الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الاتحاد الاشتراكي
الأحداث المغربية
الأستاذ
الاقتصادية
الأول
الأيام 24
البوصلة
التجديد
التصوف
الجديدة 24
الجسور
الحدود المغربية
الحرة
الدار
الرأي المغربية
الرهان
السند
الشرق المغربية
الشمال 24
الصحراء المغربية
الصحيفة
الصويرة نيوز
الفوانيس السينمائية
القصر الكبير 24
القناة
العرائش أنفو
العلم
العمق المغربي
المساء
المسائية العربية
المغرب 24
المنتخب
النخبة
النهار المغربية
الوجدية
اليوم 24
أخبارنا
أخبار الجنوب
أخبار الناظور
أخبار اليوم
أخبار بلادي
أريفينو
أكادير 24
أكورا بريس
أنا الخبر
أنا المغرب
أون مغاربية
أيت ملول
آسفي اليوم
أسيف
اشتوكة بريس
برلمان
بزنسمان
بوابة القصر الكبير
بوابة إقليم الفقيه بن صالح
أزيلال أون لاين
بريس تطوان
بني ملال أون لاين
خنيفرة أون لاين
بوابة إقليم ميدلت
بوابة قصر السوق
بيان اليوم
تازا سيتي
تازة اليوم وغدا
تطاوين
تطوان بلوس
تطوان نيوز
تليكسبريس
تيزبريس
خريبكة أون لاين
دنيابريس
دوزيم
ديموك بريس
رسالة الأمة
رياضة.ما
ريف بوست
زابريس
زنقة 20
سلا كلوب
سوس رياضة
شباب المغرب
شبكة أندلس الإخبارية
شبكة دليل الريف
شبكة أنباء الشمال
شبكة طنجة الإخبارية
شعب بريس
شمال بوست
شمالي
شورى بريس
صحراء بريس
صوت الحرية
صوت بلادي
طنجة 24
طنجة الأدبية
طنجة نيوز
عالم برس
فبراير
قناة المهاجر
كاب 24 تيفي
كشـ24
كود
كوورة بريس
لكم
لكم الرياضة
لوفوت
محمدية بريس
مراكش بريس
مرايا برس
مغارب كم
مغرب سكوب
ميثاق الرابطة
ناظور برس
ناظور سيتي
ناظور24
نبراس الشباب
نون بريس
نيوز24
هبة سوس
هسبريس
هسبريس الرياضية
هوية بريس
وجدة نيوز
وكالة المغرب العربي
موضوع
كاتب
منطقة
Maghress
جلالة الملك محمد السادس يترأس جلسة عمل خصصت لموضوع مراجعة مدونة الأسرة
توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء
أخبار الساحة
الأزمي: لشكر "بغا يدخل للحكومة على ظهرنا" بدعوته لملتمس رقابة في مجلس النواب
الدار البيضاء.. توقيف المتورط في ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة
تقديم «أنطولوجيا الزجل المغربي المعاصر» بالرباط
أجماع يعرض جديد حروفياته بمدينة خنيفرة
في الحاجة إلى تفكيك المفاهيم المؤسسة لأطروحة انفصال الصحراء -الجزء الثاني-
تقديم العروض لصفقات بنك المغرب.. الصيغة الإلكترونية إلزامية ابتداء من فاتح يناير 2025
أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا لثلاثة أيام مع أسبوع غضب
بووانو: حضور وفد "اسرائيلي" ل"الأممية الاشتراكية" بالمغرب "قلة حياء" واستفزاز غير مقبول
بمناسبة رأس السنة الأمازيغية.. جمهور العاصمة على موعد مع ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط
فيديو "مريضة على نعش" يثير الاستياء في مواقع التواصل الاجتماعي
المغرب-الاتحاد الأوروبي.. مرحلة مفصلية لشراكة استراتيجية مرجعية
الكرملين يكشف حقيقة طلب أسماء الأسد الطلاق ومغادرة روسيا
محمد صلاح: لا يوجد أي جديد بشأن مُستقبلي
تعيين مدرب نيجيري لتدريب الدفاع الحسني الجديدي لكرة الطائرة
النفط يرتفع مدعوما بآمال تيسير السياسة النقدية الأمريكية
أسعار اللحوم الحمراء تحلق في السماء!
نادي قضاة المغرب…تعزيز استقلال القضاء ودعم النجاعة القضائية
غضب في الجارة الجنوبية بعد توغل الجيش الجزائري داخل الأراضي الموريتانية
الجزائريون يبحثون عن متنفس في أنحاء الغرب التونسي
بنما تطالب دونالد ترامب بالاحترام
نيسان تراهن على توحيد الجهود مع هوندا وميتسوبيشي
سوس ماسة… اختيار 35 مشروعًا صغيرًا ومتوسطًا لدعم مشاريع ذكية
"سونيك ذي هيدجهوغ 3" يتصدر ترتيب شباك التذاكر
تواشجات المدرسة.. الكتابة.. الأسرة/ الأب
تولي إيلون ماسك لمنصب سياسي يُثير شُبهة تضارب المصالح بالولايات المتحدة الأمريكية
أبرز توصيات المشاركين في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بطنجة
تنظيم كأس العالم 2030 رافعة قوية نحو المجد المغربي.. بقلم / / عبده حقي
شكاية ضد منتحل صفة يفرض إتاوات على تجار سوق الجملة بالبيضاء
تصنيف التنافسية المستدامة يضع المغرب على رأس دول المغرب العربي
إعلامية فرنسية تتعرض لتنمر الجزائريين بسبب ارتدائها القفطان المغربي
إدريس الروخ يكتب: الممثل والوضع الاعتباري
السلطات تمنع تنقل جماهير الجيش الملكي إلى تطوان
شركة Apple تضيف المغرب إلى خدمة "Look Around" في تطبيق آبل مابس.. نحو تحسين السياحة والتنقل
الموساد يعلق على "خداع حزب الله"
أنشيلوتي يشيد بأداء مبابي ضد إشبيلية:"أحيانًا أكون على حق وفترة تكيف مبابي مع ريال قد انتهت"
حكيم زياش يثير الجدل قبل الميركاتو.. الوجهة بين الخليج وأوروبا
معهد "بروميثيوس" يدعو مندوبية التخطيط إلى تحديث البيانات المتعلقة بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة على على منصتها
كيوسك الإثنين | إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار
شركات الطيران ليست مستعدة للاستغناء عن "الكيروسين"
مواجهة نوبات الهلع .. استراتيجية الإلهاء ترافق الاستشفاء
إنقاذ مواطن فرنسي علق بحافة مقلع مهجور نواحي أكادير
خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة
لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد
دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم
أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)
للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)
حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله
عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة
توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"
توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
الموضة
المساء
نشر في
المساء
يوم 07 - 12 - 2014
سعد سرحان
ذات مرة، دخلت إحدى تلميذاتي إلى الفصل وهي ترتدي أسمالا حقيقية. الفتاة من أسرة ميسورة، بدليل ملابسها السابقة، وهو الأمر الذي لم يفاقم من دهشتي بقدرما فعل عدم استغراب أي من زملائها ما آلت إليه. قلت مع نفسي: لا بد أن حدثا جللا، لا بد أن طارئا رهيبا، أو لا بد أن ارحموا عزيز قوم ذل. ثم قررت أن أتحاشى النظر إليها طيلة الحصة، وهو القرار الذي نقضته مع أول التفاتة. كانت تلميذتي، رغم مصابها، تتصرف بشكل عادي طيلة أطوار الدرس. ولقد أبدت رباطة جأش تحسد عليها حين طلبت أن تقوم إلى السبورة لإنجاز أحد التمارين التطبيقية. ولكي لا أجعل منها عارضة أسمال فوق مصطبة الفصل، اخترت تلميذا آخر. حين دق الجرس، أشرت إليها أن انتظري قليلا، حتى إذا خلا الفصل تقدمت نحوها وجعلت أسرد عليها كل العبارات التي كنت قد أعددتها فيما كان التلاميذ ينقلون الدرس في دفاترهم، فقلت لها مثلا: سبحان مبدل الأحوال، ومن لم يخرج من الدنيا لم يخرج من عواقبها، ودوام الحال من المحال.. و.. و.. ومع مطلع رثاء الأندلس لأبي البقاء الرندي كانت ديباجتي قد وصلت إلى ذروة السخافة، وهو ما أحسست به حين تعمدت تلميذتي النظر إلى ساعتها. ساعتها، لملمت ارتباكي وقلت بما يكفي من الجد: اسمعي، باختصار أنا مستعد لاصطحابك إلى أي محل تشائين لأشتري لك ملابس أخرى تغنيك عن هذه الأسمال، فقاطعتني ضاحكة: هذه ليست أسمالا، هذي حوايج لاموض آمسيو... هكذا أسقط في يد مسيو، مسيو الذي هو أنا طبعا. وكان أن نظر مسيو إلى ملابسه، فإذا هي ركيكة جدا إذ لا أثر فيها لبلاغة الموضة.
وفي مرة أخرى، جاء أحد تلامذتي بملابس ملطخة بالصباغة من كل لون. ولكم أشفقت لحاله ولعنت في نفسي ضيق ذات اليد وهذا الزمن الذي لا يرحم، فكيف سيوِّفق الولد بين الدراسة وورشة الصباغة حيث يعمل؟ وهل يعقل أن يكون والداه، في حالة عدم عوزهما، قد اقتنعا بأن المدرسة لم تعد طريقا سالكا إلى المستقبل فعبّدا أمام الابن طريقا موازيا؟ مهما يكن من أمر، فقد قررت أن أساعد الولد بأن أعطيه ما يتقاضاه من مشغله حتى نهاية السنة الدراسية على الأقل. ولهذه الغاية استبقيته في آخر الحصة. لكن، ما إن فاتحته في الموضوع، أنا الذي لا أرعوي، حتى لدغت من نفس الجحر.
وفي مرة ثالثة، حضر أحد تلاميذي من ذوي البنية المحترمة وقد حلق رأسه حلاقة خفيفة جدّا أسفرت عن ندبة مقوسة في مقدمة رأسه جعلته يبدو شرسا. وحين سألته عن الأمر، طمأنني بأنها ندبة اصطناعية وأن الهدف منها هو ما حدث معي بالضبط. وتجميل القبح هذا يذكرني ببعض زعران حومتنا القديمة، فقد كانوا يسمون الندبة على الخد "حفرة الزين" كما كانوا يستقبلون الخارج للتو من السجن على أنه "عائد من هولندا"؛ فشكرا للغة، شكرا لمَكْرها تحديدا.
في حينا القديم، كانت إحدى المتسولات تمر كل صباح لتستجدي الخبز اليابس (كان ذلك تخصصها). لقد حاولت مرارا أن أفهم لماذا، كما حاولت تكرارا أن أسألها، سوى أني لم أستطع أبدا. ولقد علمت بعد ذلك بكثير أن ساعية حومتنا إنما هي واحدة من سعاة كثيرين يجمعون الخبز اليابس لفائدة شركات ذكية تخضعه لعمليات تجميل دقيقة (من الدقيق طبعا) يخرج بعدها في طبعة مزيدة ومنقحة فإذا هو بسكويت. وللإنصاف، فما تقوم به هذه الشركات هو عمل بيداغوجي يمتح مباشرة من نظرية التغذية الراجعة (Feedback)؛ فالأولاد الذين يزهدون في خبز البيت هم أنفسهم الذين يحرنون أمام واجهات الدكاكين حيث الخبز إياه وقد تنكر في اسمه الجديد. إن عملية البَسْكَتة (لاحظوا الاسم Bis وcuit) أشبه ما تكون بالسحر، والقائمون عليها هم حواة حقيقيون؛ فبفضلها صار خبز أمي ينتهي نهاية سعيدة، إذ بدل أن يبلل وينثر للدجاج فوق سطح البيت، أصبح يحظى برفوف أنيقة في المتاجر الكبرى بعد أن تم تلفيفه (تلفيفه أم تلفيقه؟) في بريق حقيقي، كما أصبح الكثير من الأولاد يشهرونه في وجه جوعهم مع كل استراحة مدرسية.
وفي حينا القديم أيضا، كان يمر بين الفينة والأخرى أحد المشترين المتجولين طالبا من السكان أن يبيعوه ملابسهم البالية. ومع أن الكثير من الناس كانوا يعرضون عليه خرقا حقيقية، فإنه ما كان يعترض أو يتذمر، بل كان يقدر ثمنا لكل قطعة، وهو الثمن الذي يرتفع كلما كانت آثار الزمن ظاهرة؛ فالرجل كان يهوى الملابس العتيقة مثلما يهوى غيره الخمور المعتقة. وللتاريخ فقط، فقد كان يجد ضالته في دربنا بالذات حيث لا يعرضون عليه القميص إلا بعد أن يكون قد نشر على معظم أغصان شجرة العائلة. لقد كنت أقل جرأة من أن أسأل الرجل إلى أين يذهب بتلك الملابس (هل هي ملابس؟) ومع ذلك فلم أنتظر الجواب طويلا، إذ خلال تلك السنوات بدأ يتوافد على بلادنا قوم يقال لهم الهيبِّي، قدَّرت، ما إن رأيت أول أفواجهم، أن أسمالنا تنتهي عندهم. ولكم لُمت، بيني وبين نفسي، جيراننا شديدي الإملاق على تقاضيهم ثمنا لخِرَقهم، فهي أقل من صدقة وأولئك أقل من متسولين. وإليهم يرجع الفضل في إقناع الكثيرين بأن التخلف هو منتهى الحضارة، وهي القناعة التي انبرى لترويجها الآن شباب الموضة الذين لا يدرك معظمهم أن بلاده أسمال حقيقية إذا ما قورنت ببعض البلدان التي تشبه ملابس السهرات.
تكاد الموضة تكون العطار الذي يصلح ما أفسده الدهر، خبزا كان، ملابس، موسيقى... أو بشرا حتى. وإليها يرجع الفضل في امّحاء الخطوط الفاصلة بين الغنى والفقر، بين الشباب والشيخوخة، بين العافية والسقم، بين الجمال والقبح، بين العز والذل.. وليس أخيرا بين الفطنة والسذاجة: فكلما اجتهدت في الأولى نجحت في الثانية، فمن كانت في أسمال مهلهلة اتضح أنها أحد الأبناء البررة للموضة، ومن كان يرتدي ملابس ملطخة بالصباغة تبين أنه ابن عصره، عصر الصباغة أعني، وما حسبته تمزقا عند الركبة أو لطخة كان توقيع مصمم الأسمال. وعند هذه النقطة تحديدا، أدعوك أيها القارئ الكريم إلى الوقوف دقيقة صمت ترحما على مّي زهرة، فقد ماتت مغمورة (والأصح مغمومة) مع أن أبناءها كانوا يرتدون ملابس تحمل توقيعات في منتهى الموضة. تلك الملابس كانت تصفها أمي، أمد الله في عمرها، بكونها "كتعقل على جد النمل منين كان عتروس". وهي عبارة ثمينة قد ترفعها إحدى دور الأسمال شعارا لها أو توظفها في إشهار منتوجاتها؛ فالمؤكد تاريخيا أن جد النمل كان تيسا، لكن لا أحد يعرف أية ملابس كان الناس يرتدون في ذلك الزمن. ولقد نجحت في السذاجة مرة أخرى حين ظننتها متسولة خبز يابس تلك الممثلة المتنكرة لإحدى شركات البسكويت؛ أما الرجل الذي كان يشتري الخرق في حيّنا فقد أسفر عن أكثر من وجه، فمن قائل إنه كان عميلا للهيبيين وأضرابهم يبيعهم أسرارنا الكالحة، ومن قائل إن الرجل ذو نبوءة، فقد كان يعرف أن الملابس المحترمة سيدور عليها الزمان ويطوقها بملابس أكثر احتراما: الأسمال؛ أما بالنسبة إلي، فإنه ليس فقط ذا بعد نظر وإنما صاحب نظرية أيضا، فإذا كانت البسكتة تمتح من Feedback فإن الأسْمَلَة تمتح من توأمها السيامي Wearback وهي نظرية ذات حذافير، لذلك فقد وجدت من يطبقها بحذافيرها.
وبسبب امّحاء الخطوط الفاصلة، تعرضت غيرما مرة للحرج أمام نفسي.
فذات مرة عرض التلفزيون برنامجا يقطع القلب: على مصطبة طويلة وأمام جمهور يعاني من فائض الشفقة، كانت تمر تباعا فتيات لولا وقع كعوبهن لما كن ليظهرن على الشاشة لفرط نحولهن. ناديت على زوجتي: تعالي نتبرع. كنت قدَّرت أن إحدى الجمعيات الخيرية قد اكترت قليلا من التلفزيون لاستدرار عطف ورحمة المشاهدين بعرض تلك الفتيات المقطوعات من شجرة فعلا لا مجازا، فهن كأغصان ومنهن من ترتدي ورقتي توت. وحسب تقديري، فقد توقعت أن يختم البرنامج بإظهار أرقام الهواتف والعناوين التي على ذوي الأريحية الاتصال بها للتبرع. لكن زوجتي أفهمتني غير ذلك تماما. العجفاوات اللائي أشفقت عليهن وعزوت نحولهن الفادح إلى سوء التغذية والأمراض المزمنة، لم أعدم من يشرح لي أنهن في منتهى الصحة والعافية، بل إنهن نماذج للجمال بكل المقاييس بما فيها مقاييس المسطرة والبركار. ولأن الأمر تكرر معي فقد تقرر، وصدقت على مضض، فأنا وريث سلالة كانت تستوثر فراشها وهاهي الآن، جرَّاء الموضة، تنام ملء جفونها على أسرة من الأسلاك والنوابض. أما الفتيان الذين كانوا يرتادون المقهى مع صديقاتهم الكواعب، يسترقون إليهن اللمس ويتضاحكون حد السعال، فقد بدؤوا يموتون الواحد تلو الآخر. ولما أبديت أسفي على شبابهم قيل لي إنهم لم يكونوا شبانا بل شيوخا في أرذل العمر، وبسبب إكسير الموضة جعلوني مصابا بعمى الأعمار.
مرة، وأنا عائد إلى بيتي زوالا، صادفت مجموعة من الشباب، أبناء الذوات كما تشي به ملابسهم، فهم ينتعلون قطعا من الجلد أو البلاستيك، ويعتمرون قبعات كالحة ويرتدون سراويل ممزقة عند الركب، وبعضهم ملطخ بالصباغة من كل لون. قلت مع نفسي: لقد تم استلابهم، فالموضة تتقمصهم (أو يتقمصونها) من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين. ولقد تكررت مشاهدتي لهم أكثر من مرة قبل أن أعلم بأنهم يعملون في ورشة مجاورة للبناء يغادرونها زوالا لتناول ما يقيمون به أودهم. وإذا صح أنهم أثرياء كما قدرت في البداية فليس بسبب الموضة التي فرضت عليهم فرضا، وإنما بسبب أرصدتهم الهائلة في بنك القناعة التي يفنون أعمارهم في سبيل ألا تفنى.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
بني ملال: التسول أسهل طريقة للاسترزاق
الأسواق الواسعة والسراويل الضيقة
عودة الهيبي نص قصصي لعبد الواحد الزفري
عودة "الهيبّي"
عودة "الهيبي"
أبلغ عن إشهار غير لائق