يزخر المجتمع الصحراوي المغربي بمجموعة من العادات والتقاليد والطقوس التي لا نظير لها في باقي مجتمعات مغرب "الداخل"، منها ما يرتبط بجوانب الحياة المتباينة من ولادة وعقيقة وختان وخطبة وزواج وطلاق وموت ودفن، ومنها ما يرتبط بالمواسم والشهور الدينية، بالإضافة إلى عادات أخرى تتعلق بفنون الطبخ الشعبي واللباس الصحراوي التقليدي.. وغيرها من العادات والتقاليد التي يتوارثها الصحراويون أبا عن جد. أول ما قد يثير انتباهك وأنت (من الداخل) تحل ضيفا على عائلة صحراوية، سواء كانت بالبادية أو بالحاضرة، هو طقوس الكرم والضيافة التي يستقبلونك بها بحفاوة ورحابة صدر، والتي تبدأ من دعوتك إلى جلسة "التّيّ" لاحتساء كأس شاي لا علاقة له ب"الما والزغاريت" الذي اعتدت على شربه في مدينتك، حيث يستغرق إعداده وطبخه فوق "المَجْمَر" ساعات طوال لكي تتوفر فيه 6 شروط يطلقون عليها 3 جيمات و3 حاءات: أولا: "الجّماعة"، إذ يفضل الصحراويون عقد جلسات الشاي جماعة، ومهما كثر عددها كان ذلك أفضل، حيث ينادون على بعضهم البعض: "تعالو نتيّيو!". ثانيا: "الجر"، أي إطالة فترة إعداد الشاي إلى أطول مدة ممكنة، وهو شرط يتيح للجماعة تداول الأخبار ومناقشة أمور الحياة العامة. ثالثا: "الجمر"، إذ من الأفضل إعداد الشاي على الفحم. ويشترط الصحراويون في "الدّكة" أيضا أن تكون "حارّة" و"حلوّة" و"حامية". ويسمى مُعد الشاي ب"القيّام" ويتم اختياره من بين أفراد الجماعة وفق مواصفات معينة من بينها بلاغة الحديث وإتقان الشعر ودماثة الخلق وحسن الصورة والوسامة. ويعلق الصحراويون على الشاي بالغ الجودة قائلين: "هذا اتاي يكلع ادواخ"، أي أن هذا الشاي يزيل آلام الرأس. خلال اليوم الأول من معاشرتك لهم، ستكتشف مدى غنى المجتمع الصحراوي بمبادئ التربية وأدبيات التضامن مع الغير والعلاقة الوطيدة مع الماشية، خاصة مع الإبل. أثناء جلسة الشاي، تكون النساء منهمكات في طبخ طعام شهي يلتقط أنفك رائحته الزكية حتى لو كنت مصابا بنزلة برد.. ما يجعلك تتمنى -في قرارة نفسك- لو يرفع القوم جلسة الشاي الطويلة فورا وينتقلوا إلى الأهم بالنسبة إليك أنت الذي بدأت أحشاؤك "تغرغر" من شدة الجوع...