أكد مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، أنه ضد فصل النيابة العامة عن وزارة العدل، موضحا أنه مع إعادة صياغة العلاقة بين وزارة العدل والنيابة العامة، على أساس حق الوزير في إصدار التعليمات الكتابية القانونية، التي يعتمدها مسؤول النيابة العامة وتكون من مشتملات الملف القضائي. في هذا الحوار يتحدث وزير العدل والحريات أيضا عن خلفيات التهديدات التي تلقاها من «داعش»، وعن رؤيته لحل ملف السلفية الجهادية، وعن ملفات أعضاء الشبيبة الإسلامية الراغبين في العودة إلى المغرب. كما يوضح رأيه في عدد من الملفات، منها محاربة الفساد، وعلاقته بنادي القضاة، وملف القاضي محمد الهيني ومحمد عنبر، وكذا الآراء الخاصة بمشروع القانون التنظيمي للسلطة القضائية. - قررت الحكومة خلال اجتماعها يوم 4 شتنبر تأجيل المصادقة على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية. ما خلفيات هذا التأجيل؟ من المعلوم أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، كباقي القوانين التي نحن بصدد بلورة مشاريعها، خضع لمشاورات واسعة، كانت بدايتها مع ندوات الحوار الوطني، التي نظمناها عبر ربوع المملكة، وكذا مداولات الهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة، التي أنتجت ميثاقا وطنيا لإصلاح منظومة العدالة. ولم نكتف بذلك بخصوص هذا المشروع، وكذلك مشروع القانون التنظيمي للنظام الأساسي للقضاة، بل قمنا بفتح مشاورات مع القضاة، إما بشكل مباشر من خلال لقاءات عامة، وعددها سبعة، بكل من الرباط وفاس والدار البيضاء ومراكش وأكادير والعيون وورزازات، أو من خلال مذكرات الهيئات المهنية القضائية، وكذلك ما ورد علينا من خلال الموقع الالكتروني من اقتراحات. إضافة إلى ذلك كانت هناك مشاورات مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان والهيئة المركزية لمحاربة الرشوة، اللذين وضعا بين أيدينا مقترحاتهما التعديلية. وامتد الأمر إلى إجراء مشاورات مع مؤسسات أجنبية، كما هو الشأن بالنسبة للجنة الأوربية للنجاعة القضائية ولجنة البندقية. وبعد ذلك قمنا ببلورة مشروع قانون على أرضية الميثاق والمشاورات، التي أجريت مع كافة هذه الهيئات. ولما عرضنا مشروع القانون التنظيمي للسلطة القضائية على الحكومة، مارست حق النظر في هذه المقتضيات بالطريقة الملائمة باعتبارها هي التي ستتحمل مسؤولية المصادقة برئاسة جلالة الملك، في إطار المجلس الوزاري، وسينسب هذا المشروع إلى مكونات الدولة، بما فيها الحكومة، وبالتالي فقد بدأنا النقاش في المجلس الحكومي بالنظر إلى أهمية المحاور التي يعالجها هذا المشروع، وتم الاتفاق على إتمام هذا النقاش خلال المجلس الحكومي المقبل. - هل كانت هناك تحفظات لدى بعض أعضاء الحكومة حول هذا المشروع؟ كان هناك نقاش. كما سيكون هناك نقاش آخر في المجلس الحكومي باعتباره حقا طبيعيا للحكومة. - هل كان هناك خلاف حول فصل النيابة العامة عن وزارة العدل؟ كل القضايا المهمة التي يحملها هذا المشروع لابد أن تثير انتباه أعضاء الحكومة، ويكون لهم رأي فيها، وإلا لماذا ينتسبون إلى الحكومة إذا لم يكن لديهم الحق في الإدلاء بآرائهم والتعبير عنها بكل حرية وفي كافة الاتجاهات الممكنة، بما فيها موضوع النيابة العامة؟ - في السابق كنت ترى أن استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل شيء طبيعي، ولكن بعد استوزارك تبين لك بأن هذا الفصل قد تكون له انعكاسات سلبية. هل ما زلت مقتنعا بهذا الرأي؟ لم يسبق أبدا أن قلت باستقلال النيابة العامة عن وزير العدل ولا قالها حزبنا، وقد وجدت نفسي أقدم التوضيحات في كل مرة بخصوص ما ينسب إلي خطأ، وحتى في أدبيات حزب العدالة والتنمية كنا نطالب دائما باستقلال السلطة القضائية، ولكننا لم نصل إلى حد المطالبة بفصل النيابة العامة عن وزير العدل، ولم نقل به أبدا، واقتراحاتنا في هذا الباب واردة في برامجنا الانتخابية، آخرها البرنامج الانتخابي لسنة 2011. - هل معنى هذا أن تظل النيابة العامة تابعة لوزارة العدل؟ نعم، لكن مع إعادة صياغة العلاقة بين وزارة العدل والنيابة العامة، على أساس حق الوزير في إصدار التعليمات الكتابية القانونية التي يعتمدها مسؤول النيابة العامة، وتكون من مشتملات الملف القضائي، حتى يمكن محاسبة الوزير عنها على جميع الأصعدة عند الاقتضاء. غير أنه بعدما أوصت الهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة بفصل النيابة العامة عن وزارة العدل كان لا بد لي أن أتبنى توصية الهيئة، باعتباري كنت المسؤول الأول عن أشغالها، ويبقى القرار الأخير للمجلس الوزاري، الذي يترأسه جلالة الملك، وبعد ذلك البرلمان بغرفتيه. - من الانتقادات التي طالت هذا المشروع مسألة علنية جلسات المجلس الأعلى للسلطة القضائية. من حقي أن أتساءل عما إذا كان من الملائم أن نجعل الجلسات التأديبية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية علانية دون الجلسات التأديبية للمحامين والموظفين وباقي المهنيين؟ الحقيقة أنه إذا أردنا جعل هذه الجلسات التأديبية علانية، فإن ذلك ينبغي أن يكون في إطار تطور معقول تخضع له كافة المهن أو على الأقل أهمها، وأعتقد أن ذلك سيكون ممكنا في المستقبل. - هل يمكن أن يؤثر القرار التأديبي، الذي صدر في حق القاضي محمد الهيني، في علاقة وزارتك بنادي قضاة المغرب؟ هذا المقرر التأديبي لم يصدر عن وزير العدل، بل صدر عن المجلس الأعلى للقضاء، ووزير العدل لا يمثل فيه إلا صوتا واحدا من عشرة أصوات، فكيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى إفساد العلاقة بين الوزارة والقضاة بهذا الخصوص؟. وهذا المقرر التأديبي إنما تأسس على ما رمى به الأستاذ الهيني قاضيا آخر، وهو ما اعتبره المجلس الأعلى للقضاء قذفا لا يجوز من زميل في حق زميل له، فترتب عنه ما رتب من آثار. - وما علاقة ذلك بمحضر 20 يوليوز؟ هناك من يتهمك بأنك قمت بتصفية حسابات مع نادي قضاة المغرب. أولا، الحكم الصادر في قضية محضر 20 يوليوز أصدره ثلاثة قضاة. وإذا كان البعض يتصور خطأ أن المقرر التأديبي الذي صدر في حق القاضي الهيني يدخل في إطار تصفية حسابات، فلينظر إلى وضعية القضاة الآخرين في نفس الهيئة، التي يترأسها الأستاذ الهيني، والتي أصدرت مقررها المشهور، حيث تمت ترقية قاض سنة 2013 وقاضية سنة 2014. فهل يمكن أن يُحصر الانتقام في الأستاذ الهيني وحده من أجل حكم صدر عن هيئة قضائية ثلاثية مسؤولة، وفي نفس الوقت تتم ترقية عضوين فيها؟ ثانيا، عليكم أن تسألوا الأستاذ الهيني نفسه إن كان أحد دعاه في السابق إلى أن يحكم في اتجاه معين. ثالثا، إذا كان الأستاذ الهيني يعتبر بأن متابعته كانت بناء على ما كتبه في حق زميله، فكان عليه ألا يكتبه. وأخيرا، لقد دعوته في البرلمان وخارجه إلى أن يقدم اعتذارا علنيا إلى زميله، ولو فعل ذلك لكنت دافعت عنه كما أعلنت عن ذلك مرارا. لكنه لم يقم بذلك للأسف الشديد. لذلك يبقى هو المسؤول الوحيد عما وقع، ولا تقولوا لي إن أي قاض حكم ضد الدولة يصبح محصنا مهما كانت أخطاؤه لأن من حكموا ويحكمون ضد الدولة مئات من القضاة في الآلاف من القضايا. ومن يتابع تصريحات الأستاذ الهيني يرى أنه لا يكتفي بادعاء الانتقام منه بسبب الحكم في قضية محضر 20 يوليوز فحسب، بل يذهب أبعد من ذلك، إذ يقول إن مطالبته بإحداث مجلس الدولة هو ما دفع إلى متابعته أمام المجلس الأعلى للقضاء، وهي مجرد أوهام يراد منها أن تصبح حقائق. يكفي دليلا على ذلك أن مجلس الدولة جاء به خطاب ملكي، وطالبت به هيئات وفئات، وحتى حزب العدالة والتنمية سبق له أن طالب بإحداث ما أسماه المحكمة الإدارية العليا، وهي صنو مجلس الدولة. إضافة إلى أن الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة لم تستبعد إحداث مجلس الدولة بشكل نهائي، وإنما وقع التوافق على تأجيل إحداث هذه المؤسسة إلى أن تنضج شروطها، بعد نقاشات متعددة ومتشعبة لا يسع المجال لبسط كافة معطياتها. - وماذا عن قضية القاضي عنبر؟ قضية الأستاذ عنبر ابتدأت بعد امتناعه عن الالتحاق بمحكمة أبي الجعد وكيلا للملك بها، بعد أن عينه المجلس الأعلى للقضاء في هذه المهمة سنة 2011 في عهد الراحل محمد الناصري رحمه الله. ولما تحملت مسؤولية وزارة العدل والحريات وجدت أنه لم يلتحق بمهامه بعد، وكان علي في هذه الحالة أن أعتبره مغادرا لعمله، وآمر بإيقاف راتبه بعد القيام بالإجراءات اللازمة لذلك، لكني لم أفعل، وقد قرر المجلس الأعلى للقضاء نقله بعد ذلك إلى محكمة الاستئناف بالرباط بالقرب من بيته لشغل منصب نائب الوكيل العام، وكان الأمل معقودا على أن يلتحق بمنصبه الجديد في انتظار إرجاعه في مرحلة ثانية إلى منصبه في محكمة النقض، وقد أبلغت ذلك بعض الأصدقاء المشتركين وأكدت عليه، لكنه لم يفعل وظل يعتبر نفسه رئيس غرفة بمحكمة النقض، والحال أنه لم يعد كذلك بعد صدور قرار المجلس الأعلى للقضاء. وخلال هذه المدة رفع شكاية ضدي وضد مسؤولين قضائيين آخرين بادعاء التزوير، والأكيد أنكم ستستغربون إذا عرفتم أن هذه التهمة الثقيلة كانت لأن مراسلاتنا له كانت تحمل الصفة القضائية الجديدة التي قررها المجلس الأعلى للقضاء، وهي نائب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط وليس رئيس غرفة بمحكمة النقض. ولم يكتف الأستاذ عنبر بذلك، بل حضر اجتماعا مع مسؤول فرنسي بشأن مشكل التعاون القضائي المغربي الفرنسي المعلق، وأدلى بتصريحات علنية لمنابر إعلامية ينتصر فيها للموقف الفرنسي على حساب موقف الدولة المغربية، وهو الموقف الذي لم تتخذه حتى أشرس المنظمات المعارضة. وقد اعتبرنا ذلك إخلالا بالفصل 13 من النظام الأساسي للقضاة، الذي يمنع عليه اتخاذ أي موقف يكتسي صبغة سياسية. وبناء على ذلك قرر المجلس الأعلى للقضاء عزله مع حفظ حقوقه في التقاعد. والغريب أنه يرفض التوصل بقرار العزل على يد رئيسه، وهو الوكيل العام للمك، كما يرفض التوصل بالقرار على يد مفوض قضائي، ومع ذلك يدعي أنه لم يتوصل بأي قرار لأن ذلك لم يتم على يد الرئيس الأول لمحكمة النقض، التي لم يعد ينتسب إليها منذ سنة 2011، أي قبل تحملي مسؤولية الوزارة. - وكيف علاقتك حاليا بنادي القضاة؟ من جهتنا، نعتبر الحوار معهم ومع غيرهم مفتوحا دائما، وقد سبق لنا أن توصلنا باقتراحاتهم بشأن قوانين السلطة القضائية ومستعدون لأن نتلقى مقترحاتهم في كل الشؤون التي تهم العدالة كما هو الحال بالنسبة لباقي المكونات المهنية القضائية. - ماهي النتائج التي حققتها في مجال محاربة الفساد؟ وهل هناك عراقيل واجهتك في ذلك؟ أهم ما قمنا به هو أننا وجهنا دعوة مباشرة إلى المواطنين في أن يتحملوا مسؤولياتهم في التعاون معنا في محاربة الفساد، وهناك عشرات من المواطنين استجابوا لهذه الدعوة، وبفضل ذلك تم ضبط عشرات الحالات لأشخاص متلبسين بالرشوة، على جميع المستويات. وبالنسبة للعراقيل، فإن حجم التبليغ عن الفساد لازال ضعيفا، وكذلك صعوبة إثبات الفساد في كثير من الأحيان، وقد بلغ عدد قضايا جرائم الفساد التي أحالتها النيابة العامة على القضاء برسم سنتي 2012 و2013 ما مجموعه 17 ألفا و968 قضية فساد، من بينها 17.225 قضية رشوة، و479 قضية اختلاس، و91 من قضايا الغدر، و19 قضية في استغلال النفوذ، و154 قضية تبديد أموال عمومية. كما تجدر الإشارة إلى أن من جملة هذه الملفات توصلت وزارة العدل والحريات ب119 ملفا من الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة منذ سنة 2012. ومن المشاكل التي نواجهها وجود فرقة للشرطة القضائية واحدة هي التي تشتغل على هذه الملفات بحكم تكوينها المتخصص، وهي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. ولأجل ذلك تم إحداث أربع فرق جهوية للشرطة القضائية بالرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش من أجل تجاوز هذا المشكل. يمكننا، إذن، القول إننا حققنا مجموعة من المكتسبات في مجال محاربة الفساد، لكن مازال الأمر يتطلب مجهودات كبرى. لذلك سنبذل أقصى جهدنا من أجل تحقيق مسعى محاربة الفساد، ومن جملة ذلك الحرص على المزيد من تحسيس المواطنين من أجل التبليغ عن الفساد من خلال الوصلة الإشهارية التي نتمنى أن نوفق فيها في الأجل القريب ونبثها عبر وسائل الإعلام. مع العلم أن جميع الشكايات التي نتوصل بها نحيلها على النيابات العامة، ولا وجود لأي ملف، كيفما كان نوعه، محفوظ في رف من رفوف الوزارة، ومن يقول بذلك يفتري الكذب والبهتان. - هل هناك ملفات أحيلت على وزارة العدل من الديوان الملكي؟ وما هي طبيعتها؟ نتلقى ملفات من كافة الجهات، سواء من الديوان الملكي أو رئاسة الحكومة أو الوزراء أو البرلمان أو المواطنين، فضلا عن جمعيات المجتمع المدني والهيئة المركزية لمحاربة الرشوة وغيرها. - إلى جانب ملفات الفساد التي تحال على الوزارة من قبل الوكيل العام للمجلس الأعلى للحسابات قمت بإحداث لجنة تدرس تقارير المجلس المذكور من أجل النظر فيما إذا كانت هناك ملفات يجب إحالتها على النيابة العامة. ما نتائج عمل هذه اللجنة؟ في كل سنة تقوم هذه اللجنة بدراسة التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، وكافة الحالات المعروضة، وكلما وجدنا أن هناك مخالفات ذات طبيعة جرمية نحيلها على النيابة العامة لكي يتم البحث فيها للتأكد من ذلك، وآخر نتائج هذه اللجنة هو ما قمنا به مؤخرا، حيث أحلنا 21 حالة استقيناها من تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2012. وفي مجموع ما تم التوصل به من تقارير المجلس الأعلى للحسابات، بين ما تتم إحالته من قبل الوكيل العام للمجلس الأعلى للحسابات وما تتم دراسته من طرف اللجنة التي شكلتها وزارة العدل والحريات بلغ عدد الملفات التي أحيلت على البحث 39 ملفا ما بين سنوات 2012 و2014 تضم 16 مؤسسة عمومية و23 جماعة محلية، من بينها 15 ملفا سنة 2012، وملف واحد سنة 2013، و23 ملفا سنة 2014. ويوجد حاليا 15 من هذه الملفات قيد المحاكمة، و5 ملفات قيد التحقيق، و27 قضية في طور البحث التمهيدي. - الملفات الأخيرة التي ذكرت منها ملفات خاصة بخمس مؤسسات عمومية و16 جماعة، ألا تعتقد أن توقيتها غير مناسب، خصوصا مع اقتراب موعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؟ أجندة محاربة الفساد لا يجوز لها أن تضع في اعتبارها الانتخابات وغيرها، وإذا حدث ذلك فإننا لن نستطيع محاربة الفساد، وسنتهم بالتغاضي عنه. وحسبنا أننا وضعنا الملفات والحالات على الطاولة وأسقطنا الهويات الحزبية لمسيري تلك الجماعات، وناقشنا ذلك بتجرد كامل، ولم نستحضر إلا الحالات التي يشتبه في أن تكون ذات طبيعة جرمية، وقد فعلنا ذلك سنتي 2012 و2013 أيضا. - وصفك شباط، إلى جانب كل من رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران ووزير الداخلية محمد حصاد، ب«الثلاثي الظالم»، وحذر من تزوير الانتخابات والتلاعب بأصوات المواطنين. ما تعليقك على ذلك؟ إن الذي يتهم رئيس الحكومة بأنه عميل للموساد، وبأنه ينتمي إلى تنظيم «داعش» نقول له: «إذا لم تستح فقل ما شئت». - هل كانت لك يد في الحكم الاستئنافي الصادر بأكادير في ملف التعذيب؟ الحكم الصادر في قضية التعذيب صدر عن هيئة قضائية مستقلة، وتلاحظون أن مؤسسات الدولة المغربية تشتغل بكل مسؤولية وحزم في تعاطيها مع موضوع التعذيب. وفي هذا الصدد أشير إلى أنني أصدرت منشورا يثير الانتباه إلى خطورة التعذيب وآثاره المدمرة على العدالة، وطالبت النيابة العامة بكل مستوياتها بأن تقوم بالاستجابة لكل طلب يستهدف البحث في قضية التعذيب، وهذا ما وقع في ملف أكادير، وأصبح يقع في كافة أنحاء المملكة، حيث تسجل مواقف إيجابية من النيابة العامة إزاء من يدعى تعرضه للتعذيب، سواء أمامها أو أمام قاضي التحقيق أو أمام هيئة الحكم. وفي هذا السياق جاء حكم هيئة استئناف أكادير، فضلا عن أننا طلبنا، من أجل جعل المجتمع المدني فاعلا في مجال محاربة التعذيب، من كافة النسيج الحقوقي منذ حوالي ستة أشهر بأن يمدنا بلوائح أطباء يقترحهم لكي تعتمدهم النيابة العامة للبحث في التعذيب على قاعدة هيئة طبية ثلاثية، إلا أنه للأسف الشديد لم أتوصل بشيء باستثناء جمعية واحدة، وأرجو أن أتوصل من باقي الجمعيات باللوائح التي تعتمدها حتى نرجع الثقة إلى الفحوصات التي تجرى على مدعي التعذيب إثباتا أو نفيا. - هل كانت هناك أوامر ملكية تهم التشدد في جريمة التعذيب؟ لا يمكن أن نتصور في أي لحظة بأن جلالة الملك يمكن أن يقبل وجود تعذيب في مملكته وموقف جلالته في هذا الموضوع حاسم وقاطع. - هناك متابعة للذين يدعون تعرضهم للتعذيب، ألا يؤدي ذلك إلى التراجع عن التبليغ عن حالات التعذيب خشية المتابعة القضائية؟ لقد تمت إحالة حالتين على القضاء بسبب ادعاءاتهما الكاذبة بالتعذيب، ليس لأنهما قامتا بتبليغ السلطات المختصة بالتعذيب، بل لأنهما قامتا بالتشهير الكاذب بمؤسسات الدولة عبر الفايسبوك، ولو ثبت بأن هناك تعذيبا لتم اعتقال من قام بتعذيبهما. غير أنه لما تبين للنيابة العامة أنه لم يكن هناك أي تعذيب، وأن ما تم ادعاؤه مجرد كذب قررت اعتقال مدعي التعذيب. أما الذين يبلغون السلطات العمومية ويبتعدون عن التشهير بالمؤسسات فهؤلاء لا يمكن أن تطالهم أي متابعات طالما أنهم مارسوا حقهم الطبيعي في التبليغ. لذلك ينبغي التفريق بين التبليغ والتشهير. - وما جديد تعليق التعاون القضائي بين باريسوالرباط؟ مازال التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا معلقا إلى أن يتم ما سبق أن طالبنا به في البلاغ الذي تأسس عليه وقف هذه العلاقة، وهو إعادة قراءة الاتفاقيات الثنائية ومراجعتها بما يحفظ لمؤسسات البلاد حرمتها ويجعل المواطنين المغاربة يخضعون لمساءلة مؤسسات بلادهم وليس مؤسسات بلاد أجنبية في ظروف أقل ما يقال عنها إنها مهينة لبلادنا. - هل يمكن وصف العلاقة بين البلدين بالمتوترة؟ ليست متوترة ما دامت علاقاتنا معها في العديد من المستويات قوية، لكنها ليست عادية فيما يخص التعاون القضائي. - تعرضت لتهديدات من قبل «داعش». ما هو سبب ذلك في نظرك؟ أدعوكم إلى عدم الاهتمام بهذا التهديد أو غيره. - لكنك شخصية عمومية ومسؤول حكومي، وهذا يهم الرأي العام. فما هي أسباب هذا التهديد؟ إذا كان لا بد من الإجابة عن هذا السؤال، فمن الواضح أن هناك جهات إرهابية تريد أن تنشر الرعب عبر العالم، وتريد أن تصبح هي من تحدد للمسؤولين ما يقدمون وما يؤخرون. في هذا السياق جاء التهديد. إذ بعد لقائي ببعض الشخصيات الدعوية، تحدثت معها عن قضايا مختلفة، من جملتها قضية سفر بعض المغاربة إلى بؤر التوتر وخوضهم حروبا أعتبرها محارق، يراد منها أن لا تنتهي، فاتفقنا على أن المقاربة الزجرية ليست كافية، وإنما ينبغي اعتماد المقاربة التوعوية. وقد تم في هذا الصدد نشر بعض المعطيات الصحيحة وغير الصحيحة حول هذا اللقاء، فتطوعت بعض الجهات الإرهابية بتهديدنا لكي لا نقوم بواجبنا، لكننا لا نعبأ بمثل هذه التهديدات ولا نعيرها أي اهتمام، غير أن الدولة تأخذ الاحتياطات المعتمدة من قبلها في مثل هذه الأحوال. - سبق لك أن صرحت بأن ملف السلفية الجهادية ليس بيد الحكومة. فبيد من إذن؟ هو بيد المعتقلين أولا، لأنه لا يمكن النظر في قضية مثل هذه وحلها بأي شكل إن لم تكن هناك معطيات واقعية تشجع على اتخاذ قرار من هذا الحجم. كما أنه يجب التفاعل معها مجتمعيا عبر الجمعيات الحقوقية، ويواكب ذلك بالتتبع الإعلامي الضروري، ليتم بعد ذلك اتخاذ القرار السياسي الضروري، وأؤكد أنه لا يمكن أن يصدر أي قرار سياسي من فراغ، أو يعتمد على معطيات غير ناضجة. ما نلاحظه هو أن الأمور كانت تسير في هذا الاتجاه، وكانت هناك مجموعة من المبادرات داخل السجون وجدت صدى لدى بعض الجمعيات، فتكون نسيج جمعوي، لكن بعد ذلك جاءت أحداث سوريا والعراق فعاد الملف الى الصفر، إذ أن بعض الذين سبق لهم أن أدينوا في ملفات الإرهاب سافروا للقتال هناك. وأؤكد لكم أني أدعو إلى فتح هذا الملف في اتجاه الإنصاف الضروري لمن يجب إنصافه، فضلا عن النظر في حالات المعتقلين الذين قاموا بالمراجعات اللازمة وتأكد أنهم نبذوا الإرهاب. - وماذا عن العفو كحل للملف؟ ولماذا أصبحت هذه الفئة تقصى من العفو ولا تتم مساواتها مع معتقلي الحق العام؟ ليس هناك من حل غير حل العفو، ولكن على قاعدة مقاربة تصالحية وليس عبر آلية لجنة العفو التي تحتضنها وزارة العدل والحريات لأن خطورة الملف وحساسيته تقتضيان مقاربة استثنائية تتحمل فيها كافة مؤسسات الدولة مسؤوليتها. - هل من مؤشرات تدل على أن الملف في طريقه إلى الحل قريبا؟ لا أملك أن أؤكد لكم أي شيء في هذا الباب بسبب عدم اختصاص وزارة العدل والحريات. - ملف الشبيبة الإسلامية من الملفات التي سبق أن صرحت بأن حلها م مكن قانونيا عن طريق إسقاط الدعوى العمومية بالتقادم. هل وصلتك ملفات في هذا الشأن؟ نعم وصلتنا ملفات تم حل بعضها، ونرجو أن تحل الملفات الأخرى. - وماذا عن عبد الكريم مطيع؟ ألم يتقدم بأي طلب في هذا الشأن؟ لا شيء لدي بهذا الخصوص يمكن أن أفيدكم به. - تم اعتقال عضو في جماعة العدل والإحسان بالخميسات متلبسا بالخيانة الزوجية، وتم تصوير فيديو تم نشره. ألم تقرر متابعة من قام بهذا التصوير المخالف للقانون؟ ليس هناك أي بحث أو متابعة، حسب علمي، طالما ليست هناك شكاية في الموضوع. - صرح رئيس المجلس الأعلى للحسابات بالبرلمان بأن وزارة العدل ضعيفة بخصوص تحصيل الغرامات. ما الذي قمت به لتجاوز المشكل؟ مصالح وزارة العدل مقصرة في التحصيل منذ سنوات طويلة، وإن كانت معطيات التحصيل تطورت إيجابيا بشكل لافت خلال سنوات 2011 و2012 و2013، ولكنه تطور مازال يحتاج إلى مضاعفة المجهودات لتجاوز الخلل. ولذلك دعوت المجلس الأعلى للحسابات إلى افتحاص مؤسساتنا، وقد توصلنا بتوصيات المجلس الأعلى للحسابات ودرسناها، ونعتبر حاليا أن هذا الموضوع يقع ضمن الاهتمامات الأساسية للوزارة.