كانت الأعراس المغربية إلى عهد قريب تدوم سبعة أيام بلياليها الملاح، لكن عصر السرعة أتى على كل شيء حتى الزفاف! لكل منطقة مغربية معتقدات خاصة حول طريقة الاحتفال بالزواج، لكن ما يوحد المجتمع المغربي شيئان، أولهما ذلك التقديس لحفل الزفاف، وثانيهما كون كل المناطق المغربية تشترك في طقوس متشابهة في ما يخص الاحتفال بالزواج. كانت أيام العرس المغربي في غالب الأحيان ثلاثة، لكل يوم خصوصيته وطقوسه، فاليوم الأول هو مخصص لحمام العروس، إذ تصطحبها صديقاتها وقريباتها وجاراتها إلى الحمام المغربي التقليدي، هذا بعد أن تكون العروس قد حجزت الحمام التقليدي خصيصا لها هي ومن معها. ويتم تنظيف الحمام وإطلاق مختلف أنواع البخور والعطور فيه. ولهذا اليوم خصوصيته الشديدة، حيث تذهب كل نساء عائلة العروس إلى الحمام طالقات زغاريدهن.. ليصبح الحمام مكانا مصغرا للاحتفال بالزفاف. أما اليوم الثاني، فكان مخصصا للحناء، فنقش الحناء هو من الطقوس الأصيلة للزفاف المغربي، وكان من المستحيل التخلي عن هذه العادة لأن المغاربة يتفاءلون بالحناء ويعتبرونها مصدر تفاؤل بالحياة المستقبلية للعروس.. ويقول المعتقد الشعبي إن التخلي عن هذه العادة نذير شؤم لحياة العروس الزوجية! وتقوم الفتيات العازبات الحاضرات يوم نقش الحناء بالتناوب على «النقّاشة» التي تقوم بنقش أيديهن أو على الأقل بعض أصابعهن من باب «الفأل الحسن» بقدوم عريس إليهن. لا نغفل أنه في بعض المناطق المغربية، ولاسيما البوادي وبعض المدن، يعتبر يوم الحناء مهما للعريس أيضا، حيث يحرص أصدقاؤه وأفراد عائلته في هذا اليوم على أخذه في جولة تتعدى الحي الذي يقطنه إلى الأحياء المجاورة، وفي أثناء ذلك يتغنون بالأمداح النبوية والأذكار، إلا أنه في مناطق مغربية أخرى تم التخلي عن عادة الحناء بالنسبة إلى الرجال. وختاما، هناك اليوم الثالث، والذي يعتبر أهم يوم في الزفاف المغربي ففيه تزف العروس لزوجها. في هذا اليوم يتم إحضار «النكافة»، وهي سيدة تتكفل بزينة ولباس العروس، ف«النكافة» المغربية عامل رئيسي لإنجاح حفل العرس، بل وجودها أهم من وجود أي فرد من أفراد عائلة العروسين... حتى إن النكافة تتقاضى ما يقارب 30 ألف درهم. كانت النكافة تحرص في السابق على أن تلبس العروس في الزفاف أكثر من لباس تقليدي يكون مختلفا ويمثل بعض مناطق المغرب كاللباس الفاسي والشمالي والأمازيغي ومختلف أنواع القفطان المغربي، إضافة إلى ملابس وأزياء أخرى مثل الزي الهندي والخليجي والتونسي مثلا، لكن الطلة الأخيرة للعروس في الزفاف تكون بالثوب الأبيض الذي ترتديه الأوروبيات في زفافهن. كما تتكلف النكافة، إثر كل تغيير للعروس للباسها، باختيار الإكسسوارات الملائمة له، كأن العرس المغربي عرض أزياء متكامل، وكان هذا الأمر يرهق فعلا العروس! وترافق عادة عرض الأزياء هذا تشكيلة موسيقية متنوعة جدا، تعزفها الأجواق التي تختار موسيقى تتناسب ولباس العروس، كما تعزف خليطا من الأغاني الشرقية والمغربية إضافة إلى الفولكلور.. ومن بين أهم فقرات العرس «الدقايقية» والذين يقومون بتنشيط العرس بطريقة غير عادية عبر أغانيهم المرحة والتي تبعث نفسا حاميا في العرس. بعد هذا يتم حمل العروس في «العمارية المغربية» واللف بها في كل مكان العرس. جدير بالذكر أيضا أن طريقة زف العروس لزوجها تختلف من منطقة إلى أخرى، إلا أن العروس غالبا ما تزف لزوجها على الطريقة الغربية، حيث تأخذ في سيارة فخمة تطلق أبواقها على طول الطريق التي تعبرها إلى حين وصولها إلى الفندق الذي سيبيت فيه العروسان، أما العروس في البادية المغربية فمازالت حتى الآن تزف في هودج يحمل على الأكتاف. الأيام الثلاثة هذه هي بالضرورة مهمة وأساسية لنجاح أي حفل زفاف مغربي، فهي ضرورية أيا كان الثمن..