن تطلق بالونات هوائية في سماء ساحل «تاراخال»، ترمز لعدد القتلى الأفارقة. ورافقت عناصر الشرطة والاستعلامات الإسبانية «مسيرة الكرامة» طوال التسعة كيلومترات الفاصلة بين مركز إيواء المهاجرين والشاطئ الحدودي، فيما كان المحتجون يقذفونهم بشعارات قوية منددة بالحصانة التي يتمتع بها رجال الأمن، في إشارة منهم إلى عدم محاكمة بعضهم بخصوص مقتل الأفارقة. وجاءت مسيرة الكرامة الإسبانية، يوما بعد إعلان المحامية الإسبانية باتريثيا فيثينس، بضرورة إعادة التحقيق في مقتل المهاجرين ال 15، سيما وأن قاضي المحكمة العليا الإسبانية، فرناندو أندريو، رفض البت في الملف بعلة عدم الاختصاص، حيث قرر إعادة الملف إلى محكمة سبتة. وأكد قاضي المحكمة الإسبانية العليا أن «تصرفات الحرس المدني كانت فوق الأراضي الإسبانية، ولا أحد يشكك في هذا الأمر»، لكنه يضيف بأنه «لا يمكن أن يؤكد بحزم أن ما قام به هؤلاء كان هو سبب وفاة المهاجرين». وتلا المشاركون في مسيرة ذكرى تخليد وفاة المهاجرين الأفارقة، بيانا يندد بالسياسة الإسبانية المتشددة ضد المهاجرين، مطالبين بتغيير سياسة الهجرة، وسحب السياج الحدودي الشائك، مثلما أكدوا على أن إطلاق الرصاص المطاطي في وجه المهاجرين جريمة في حد ذاتها وبمثابة حكم إعدام صادر في حقهم، كما طالبوا بالتوقف عن الضغط على المغرب من أجل قيامه بدور دركي أوربا. وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد أدان انتهاكات إسبانيا لحقوق المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين، كما طالب الحكومة الإسبانية، في مذكرة صادرة عنه، بتقديمها، عاجلا، توضيحات بخصوص إعادة المهاجرين الأفارقة إلى المغرب رغم وصولهم إلى تراب كل من مدينتي سبتة ومليلية، وهو ما يطلق عليه ب «الإعادة السريعة». وطالبت مذكرة لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان من إسبانيا بتقديمها توضيحات حول مقتل 15 شخصا خلال شهر فبراير الماضي، وتعنيف عناصرها الأمنية لمهاجرين أفارقة خلال محاولتهم اجتياز السياج الحدودي الشائك، بالإضافة إلى سوء معاملة المهاجرين غير الشرعيين داخل مراكز الإيواء الخاصة بهم بالمدينتين نفسيهما. وطالبت الهيئة الحقوقية الأممية من حكومة ماريانو راخوي، بمدها بتقرير مفصل حول كل هذه الانتهاكات التي طالت حقوق المهاجرين غير الشرعيين، وذلك خلال الاجتماع الدوري السادس بهيئة الأممالمتحدة المزمع عقده خلال شهري يونيو أو يوليوز المقبلين، من أجل وضع تقييم تفصيلي دولي لمدى احترام إسبانيا لمواثيق حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا. وعبرت لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان عن استيائها الشديد لوفاة15 مهاجرا إفريقيا بمعبر «باب سبتة» عن الجانب الإسباني المعروف ب «طاراخال»، واستخدام عناصر الأمن الإسباني والحرس المدني القوة المفرطة ضد المهاجرين، حيث طالبت اللجنة الأممية الحكومة التعليق على تلك الممارسات التي، حسبها، «تمثل انتهاكات حقوق الإنسان خلال عملية طرد الأجانب، والعديد من عمليات الترحيل والإعادة لا تتماثل مع إجراءات قوانين الهجرة المعمول بها».