«لقد دفنت ابني، وبكيت لفراقه ولكنني لن أتنازل عن حقي في كشف الحقيقة»، هكذا يقول محمد الوطاسي، أب الطفل عبد الحي الذي فارق الحياة يوم 18 أبريل الجاري خلال عملية ختان جماعية بمقاطعة بنسودة بفاس، معقل العمدة حميد شباط. وبكثير من التأثر، حكى هذا الأب الشاب (27 سنة) كيف مات طفله الوحيد بين أحضانه في سيارة أجرة وهو يهم بنقله في اليوم الموالي للختان إلى المستشفى لتلقي العلاجات بعدما ساءت حالته الصحية. «أحسست بدرجة حرارة مرتفعة في جسمه، وبدأت أنظر إلى عينيه تغمضان.. وفجأة انهار وهو بين يدي» يضيف الوطاسي. «لقد جاءت به والدتي بعد عملية الختان إلى المنزل بحفاظة ألبست له من قبل المشرفين على عملية الختان، لكن، في فترة الزوال، انتبهنا إلى وجود بعض النزيف، وفي وقت متأخر من الليل بدأ طفلي يتقيأ». هذه بعض من التفاصيل التي حكاها الوطاسي لرجال الشرطة العلمية والقضائية الذين جاؤوا للاستماع إلى أقواله، بعدما أكد عزمه على مقاضاة المجلس الجماعي للمدينة، وهي الجهة التي يعتبرها هذا الأب مسؤولة عن وفاة ابنه. «موسم» الختان الجماعي هذا نظمته جمعية تقدم نفسها على أنها مستقلة عن جميع الهيئات السياسية وتقدم خدمات لمرضى داء السكري، قبل أن يتسع مجال اشتغالها ليشمل حتى الختان. وقد نظم هذا الحفل بتنسيق مع المجلس الجماعي للمدينة، وشملت العملية إجراء 430 عملية ختان في نفس اليوم. وفي الوقت الذي نفى فيه رئيس هذه الجمعية، محمد الحجاجي، أي مسؤولية لجمعيته عن وفاة الطفل، قال الوطاسي إن عملية الختان الجماعية تمت في ظروف غير صحية، مضيفا أنه تم اللجوء إلى ما يقرب من 10 «حجامة» لا تتوفر فيهم المؤهلات العلمية ولا الكفاءة الطبية لإجراء مثل هذه العمليات. ويورد أن هذه العمليات كلها أجريت ل430 طفلا في مدة زمنية لم تتجاوز الساعتين، «وكان المشرفون على العملية يدخلون الأطفال بالعشرات». وإلى جانب غياب الكفاءة الطبية، فإن الوطاسي يسجل أن المشرفين على العملية لم يعمدوا إلى إجراء فحوصات قبلية للأطفال الذين شملتهم عملية الإعذار الجماعية، بغاية التأكد من خلوهم من أمراض وراثية أو جسمانية. وهذا ما ينفيه الحجاجي، رئيس الجمعية، قائلا إن الفحوصات أجريت لكل الأطفال المختنين، باستثناء الطفل عبد الحي الوطاسي الذي قال إن المتسبب في وفاته هو إهمال عائلته له، مضيفا أن بعض السياسيين دخلوا على خط هذا الملف لتصفية الحسابات مع رئيس المجلس الجماعي، شباط، في ظل الاستعدادات الجارية للانتخابات الجماعية المقبلة. لكن الوطاسي يسجل أن عددا من الأطفال المختنين، وضمنهم آخرون من عائلته، لم يستفيدوا من أي فحص قبلي. يوم الاثنين 20 أبريل الجاري دفن الوطاسي ابنه، لكنه، لحد الآن، لم يستلم التقرير الطبي الذي أجري على ابنه عبد الحي. وقال: «إنني أتخوف من أن يتم التلاعب بملف ابني، بالرغم من ثقتي في الطبيب الذي أشرف على العملية، لأن بعض الناس أخبروني بأن القطاع الصحي بالمدينة يوجد بقبضة من أحملهم المسؤولية في التسبب في وفاة ابني». الشرطة العلمية أعدت تقريرها، والشرطة القضائية استمعت لاتهامات الأب الوطاسي، والسلطات المحلية، عبر شيوخها ومقدميها تتابع تحركات الأب، لكن الحجاجي، رئيس الجمعية، التي كانت وراء عملية الختان الجماعي، نفى أن تكون أي جهة قد استدعته للاستماع إليه بخصوص وفاة الطفل، أو فيما يتعلق بالظروف الصحية التي ينظم فيها عمليات الختان الجماعية. وهو يقول إنه يستعد لإعطاء الانطلاقة لعملية ثانية ستنظم يوم 2 ماي في فاس، بالتنسيق دائما مع المجلس الجماعي للمدينة. أما العمدة شباط فقد اتهم الاتحاديين بفبركة الملف لأهداف قال عنها إنها انتخابية. وبالرغم من أن عائلة الوطاسي تنفي أن تكون بعد قد تسلمت بعد التقرير الطبي الذي يحدد بدقة أسباب الوفاة، فإن العمدة شباط استبق التقرير وتحدث، في ندوة صحفية عقدها مساء الجمعة الماضي، عن أن فقر الدم الذي تعاني منه عائلة الطفل هو الذي يقف وراء الوفاة. شباط أضاف بأن العائلة أهملت طفلها، بعد عملية الختان، وهي وحدها من تتحمل المسؤولية عن النتائج. أما الوطاسي فيقول إن عائلته لا تعاني من أي مرض وراثي، «ونحن كلنا على أهبة الاستعداد لإجراء الفحوصات الطبية اللازمة».