يقول الصينيون إن إمبراطورهم «شيم نونج» الذي عاش آلاف السنين، كان أول من عرف الشاي واستعمله، إذ كان مرة يغلي ماء بنار أذكاها من أغصان دقيقة انتزعها من شجيرة كانت قريبة منه، فتطايرت من الشجيرة بضع وريقات جافة كانت عالقة بالأغصان وسقطت في الماء الحار، وعندما استعمل الإمبراطور الماء تبين له أنه اكتسبت طعما لذيذا ورائحة زكية، من تلك الوريقات التي لم تكن سوى وريقات الشاي. ويقول الهنود في إحدى أساطيرهم إن أحد النساء البوذيين، نذر ألا ينام سبع سنوات متواصلة ليلا ونهارا، ولكنه مع بداية السنة الخامسة شعر بأن قواه بدأت تخور وأن النوم يتسلل إلى أجفانه، فراح يتلهى بمضغ وريقات من شجرة وجدها بالقرب منه وهناك لاحظ نشاطا غريبا يدب فيه، وان النوم طار من عينيه، فمضغ كمية أخرى من تلك الوريقات، وكرر ذلك كلما شعر بالنعاس يكاد يطبق جفنيه، وبذلك استطاع الوفاء بنذره، والبقاء 7 سنوات كاملة. لقد بدأ الشاي انطلاقته في أرجاء العالم من الهند والصين، وأما معرفة أوروبا به كانت عن طريق شركة الهند الهولندية، ولكنه كان إذاك مشروب الأغنياء وحدهم، نظرا لندرته.. وكان الصينيون يعتقدون بأن الشاي يطهر الماء، فكانوا لايشربون الماء إلا بعد غليه وإسقاط بضع وريقات من الشاي فيه، واليوم أصبح الشاي يحتل المكانة الأساسية على الموائد، وله نظم وتقاليد في إعداده وتقديمه، فهو يقدم كمشروب للضيافة لدى كثير من الشعوب، بدلا من القهوة، كما تخصص له ساعة معينة من اليوم لدى الانجليز، لتناول الشاي ويعنى الفلاحون الريفيون في البلاد العربية بالشاي عناية كبرى، فيتفننون في إعداده وتقديمه، وفي مصر وليبيا يقدم الشاي مكثفا إلى درجة تجعل لونه قريبا من السواد، وله أصول معينة وأوقات محددة.. وللشاي أنواع عديدة وألوان كثيرة أيضا، السيلاني، والهندي والياباني، ومنه الأحمر والأخضر والأسود، وهذا الاختلاف ناجم عن طريقة التحضير، لأن وريقات الشاي الغصة تكون عادة خضراء اللون قبل قطفها، وهي تحتوي على خمائر «أنزيمات» تفعل فعلها في الوريقات إذا ما تخمرت بعد قطفها، فتبدل من طعمها ولونها. هل للشاي فوائد؟ إن المادة المنبهة الموجودة في الشاي، والتي تسمى «شايين» تشبه «الكافيين» الموجودة في القهوة، وهي مادة منبهة للأعصاب «مقوية للقلب» إذا استعملها الإنسان باعتدال، أما الرائحة الخاصة للشاي، فتأتي من الزيت الطيار الموجود في أوراقه، أو من بعض الروائح التي يضيفها معامل إعداد الشاي لتزكي رائحته، ويحتوي الشاي أيضا على «التو فيلين» وهو مادة مقوية للقلب، مدرة للبول، وعلى ضوء هذه المحتويات التي يضمها الشاي يمكن اعتباره مفيدا في بعض نشاط الجسم وعلاج صداع المراهقين، والمصابين بالرعن «ضربة الشمس»، والمساعدة على الهضم إذا أخذ بعد الطعام بثلاث ساعات أو أربع، على أن يكون خفيفا مرفقا.. كما يفيد بعد الشاي في دفع العطش ومساعدة الجسم على مقاومة الحر وعن «الشايين» يقول أحد الأخصائيين في أمراض القلب إنه له خاصية لايعرفها الكثيرون، وهي أنه لايؤثر على القلب مباشرة بل على الجهاز العصبي وتأثيره غير فوري بل بالتدريج. بعكس القهوة فإن الكافيين الموجود فيها يؤثر مباشرة على غشاء المعدة والقلب... أما أضرار الشاي، كونه مسبب للامسالك خاصة إذا أخذ قبل تناول الطعام، فتحول، دون إفراز العصارات الهاضمة، فيسوء الهضم ولايمتص الجسم أغذيته بشكل جيد، وكلما ازداد غلي الشاي في الماء، كلما ازداد ضررا، لأن ذلك يزيد في الانحلال «العفص» الموجودة في الأوراق.