اختارت المنشطة التلفزية إيمان عياد، في حصادها المغاربي لليلة الأربعاء 22/04/2009، على قناة الجزيرة القطرية، موضوع «الصوفية والعولمة» كقضية للنشرة، وذلك بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة لمهرجان فاس للثقافة الموسيقية، والذي اختير له هذه الدورة شعار: «إضفاء الروح على العولمة»، واستضافت لنقاش الموضوع مباشرة من الرباط، الفنان والباحث الموسيقي المغربي عبد السلام الخلوفي، الذي قدم بداية لمحة عن أهم مراحل التصوف المغربي، انطلاقا من تبعيته للشرق في المرحلة الأولى، مع أبي يعزى يلنور وعلي بن حرزهم ومحي الدين بن عربي، قبل أن تظهر تباشير مدرسة مغربية مع المولى عبدالسلام بنمشيش وتلميذه أبي الحسن الششتري، والتي ترسخت مع محمد بن سليمان الجزولي، وفي معرض رده حول بداية الاحتفالات الدينية في المغرب، عاد الخلوفي إلى العهد الموحدي، وأشار إلى ما قام به أبو العباس العزفي من دعوة للاحتفال بالمولد النبوي، بعد أن لاحظ مشاركة المسلمين للنصارى في احتفالاتهم، وترسخ هذا الاحتفال مع أبي القاسم العزفي وعمر المرتضى الموحدي، قبل أن يترسم على عهد المرينيين ومن تلاهم، وعن مدى اقتراب الإنشاد الصوفي من الإنشاد الديني، أكد الخلوفي أن عمق الصوفية ديني، وأشار إلى مختلف الأشكال في الشعر الصوفي. وفي سؤال للزميلة إيمان عياد عن مدى احتياجنا هذا النوع من الإنشاد حاليا في عصر العولمة، تحدث الخلوفي عن سلبيات العولمة الكثيرة إذ اعتبرها تحيل مباشرة على الهيمنة والسيطرة والإقصاء، وتتوجه أساسا إلى الماديات، مشيرا إلى انغماس الإنسان اليوم في محاولة إرضاء الطموحات المادية، دون كثير تفكير في الروحانيات، كما أضاف أن العولمة ماضية في مشروعها المنبني على القضاء على الخصوصيات المحلية لكل الدول، لأن مرماها البعيد أن يكرر الناس نفس الأفكار وتكون لهم نفس الأهداف، فيصبحوا كالقطيع الذي يسهل قياده، وعن مدى اهتمام الأجانب بهذا النوع من الإنشاد أعطى الخلوفي المثل بالاحتفالات التي تنظمها الزاوية البودشيشية القادرية، والتي يحضر أتباعها من مختلف أقطار العالم لأنهم اقتنعوا بجدوى الالتفات إلى روحهم، وعن مدى إقبال الأجانب على المهرجانات ذات الصبغة الصوفية، ضرب المثل بمهرجان الثقافة الصوفية والذي حضرته الجزيرة نفسها، ولاحظت مدى تفاعل الأجانب مع فقرات المهرجان، وانجذابهم إليها بغض النظر عن نصوص الإنشاد، لأن لهذا النوع من الإنشاد إشارات خفية يبثها المنشد، ويلتقطها السامع فتأتيه صافية عذبة نميرة، تتلقفها الأنفس بكل يسر وسهولة، مما يؤكد حسب الخلوفي دائما عودتنا الحتمية إلى ذواتنا في نهاية المطاف.