للمغاربة حكايات مع الشاي وجلساته، أي زائر قدم إلى البيت لابد أن تستقبله بالشاي وتحضر له كأسا منعنعا، الناس في البادية عندما ينشأ بينهم خصام، يتصالحون في جلسة شاي، وبعض العائلات سامحها الله تنظم جلسات شاي بالنميمة والكلام الذي يسيء إلى عائلات أخرى وهكذا دواليك. يجرني هذا الكلام وهذا الحديث إلى حلقات برنامج نغموتاي، الذي يشبه إلى حد بعيد جلسات العائلات المغربية حول كؤوس الشاي وما يجر إليه ذلك من أحاديث نفاق ونميمة وكلام فارغ غير مجد مضيع للوقت. ولا ننكر نحن كمتتبعين، أن فكرة نغموتاي محبذة وصائبة بل نتوق كمشاهدين إلى التمتع بالجلسات الفنية التي ترفه عنا، وليس إلى الكلام الفارغ والمشاكل التي تحدث بين الفنانين المدعوين. ولقد حصل أن استضاف برنامج نغموتاي بعض الفنانين، حيث اغتنم هؤلاء حلقة البرنامج لنشر غسيل خلافاتهم على المشاهدين، وبالتالي خرج البرنامج عن النص، وعوض استمتاعنا بجلسة فنية ترفه عنا، ساقنا البرنامج عنوة وأصبح حلقة صلح بين الخياري وفهيد، واعتبرنا نحن كمشاهدين هذه الخلافات تقع بين صبيان وليس بين عقلاء. وتساءلت كمتتبع ومعي المشاهدون، ما الفائدة من أحاديث الخياري عن المشاكل التي وقعت بينه وبين فهيد؟ هذه المشاكل التي جعلت حلقة من نغموتاي «حائط مبكى»، وبالتالي خروج الحلقة عن السطر وعن الغاية من خلقها كما سبق وذكرت، نحن كمشاهدين نريد فنا راقيا وليس فنانا يبكي لأنه تخاصم مع «فلان» (لعب الدراري هذا). وما لم أهضمه وأفهمه، هو الخصام الذي يفرق بين فناني هذا البلد، مجموعات فنية تفترق في مفترق الطرق دون إكمال المشوار، لأن فلانا تخاصم مع فلان، والأمثلة كثيرة : المشاهب، مسناوة، تكدة، مسرح الحي. في هذه الحالة، يعلق المغاربة عندما تقع هذه المشاكل بعبارة (شبعوا فلوس)، لكن عندما تجالس فنانا من هذه الفرق تكتشف أنه يستحق الشفقة والصدقة (إوا باز للي ما يحشم). أعود إلى موضوع حلقات نغموتاي، عندما استضافت التلفزة المغربية الخياري وفهيد المتخاصمين ومعهما مجموعة مسرح الحي، وعد هؤلاء بلم شملهم من جديد، وأضافوا أنهم في طور إعداد مسرحية جديدة، لكن إلى حدود كتابة هذه السطور وقد مرت شهور على بث حلقة البرنامج هذه، لسنا ندري أي مصير لقيته هذه المسرحية. على أي تكلم كل فرد من مجموعة مسرح الحي وأمطر صديقه الذي يجلس إلى جواره بوابل من عبارات ما يشبه النفاق والمجاملة، وتصالح المتخاصمان وتعانقا وبكيا كثيرا أمام أنظار المشاهدين المثقلين بهذه المشاهد الرتيبة، بكى الخياري وفهيد وكأننا نتابع جلسات خصام عالمية بين العملاقين موليير وشكسبير، وسوف أكون محقا إذا قلت إن هذه الحلقة من برنامج نغموتاي كانت جلسة نفاق، لقد توقعت عندما أخذ كل فرد من مجموعة مسرح الحي الكلمة أن يشير أحدهم إلى زميلهم في المسرح المرحوم إدريس حدادي المتوفى منذ عامين تقريبا، ولو من جانب الإنسانية والترحم عليه، وهو الذي لازمهم في الفرقة منذ تأسيسها، كان بإمكان الخياري أن يذرف تلك الدموع على فراق صديقه ادريس حدادي ويحكي لنا كيف يعيش أفراد أسرته، كان بإمكان عاجل وفلان أن يضربا لنا موعدا بتخصيص مدخول لإحدى مسرحياتهم لعائلة المرحوم إدريس حدادي، إذاك، سنكون كاذبين إذا اعتبرنا تلك الجلسات، جلسات نفاق، لأننا نشكر الحي الجالس بيننا، وننكر وننسى المتوفى الذي غاب عنا. على أي، جميل أن نستمتع في حلقات نغموتاي بالأندلسي، جميل أن نقضي وقتا ممتعا مع العيطة والغرناطي، والطرب العصري، جميل أن نتابع حلقات نغموتاي تخصص لموضوع مسرح الحي، هذا المسرح الذي نتمنى أن يكون هادفا وصورة طبق الأصل للواقع المعاش، وليس الضحك من أجل الضحك فقط. ونرجو من المشرفين على برنامج نغموتاي أن يطلبوا من ضيوفهم قبل تسجيل هذه الحلقات، أن يكف الفنانون المدعوون عن إبراز ضغائنهم ومشاكلهم التي تقع بينهم، فهذه المشاكل الجانبية تكون باعثا على الضجر وللملل عند المشاهدين التواقين إلى الترفيه نهاية الأسبوع. وفي الأخير، نلتمس من برنامج نغموتاي أن يساوي بين الأحياء والأموات، فما دام استضاف وجهين من مسرح الحي وهما الخياري وفهيد، نتمنى أن يكمل صنيعه، ويخصص حلقة من هذا البرنامج لعائلة المرحوم ادريس حدادي، إذاك سنغفر لمقدم البرنامج ونعترف بكونه استضاف مسرح الحي دون تمييز، الأحياء منهم وعائلة الميت ادريس حدادي رحمه الله، والله الموفق.