تتفق المغربيات، صغيرات وكبيرات، متزوجات وعازبات... على أن الحناء رمز لأفراحهن ومسراتهن، يتزين بها في المناسبات السعيدة، كالزفاف والعقيقة والختان والأعياد الدينية وحتى الأيام العادية، لأنها رمز للحظ السعيد والفأل الحسن، بل وجالبة لفرص الزواج. وفي اعتقاد جل المغربيات أيضا أن الحناء نبتة من نباتات الجنة، ولازمة من لوازم تزين العروس قبل أن تزف إلى بيت زوجها، حتى غدا نقش الحناء حرفة تمتهنها «النقاشات» على نطاق واسع بين المغربيات والأجنبيات على حد سواء. صيام وزواج ودواء من أبرز المناسبات التي تستخدم فيها الحناء أول يوم من صيام الصغيرات لشهر رمضان، ففيه تلبس الصغيرة زيا تقليديا وتنقش لها إحدى قريباتها نقشا جميلا على يديها لتبقى هذه الذكرى السعيدة راسخة في عقلها تؤرخ لأول يوم لبدئها الصيام، كما أن الذكور الصغار يخضب وسط كفهم بالحناء قبل عملية ختانهم لجذب نظرهم وللتغلب على خوفهم الشديد. كما يعد طقس الحناء واحدا من أهم طقوس الزواج في المجتمع المغربي، فهو يوم مشهود عند العروس وبه تبدأ حفلة العرس، وحتى وإن تم الاستغناء عن باقي التقاليد فهو الوحيد الذي لا يمكن الاستغناء عنه، ففي هذا اليوم المتميز تحضر صديقات العروس وقريباتها ليلتففن حولها ليصنعن لوحات فنية جميلة وجذابة على يديها ورجليها، وعند انتهاء النقاشة تتسابق الحاضرات من العازبات في نقش وتخضيب أيديهن دون أرجلهن من الإناء الذي نقشت منه العروس لعل حظهن يكون مثلها في القريب.كما تتنوع استعمالات الحناء فلا تقتصر على النقش والتزين فقط، بل تتعداه إلى استعمالات أخرى لا تقل أهمية، فهي تستعمل إما للعلاج أو للتخفيف من ألم الرأس، وهي المادة الأساسية عند سكان البادية المغربية لمعالجة تشقق الأيدي والأرجل الناتجة عن أعمال الفلاحة أو شدة البرد، وإلى جانب ذلك يخضب بها الرجال رؤوسهم ولحيهم إخفاء للشيب، كما تستعملها بعض الأسر لتضميد الجراح وشفاء الأورام. وأمام الإقبال المتزايد على الحناء؛ غدت مهنة وحرفة تمتهنها النساء في بيوتهن وفي حرم الأولياء وفي الساحات العمومية وفي المدن والمآثر السياحية، وتسمى من تمتهن هذه المهنة «النقاشة».. ولسهولة التواصل معهن يلجأن إلى كتابة أشعار على أبواب بيوتهن أو توزيع بطاقات إشهارية تحمل أسماءهن وأنواع نقشهن وأرقام هواتفهن... تقول إحدى النقاشات: «عندما تأتيني واحدة من زبائني أعرض عليها ألبوم صور النقش كي تختار ما تحبه ويوافق ذوقها، وبعد ذلك نتفاهم على الثمن، فلكل نوع من النقوش مقابله حسب الوقت المستغرق أيضا، ومهنتنا هذه تتطلب نوعا من التركيز واستعمال الخيال». وتقول أخرى: «الطلب يتزايد علينا في فصل الصيف، حيث تكثر الأعراس والحفلات، ويكثر أيضا توافد السائحات الأجنبيات اللائي يحببن أن يوثقن زيارتهن للمغرب بالرسم على أيديهن أو أرجلهن».