اتهم شاب من فاس أشخاصا محسوبين على عمدة المدينة حميد شباط باحتجازه لمدة أربعة أيام كاملة في منزل مليء بالتبن يحرسه كلبان من نوع «بيتبول». وحكى الشاب المسمى جريري، وهو من مواليد 1977 ومهنته جباص وله سوابق عدلية كثيرة اعتقل على إثرها لما يفوق أربع مرات، أن عملية الخطف والحجز التي تعرض لها تقف وراءها عناصر تابعة لشباط، لكنه أنكر تعرفه عليهم. وقال إن مكالمة هاتفية أوهمته بأن أباه يطلبه وعليه الالتحاق به في منزل يوجد في طور البناء في منطقة خالية. وعند خروجه من المنزل وجد سيارة بداخلها ثلاثة أشخاص، أحدهم يرتدي بذلة سوداء وبيده جهاز راديو. وحمل جريري على متن هذه السيارة لمدة نصف ساعة قبل أن تحط به الرحال في منزل خال يوجد به تبن وكلبان من نوع بيتبول. وأقفل عليه خاطفوه الباب ولم يمنحوه سوى قنينة ماء وعلبة سجائر. وبقي الشاب جريري رهن الاحتجاز من ليلة الثلاثاء إلى فجر يوم الجمعة المنصرم، حيث أُعيد على متن نفس السيارة ورُمي به بالقرب من شارع طريق إيموزار، ونقلته سيارة لثلاثة أشخاص أدوا صلاة الفجر وكانوا ملتحين إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني، قبل أن يتركوه إلى حال سبيله. ولم يتعرف جريري أيضا على هويات هؤلاء الأشخاص. وقال جريري إن سبب اختطافه من قبل شباط وابنه نبيل يعود إلى «معركة» يخوضها ضدهما بسبب التهميش الذي تعانيه هذه المنطقة، بالرغم من أن ساكنتها هي التي صنعت العمدة شباط وعائلته، يضيف هذا الشاب. ويشير إلى أن عددا من الوعود سبق أن أعطيت لهم، لكنها لم تتحقق. ودفع هذا التهميش عددا من شبان المنطقة إلى نظم قصيدة «هجاء» للعمدة شباط، قبل أن يعمدوا إلى توزيعها، بشكل واسع، على شكل منشور. كما عمدوا إلى توجيه انتقادات لاذعة إلى منتخبهم عبر الكتابة على الجدران باستعمال الصباغة. واتهم الشاب جريري، طبقا لإفادته، بأنه هو من كان يحرض هؤلاء الشباب على القيام بمثل هذه «المبادرات». وبالرغم من أن الشاب جريري لم يكن على علاقة ود بالعمدة شباط، فإنه قام بخطوات من أجل رأب الصدع، وساهم في «إنجاح» وقفات دعا إليها منتصف الشهر الماضي، بعد الأزمة التي نشبت بينه وبين عباس الفاسي، أمين عام حزب الاستقلال، على خلفية تمسك شباط بالمشاركة في برنامج «حوار» في القناة الأولى. كما شارك في محاكمة شباط من قبل الشبيبة الاتحادية في محكمة الرباط، وساهم في «إنجاح» التضامن مع العمدة. ومباشرة بعد استماع الشرطة القضائية إلى تصريحات جريري، زوال نفس اليوم (الجمعة الماضي)، أحيل على الوكيل العام للملك لدى استئنافية فاس. لكن جل الأطراف التي حققت معه شككت في روايته، وذلك بالنظر إلى سوابقه العدلية، فيما يرى البعض أن هذا التشكيك يعود إلى نفوذ شباط القوي في عدد من المؤسسات. أما شباط فيقول، في تصريح ل«المساء»، إنه لا يعير لمثل هذه الاتهامات أي اهتمام لأنها، في نظره، صادرة عن «شخص تافه أمضى حياته في السجن أكثر مما أمضاها في حضن أسرته». وتبنى مسؤولو الأصالة والمعاصرة بفاس قضية اختطاف الشاب جريري وطالبوا بلقاء مع مسؤولي السلطة المحلية لتقديم ملف أحمد جريري كمعطى دقيق ل«بلطجة» شباط في هذه الحملة الانتخابية. هذا في الوقت الذي يؤكد فيه هذا الشاب الذي ينحدر من منطقة بنسودة، معقل حزب الاستقلال بفاس، أنه لا يزال في إضراب مفتوح عن الطعام للمطالبة بالكشف عن المتورطين في اختطافه. واستنفر الإعلان عن دخول جريري إلى قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني، صباح يوم الجمعة الماضي، كل الأجهزة الأمنية. لكن هذا الاستنفار سرعان ما خفت، لتفتح كل الجهات التي تناوبت على التحقيق معه الملف على كل الاحتمالات.