ماكرون في المغرب: بين خطاب الملك وتقرير غوتيرس    جامعة حماية المستهلك تطالب بفرض عقوبات على المخالفين في استيراد اللحوم    دوري أبطال آسيا.. رحيمي ينال أفضل تنقيط في مباراة الهلال    بعد خضوعه لعملية جراحية.. عميد سان داونز زواني يغيب عن مواجهتي الجيش والرجاء في دوري الأبطال    إثيوبيا تعلن ترشحها لتنظيم كأس الأمم الإفريقية 2029    كيوسك الثلاثاء | الحكومة تخصص 40 مليار درهم للحفاظ على القدرة الشرائية    الأولمبياد الإفريقية في الرياضيات.. الذكاء المنطقي الرياضي/ تتويج المغرب بالذهبية/ تكوين عباقرة (ج2) (فيديو)    الصادرات المغربية.. تحسن تدريجي في المحتوى التكنولوجي    أسعار الذهب تواصل الارتفاع وسط حالة من عدم اليقين    الصحراء المغربية.. غوتيريش يعرب عن قلقه إزاء عرقلة الجزائر للعملية السياسية    المختصون التربويون يطالبون بتوفير مكاتب خاصة ومختبرات مدرسية مجهزة    فتح 1154 من أصل 1217 مسجدا متضررا من زلزال الحوز        كوريا الشمالية تنفي دعم روسيا بجنود    محكمة ورزازات تدين رئيس جماعة ورزازات بالحبس النّافذ والغرامة    توقع بلوغ عجز الميزانية 58.2 مليار درهم خلال سنة 2025    إسرائيل تتهم حزب الله بإخفاء ملايين الدولارات والذهب في مستشفى ببيروت    الجهوية المتقدمة...    التجارة الدولية في المغرب ..    حوار حول الصحراء المغربية...    طفيليو الأعراس والمآتم بالمغرب    رحيل الفنان حميد بنوح    النموذج المغربي في "إدماج الإسلاميين" يحصد إشادة واسعة في منتدى أصيلة    على مرأى الشجر والحجر والبشر والبحر    وهي جنازة رجل ...    رحيمي: خسرنا 3 نقاط وليس نهائي البطولة    أمريكا.. نتائج استطلاعات الرأي متقاربة بين هاريس وترامب قبل أسبوعين من الاقتراع    غوتيريش يؤكد على دور الجزائر كطرف رئيسي في النزاع حول الصحراء المغربية    مقتل يحيى السنوار يغير قيادة "حماس" .. "لجنة خماسية" تتولى إدارة الحركة    المغرب وفرنسا.. نحو شراكة جديدة بمنطق رابح-رابح وأبعاد إقليمية موسعة    قيس سعيد يؤدي اليمين الدستورية لولاية ثانية في رئاسة تونس    امطار رعدية مرتقبة بالريف خلال هذا الاسبوع    وفاة زعيم حركة الخدمة في تركيا فتح الله كولن    اعتقال سيدة اعتدت بالسلاح الابيض على تلميذة بطنجة    باريس سان جيرمان يقترب من حسم تجديد عقد عميد الأسود أشرف حكيمي        المغرب يهزم غانا في "كان الشاطئية"    جمهور الجيش الملكي ممنوع من حضور الكلاسيكو أمام الرجاء    عرض ما قبل الأول لفيلم "وشم الريح" للمخرجة ليلى التريكي    نقابيو "سامير" يعتصمون للمطالبة باسترجاع حقوق العمال وإنقاذ الشركة من التلاشي    نقل الفنان محمد الشوبي إلى العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية    كيف يمكن تفادي الموت المفاجئ لدى المراهقين خلال النشاطات الرياضية؟"…أخصائي القلب يجيب "رسالة24"    هذه هي المكملات الغذائية التي لا يجب تناولها معاً    من هم اللاعبون المغاربة أكثر دخلا في إسبانيا … ؟    حوار مع مخرج "مذكرات" المشارك في المهرجان الوطني للفيلم        "أنوار التراث الصوفي بين الفكر والذكر" شعار مهرجان سلا للسماع والتراث الصوفي    انتشار مرض الكيس المائي الطفيلي بإقليم زاكورة..    البنك الدّولي يتوقع انخفاظ نسبة النموٌّ في المغرب إلى 2.9% في عام 2024    دوليبران.. لم تعد فرنسية وأصبحت في ملكية عملاق أمريكي    ارتفاع تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان إلى أرقام قياسية    كشف مجاني لمرضى بالقصر الكبير    طنجة .. لقاء أدبي يحتفي برواية "الكتاب يخونون أيضا" لعبد الواحد استيتو وخلود الراشدي    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توظيف منصب رئيس الجماعة الترابية في الانتخابات البرلمانية.. نموذج جهة الغرب الشراردة بني حسن 2/2
نشر في المساء يوم 11 - 01 - 2015


الجماعة القروية عامر السفلية:
- أما الاتحاد الدستوري فقد كان أكثر دهاء، حيث قدم لائحة تتكون من ثلاثة رؤساء جماعات، واضعا كوكيل للائحته رئيس الجماعة القروية عامر السفلية، ورئيس الجماعة القروية بنمنصور كوصيف، ثم رئيس الجماعة القروية سيدي امحمد بنمنصور ثالثا في اللائحة. ولم يكن هذا الاختيار اعتباطيا، بل كان نابعا من رؤية تأخذ البينة من الواقع السياسي لهذه الدائرة، وكذا من العوامل التي تساهم في صنع الخريطة الانتخابية، وخاصة ما يتعلق بالعامل القبلي. فعندما قدم هذا الحزب بنمنصور وسيدي امحمد بنمنصور ضمن لائحته فذلك إدراكا منه أن هاتين الجماعتين، اللتين يتشكل جزء كبير من ترابهما من قبيلة المناصرة، كانتا في المحطات البرلمانية السابقة تشكلان قلعة لمرشح الحزب الليبرالي سنة 2002 والذي أعاد ترشيح نفسه في انتخابات 2007 باسم الاتحاد الدستوري، وبالتالي فإن هذا الحزب كان يدرك تمام الإدراك أن مرشح التقدم والاشتراكية يشكل خصما حقيقيا انطلاقا من الأصوات التي يحصل عليها في منطقة المناصرة على الخصوص؛ لهذا سعى الحزب إلى وضع خطة انتخابية تقوم على محاصرته داخل قلعته الانتخابية (أي قبيلة المناصرة) من خلال تقديم مرشحين لا ينتمون إلى نفس القبيلة فقط، بل لهم أيضا حضور متميز داخلها باعتبارهم رؤساء جماعات وما لذلك من دور في استمالة أصوات سكانها. وهكذا، فإن ما حصلت عليه لائحة الحصان من أصوات بلغ 8707 صوتا، منها 2555 صوتا بالجماعة القروية عامر السفلية، أي ما يمثل نسبة 29,34 % من مجموع ما حصلت عليه اللائحة و24,2 % من مجموع المسجلين بالجماعة القروية عامر السفلية. وفي الجماعتين القرويتين بنمنصور وسيدي امحمد بنمنصور حصدت اللائحة 1635 صوتا، أي ما يمثل نسبة 19,00 % من مجموع أصوات اللائحة. وقد بلغ مجموع ما حصلت عليه لائحة الحصان في الجماعات القروية الثلاث المذكورة 4190 صوتا، أي ما يمثل نسبة 48,12 % من كل الأصوات التي حصدتها اللائحة في الدائرة الانتخابية القنيطرة. وبهذه النتائج، جاءت في المرتبة الأولى الجماعة القروية عامر السفلية التي يرأس مجلسها القروي وكيل لائحتها، وفي المرتبة الثالثة الجماعتان بنمنصور وسيدي امحمد بنمنصور. وقد سبق لهذا المرشح أن فاز في الانتخابات التشريعية لسنة 2002 باسم الحزب الليبرالي المغربي ب12482 صوتا، جزء كبير من هذه الأصوات حصل عليه بالجماعة القروية بنمنصور. وفي الانتخابات التشريعية لسنة 2007، أعيد انتخابه في البرلمان باسم الاتحاد الدستوري، حيث حصل بالجماعة القروية بنمنصور وحدها على 9025 صوتا، أي ما يمثل نسبة 76 % من بين 11920 صوتا معبرا عنها داخل هذه الجماعة. وقد أعطت الخطة التي نهجها الاتحاد الدستوري، والتي كانت تنطلق بذكاء انتخابي من محاصرة مرشح التقدم والاشتراكية الذي لم يحصل سوى على 5376 صوتا. هذا العدد لا يمثل سوى 43 % من مجموع الأصوات التي حصل عليها هذا المرشح في الانتخابات التشريعية 2002؛ وهذا يعني أن هذا المرشح كان موضوع منافسة شديدة داخل قبيلته، وخاصة من طرف حزب العدالة والتنمية الذي احتل المرتبة الثانية ب2132 صوتا وحزب الاتحاد الدستوري الذي حصل على 1635 صوتا. من جهة أخرى ومن خلال رصدنا لعدد الأصوات التي حصل عليها كل من مرشح الاتحاد الدستوري ومرشح الأصالة والمعاصرة ومرشح التقدم والاشتراكية في باقي الجماعات، سواء كانت قروية أو حضرية، فإننا نلاحظ أنها تبقى ضعيفة جدا اللهم إذا استثنينا ما حصل عليه الاتحاد الدستوري داخل مدينة القنيطرة.
- فبالنسبة إلى وكيل لائحة الاتحاد الدستوري، فإن عدد الأصوات التي حصل عليها في عدد من الجماعات القروية، القريبة من الجماعة التي يرأس مجلسها الجماعي، كان ضعيفا جدا ولا يعكس أي امتداد سياسي للحزب داخل الجماعات المجاورة، فقد حصل في الجماعة القروية اولاد اسلامة على 553 صوتا وفي جماعة المكرن على 186 صوتا وفي جماعة المناصرة على 54 صوتا وفي جماعة الحدادة على 29 صوتا.
- أما داخل المجال الحضري، وكما أشرنا إلى ذلك سابقا، فقد حصلت لائحة الحصان على 2735 صوتا بمدينة القنيطرة، مما جعلها تحتل المرتبة الرابعة، لكنها في مهدية حصلت على 16 صوتا فقط من مجموع المسجلين في هذه المدينة والبالغ عددهم 9159 ناخبا.
ترشح رئيس الجماعة الترابية إلى البرلمان.. هل يخدم الديمقراطية؟
إن انتشار ظاهرة الجمع ما بين رئاسة المجلس الجماعي والعضوية في البرلمان كان موضوع انتقادات واسعة ومعارضة شديدة من طرف العديد من المهتمين والفاعلين في الحقل السياسي المغربي، من مجتمع مدني ونخب سياسية وثقافية، لعدة اعتباراتٍ، من أهمها:
- أن العديد من رؤساء الجماعات الترابية لا يتورعون عن توظيف وتسخير الإمكانات التي تتوفر عليها الجماعة التي يديرون شؤونها، سواء كانت مادية أو حتى بشرية في بعض الأحيان، في التأثير على الكتلة الناخبة التابعة للجماعة؛ وبذلك فإن منصب رئيس الجماعة يوفر فرصا قوية للمرور إلى البرلمان، إذ إن نسبة مهمة من البرلمانيين بالغرفتين، الأولى والثانية يرأسون مجالس منتخبة، وخاصة الجماعية منها، حيث تشكل هذه المجالس قاعدة انتخابية لهؤلاء، يراهنون عليها كثيرا في الانتخابات البرلمانية؛ ففي البرلمان السابق (2009)، كان البرلمانيون الرؤساء لجماعات محلية يشكلون نسبة 35,69 % (لزعر عبد المنعم: ظاهرة الجمع بين الانتدابات الانتخابية وتجلياتها في الممارسة البرلمانية المغربية. المجلة العربية للعلوم السياسية العدد 30 ربيع 2011).
- أن الجمع ما بين رئاسة جماعة ترابية والبرلمان يغلق الباب في وجه النخب الجديدة ويحول دون إمكانية تحملها المسؤولية في تدبير الشأن المحلي، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الجهوي أو التشريعي؛ فإذا كانت نتائج الانتخابات التشريعية ل25 نونبر 2011 قد أبانت، على المستوى الوطني، أن نسبة المترشحين الجدد قد بلغت في عموم تراب المملكة نسبة 87,57 %، فإنها لم تتجاوز 45,71 % في جهة الغرب الشراردة بني حسن، أي بفارق حوالي 42 نقطة. وفي المقابل، فإن وكلاء اللوائح الذين أعيد ترشيحهم لا يمثلون على المستوى الوطني سوى نسبة 12,43 %، بينما يرتفع هذا المعدل في جهة الغرب الشراردة بني حسن إلى 46,66 %، وبالتالي فإن عدد الذين أعيد انتخابهم وصل إلى ستة من بين 14 لائحة (أسفرت عن نجاح 15 نائبا برلمانيا)، موزعين ما بين وكيلي لائحتين في كل من الدائرة الانتخابية القنيطرة والدائرة الانتخابية سيدي قاسم، وواحد عن كل من الدائرتين الانتخابيتين سيدي اسليمان والغرب (نتحدث هنا عن اللائحة المحلية).
- تكشف الأرقام الخاصة بالانتخابات التشريعية في جهة الغرب الشراردة بني حسن، والتي سبق أن أشرنا إلى بعضها، أن تسعة برلمانيين من بين خمسة عشر يمثلونها في الغرفة الأولى هم رؤساء جماعات ترابية، أي ما يمثل 60 %. كما أنه من بين 70 لائحة تقدمت لخوض الانتخابات التشريعية ل25 نونبر 2011 بلغ عدد رؤساء الجماعات فيها 21 رئيسا تقدموا كوكلاء لوائح، أي ما يمثل 30 %. وإذا أضفنا إلى هذا العدد رؤساء الجماعات الذين تقدموا ضمن اللوائح المقدمة كوصيف لائحة أو كثالث على اللائحة، فإن هذا العدد سيرتفع إلى 32 رئيسا، أي ما يمثل نسبة 45,71 %. إذا كانت هذه المعطيات تعكس الأهمية التي يوليها المترشحون للانتخابات البرلمانية على الخصوص باعتبارها تشكل قاعدة انتخابية لهم، فإنها في نفس الوقت لا تجعل باقي المترشحين على قدم المساواة ولا تسمح بتكافؤ الفرص في خوض معركة الانتخابات. لهذا فإن مقترح مشروع مسودة القانون التنظيمي الجديد للجماعات الترابية، الذي صاغته وزارة الداخلية في الآونة الأخيرة وأحالته على رؤساء الأحزاب السياسية لإبداء الرأي فيه، نص في مادته ال60 على أنه "تتنافى مهام رئيس مجلس الجماعة مع مهام رئيس مجلس جماعة ترابية أخرى أو مهام رئاسة غرفة مهنية"، مضيفا أنه "في حالة الجمع ما بين هذه المهام المتنافية، يعتبر المعني بالأمر مستقيلا بحكم القانون من أول رئاسة انتخب لها". كما تنص نفس المادة في فقرتها الثانية على أنه "تتنافى مهام رئيس مجلس الجماعة مع صفة عضو في مجلس النواب أو في مجلس المستشارين أو في الحكومة. وفي حالة الجمع بينهما يستقيل من أحدهما". هذا المقترح لقي معارضة شديدة من قبل عدد من البرلمانيين بالنظر إلى أن المجالس الجماعية تشكل قاعدة انتخابية لهم في الانتخابات التشريعية، كما يمكنهم في نفس الوقت تسخير إمكانيات هذه الجماعات في حملاتهم الانتخابية.
في ظل هذا الوضع الذي يتسم بتباين المواقف وتضارب المصالح، فمن المنتظر أن تشهد الأيام المقبلة نقاشا حادا داخل قبة البرلمان بين أنصار الجمع ما بين التمثيليات الانتخابية، من جهة، وما بين المنادين والمطالبين بفتح المجال أمام كفاءات جديدة في إطار تجديد النخب، من جهة ثانية؛ فإلى أي حد ستصمد مسودة القانون التنظيمي المطروحة على النقاش أمام تمسك عدد كبير من البرلمانيين الذين يجدون في الجمع ما بين التمثيليات ما من شأنه أن يعبد الطريق للفوز بالمقعد البرلماني؟
عبد الله صدقي بطبوطي
* باحث في إعداد التراب والتنمية المحلية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.