شهد مقر حزب الأصالة والمعاصرة بالرباط أول أمس اجتماعات ماراطونية مع عدد من النقابات في قطاع النقل، بعد ساعات قليلة من إعلان هذه النقابات وقف الإضراب الوطني، الذي شل حركة الاقتصاد لمدة تسعة أيام. واستمر الاجتماع، الذي ترأسه أمين عام الحزب محمد الشيخ بيد الله وعضو المكتب الوطني الطاهر شاكر بحضور أعضاء من الحزب، من الساعة الرابعة إلى حوالي الساعة السابعة مساء، قدم فيه حزب الهمة ضمانات للنقابات الحاضرة بالعمل على توقيف مناقشة المدونة داخل مجلس المستشارين وتجميد مدونة السير على الطرقات، التي كانت سببا خلف الإضراب، وإنشاء لجان للحوار من أجل تلقي اقتراحات النقابات المهنية وتقديمها للحكومة، في إطار وساطة بين النقابات والوزارة الأولى التي يقودها عباس الفاسي. وتعهد بيد الله أمام ممثلي النقابات بإيجاد حلول «معقولة» تأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع المتدخلين في القطاع، وقال إن اللجنة الخاصة التي تشكلت داخل حزب الأصالة والمعاصرة لمتابعة الملف، ستعمل بالتنسيق مع جميع المهنيين للبحث عن صيغة مناسبة تحفظ ماء وجه الجميع. وأشاد الطاهر شاكر، الذي يرأس اللجنة المذكورة، بتدخل حزب الأصالة والمعاصرة لفك الإضراب والإفراج عن المضربين، الذين تم اعتقالهم صبيحة أول أمس، مؤكدا أن تدخل حزب الجرار جاء في اللحظة التي كاد فيها الإضراب يخرج عن الضبط مما كان سيؤدي إلى حصول انزلاقات خطيرة، وشكر ممثلي النقابات باسم الحزب عن تجاوبهم مع دعوة هذا الأخير لوقف حركة الإضراب، واصفا جلسة الحوار، التي جمعت الوزير الأول عباس الفاسي والنقابات المهنية عشية وقف الإضراب، بأنها لم تكن مسؤولة، على حد قوله، مضيفا أن النقابات التي انسحبت من الحوار قامت بذلك بعدما وجدت نفسها أمام نقابات غير ذات تمثيلية حقيقية في الشارع، معتبرا ذلك إساءة للنقابات الوازنة. واستغل بعض ممثلي النقابات الحاضرة مناسبة الاجتماع وحولوها إلى منبر لمهاجمة عباس الفاسي والإشادة بمبادرة حزب الهمة، وقال أحد هؤلاء إن الوزير الأول تعامل معهم أثناء جلسة الحوار بنوع من الحط من كرامتهم، بينما قال محمد ميطالي، رئيس اتحاد النقابات المهنية لقطاع النقل الطرقي، إن مستوى النقابات «كان أعلى بكثير من مستوى عباس الفاسي أثناء الحوار»، فيما هاجم محضي إبراهيم، من النقابة الديمقراطية الوطنية، التي يرأسها الطاهر شاكر، الوزير الأول، وقال إن النقابات منذ 2007 وهي تنتظر أن يفتح معها عباس الفاسي جسرا للحوار دون جدوى، إلى أن جاءت المبادرة من الأصالة والمعاصرة. وتناقلت بعض المصادر أن اجتماع حزب الأصالة والمعاصرة تم في نفس الوقت الذي كان هناك اجتماع ثان بمقر وزارة الداخلية حضرته بعض النقابات المهنية، لكي يتبين فيما بعد أنه لم يعقد أي لقاء بمقر الوزارة الأخيرة عندما كان شكيب بنموسى يرد على حزب العدالة والتنمية بمقر مجلس النواب. وقالت مصادر مطلعة ل«المساء» إن ميطالي، رئيس اتحاد النقابات المهنية لقطاع النقل الطرقي، هو الذي اتصل بممثلي بعض النقابات وأخبرهم أن هناك اجتماعا سيتم في وزارة الداخلية، وبعد حضورهم من الدارالبيضاء اكتشفوا أن لا وجود لأي اجتماع، قبل أن يخبرهم ميطالي أن اللقاء ألغي وأن هناك لقاء آخر بمقر حزب الأصالة والمعاصرة، طالبا منهم الالتحاق به، ووصفت المصادر ذلك بأنه«تحايل» من أجل جلب ممثلي النقابات إلى حزب الهمة. وفي اتصال بميطالي نفى ذلك، وقال ل«المساء» إن اللقاء مع وزير الداخلية كان مبرمجا بالفعل«إلا أننا تأخرنا عن الموعد فغادر السيد الوزير مقر الوزارة بسبب التزاماته»، وثمن ميطالي مبادرة حزب الأصالة والمعاصرة بالوساطة بين النقابات والحكومة،وقال إن حزب بيد الله قدم لهم ضمانات حقيقية بإقبار مدونة كريم غلاب، وزير النقل والتجهيز، ووضع مدونة جديدة «مغربية اللون» تأخذ بعين الاعتبار مصالح المهنيين. وانتقل ممثلو النقابات المشاركة في الاجتماع إلى مقر وزارة التربية الوطنية بعد ذلك، حيث عقدوا اجتماعا ثانيا مع أحمد اخشيشن، وزير التعليم وعضو المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، وصلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية، وجمال أغماني وزير التشغيل، استمر إلى الساعة العاشرة والنصف ليلا، نوقشت خلاله القضايا المرتبطة بقطاع النقل، لكن لم يتم التطرق إلى موضوع المدونة، حسب مصادر حضرت اللقاء الذي كان مغلقا. وقال عبد المالك احريوش، نائب الكاتب العام للجامعة الديمقراطية للنقل الطرقي والدولي، في اتصال مع «المساء»، إن اللقاء تطرق إلى التغطية الصحية والضمان الاجتماعي للمهنيين، ووضعية الطرق والجمارك والمشاكل المرتبطة بالقطاع، وإنه لم يتم التطرق إلى المدونة لأنها أصبحت»مقبورة». وأعربت ثماني نقابات لمهنيي النقل عن احتجاجها على تصريحات الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، محمد الشيخ بيد الله، حول دور الحزب في وقف الإضراب الذي شل قطاع النقل، وقالت في بيان توصلت به«المساء» إن المنظمة المغربية للشغالين المتحدين والفيدرالية الوطنية لسيارات الأجرة والجمعية المغربية لأرباب وسائقي سيارات الأجرة والاتحاد الوطني للنقل بالمغرب ونقابة اتحاد الجامعات المهنية واللجان العمالية للنقل الطرقي للمسافرين ونقابة أرباب الطاكسيات لولاية الدارالبيضاء الكبرى وجمعية النصر لتضامن ملاكي وسائقي سيارات الأجرة»، تكذب ما ورد في التصريحات المنسوبة للأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة جملة وتفصيلا، وتندد وبشدة بمحاولة الاستغلال السياسوي الضيق للمعركة النضالية البطولية التي خاضها مهنيو النقل الطرقي بكل مسؤولية ضد مشروع مدونة السير»، وأضاف البيان أن قرار تعليق الإضراب«جاء استجابة لروحها الوطنية وتقديرا للظروف الاقتصادية التي تجتازها البلاد»، في إشارة إلى أن حزب الهمة لم يكن وراء القرار.