في واقعة تثير الاستغراب، يعاني سكان دوار الشرايع بجماعة مستكمار القروية التابعة لدائرة العيون الشرقية، الواقعة تحت النفوذ الترابي لإقليم تاوريرت، من العطش رغم كونهم يتوفرون على بئر ماء حية بمضخة كهربائية لملء صهريج متصل بشبكة من السواقي للري الفلاحي. هاجس أصبح يؤرق بال سكان المنطقة، إذ يعانون في الحصول على قطرة ماء صالحة للشرب تطفئ عطشهم وتؤمن استمرارية فلاحتهم وزراعتهم بعد أن فقدوا مئات الأشجار التي ذبلت ويبست أمام أعينهم دون أن يجدوا سبيلا لإنقاذها، ومما يزيد من تعميق معاناتهم تَوفُّر كلّ أسباب ووسائل استخراج الماء من البئر، وتبقى حركة سهلة وواحدة تتمثل في ربط المضخة بعمود الكهرباء الذي يوجد على بعد ثلاثة أمتار. هذا المشروع الذي اعتمدته المندوبية الإقليمية للفلاحة بتاوريرت لتزويدهم بالماء الصالح للشرب والري الفلاحي، أصبح جاهزا للاشتغال منذ أكثر من سنة، ورغم ذلك ظل متوقفا ولم يستفد منه المواطنون لحدود الساعة لأسباب يقول سكان المنطقة إنها متعلقة بتقاعس المسؤولين وعدم الاكتراث لمشاكلهم العويصة المتعلقة بأزمة الماء، ولم يجدوا من يستمع لهم ويحلّ مشكلتهم البسيطة، بل تحولوا إلى كرة تتقاذف بين المسؤولين الذين تملصوا من مسؤولياتهم وكلّ يحملها للآخر. المنطقة تعيش في حالة صعبة إن لم يتم وصفها بالمنكوبة، إذ تعاني منذ سنوات من الجفاف مما أدى إلى ارتفاع في نسبة الهجرة القروية من المنطقة في اتجاه المدن المجاورة، بسبب ضياع فلاحتهم وماشيتهم وتلف أشجار الزيتون واللوز نتيجة غياب مياه السقي وتقاعس الجهات المسؤولة في القيام بواجبهم سواء محليا أو إقليميا أو جهويا ورغم الوعود بحلّه لبساطته. وتساءل سكان الدوار عن الجدوى من مشروع انتظروه طويلا وكلف ميزانية الدولة ملايين السنتيمات ثم أصبح معلقا على عملية الربط الكهربائي بالشبكة والتي لا تكلف إلا بضع دقائق، مع العلم أن المقاول الذي أنجز المشروع سبق له أن أخضع المشروع للتجربة أمام أعينهم وتفجرت المياه وملأت الصهريج وصاح السكان فرحا وباركوا المبادرة، قبل أن تتحول هذه الفرحة إلى معاناة وعذاب حقيقيين. «الكلّ متوفر والدولة قامت بما يجب أن تقوم به لتوفير الماء والكهرباء لشدنا إلى أرضنا وتمكيننا من حياة كريمة بتأمين مصادر قوتنا وحياتنا، لكن يبدو أن عذابنا فاق معاناتنا، بل حتى ما تم إنجازه منذ أكثر من سنة أصبح معرضا للتلف بسبب عدم تشغيله وتعرضه للتغيرات المناخية، الصهريج والسواقي تشققت ولن تتمكن مستقبلا من إيصال المياه إلى المزروعات بالكميات الكافية»، يختم أحد الفلاحين حديثه عن هذه الوضعية التي تتطلب تدخلا عاجلا من المسؤولين والساهرين على الشأن المحلي .