انتهى الإضراب الوطني بقطاع النقل الطرقي والذي شل الحركة التجارية والاقتصادية بالمغرب لمدة تسعة أيام، ولكن تداعياته لم تنته بعد وتنذر بعودة الاحتقان وسط المهنيين، خاصة بعدما تبين للنقابات والجمعيات التي دعت إلى الإضراب أن هناك نية لتهميشها. وبرز ذلك من خلال الاستقبالات التي عقدها رئيس مجلس المستشارين مع بعض المهنيين، الذين لم يشاركوا في الإضراب وأعلنوا في الكثير من المرات عن مساندتهم لمشروع مدونة السير. وفي اتصال هاتفي ل«المساء»، قال عبد الله حموشي، الكاتب العام للجامعة الوطنية الديمقراطية لأرباب الشاحنات لنقل البضائع بالموانئ المغربية، «إن اللقاءات التي يعقدها رئيس مجلس المستشارين، مع بعض النقابات التي لا تمثل غير نفسها، والتي لم تكن مشاركة في إضراب مهنيي النقل الطرقي، وأعلنت مساندتها منذ البداية لمشروع المدونة هو إعادة استنساخ لتجربة وزير النقل والتي كان من نتائجها الدعوة إلى الإضراب». وأضاف حموشي «أن رئيس مجلس المستشارين يعيد نفس الأخطاء السابقة لكريم غلاب»، وتساءل حموشي «هل البلاد محتاجة لمزيد من الاحتقان والتوتر؟». وأشارت مصادر مقربة من رئيس مجلس المستشارين، ردا على تصريحات بعض المهنيين، إلى أن» مجلس المستشارين لا يميز بين هذا وذاك وليس بإمكانه أن يعرف تمثيلية هذه الجمعية عن تلك»، وأضاف المصدر ذاته، أن المجلس وخصوصا الرئيس يتعامل مع كل مهني معني بمشروع مدونة السير يمكن أن يقدم اقتراحات في الموضوع، والمهم هو خلق نية الحوار وأن يكون كلام المهنيين مسؤولا واقتراحاتهم تصب في خلق مشروع مغربي متوازن ومتكامل يخدم المصلحة العامة والمشتركة للبلاد». وحول نية الحكومة التقدم بمشروع جديد، أكد المصدر ذاته، أن الحكومة هي المخول لها سحب المشروع الحالي والتقدم بمشروع جديد، وبما أن الحكومة لم تسحب المشروع، فإن المجلس يستمع لجل المهنيين لحصر مقترحاتهم وتقديمها للجنة المكلفة بدراسة المشروع في شكل تعديلات، كما للحكومة الحق بالتقدم بتعديلاتها حول النص عبر مستشاريها في الأغلبية أو باسمها، آنذاك فإن اللجنة المختصة، يمكن لها التصويت على التعديلات الجديدة إما بالقبول أو بالرفض، وأضاف المصدر ذاته، أن التعديلات المقدمة على المشروع يمكن أن تحظى بالتوافق ويمكن أن يحصل العكس، وهو ما لا نترجاه، المهم أن انفتاح مجلس المستشارين هو فرصة لخلق توافق حول هذا المشروع بين القوى السياسية التي هي مهنية كذلك بمجلس المستشارين مع باقي المهنيين الذين يشكلون قاعدة ناخبة لهؤلاء. فهذا الجسر الذي تأسس يجب العمل على استمراره في إطار التواصل. وللإشارة فليست هذه المرة الأولى التي تتم فيها عملية التواصل هذه، فمثلا عند دراسة قانون المالية، استقبل مجلس المستشارين في العديد من المرات الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي قدم مجموعة من المقترحات حول الشق الضريبي في قانون المالية، وكذلك غرفة التجارة والصناعة بالبيضاء التي تقدمت بمقترح حول الشق الضريبي من قانون المالية. نفس الأمر وقع عند تقديم مقترح قانون لهيئة خبراء المحاسبين الذين يقومون بجولة لدى الفرق السياسية لتقديم تعديلات حول مشاكل المهنة لإدخالها، إنها ثقافة «لوبينغ» بدأت تظهر إلى الوجود. يذكر أن الجامعة الوطنية للنقل الطرقي، التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب خلال اجتماعها مع المعطي بنقدور رئيس مجلس المستشارين، أول أمس الخميس، عرفت تقديم خمسة تعديلات على مشروع مدونة السير التي تم تعليق مناقشتها بمجلس المستشارين. وهمت المقترحات الجديدة تعديل الفصول 165 و167 و169 و144 و41 المتعلقة بالعقوبات السالبة للحرية، وبتقليص الغرامات، والمسؤولية المشتركة بين الناقل والشاحن، والنقل من طرف أساطيل أجنبية فوق التراب الوطني.