تنظر نساء المغرب فترات أطول للزواج ولكن عندما تحين ليلة الزفاف فإنهن لا يدخرن جهدا في إحياء طقوس التقاليد المغربية الأصيلة وإحاطتها بأجواء الاحتفال العارم. "" بالنسبة للعديد من المغربيات، يبقى الزواج ضرورة حتى وإن أتى متأخرا في حياتهن. لقد شهد المجتمع المغربي تغييرا كبيرا في العقود الأخيرة مع تطور التعليم الذي ربما كان له الأثر الأوفر في إرجاء الزواج. فسن الزواج ارتفع من 17 عاما في عام 1960 إلى 27 حسب أرقام للمكتب الوطني الاعلى للإحصاء والتخطيط. ولكن العديد من فتيات العصر الحديث يستلسمن أمام سطان التقاليد العرفية. تقول عالمة الاجتماع جملية باعدي :"إن المغرب مثله مثل بقية البلدان العربية لم يعد فيه الزواج بشكل صدارة الأولويات لدى النساء لكنه يبقى ضرورة اجتماعية. وأوضحت "لقد تغيرات العقلية المغربية...خلال الثلاثة عقود الماضية. العائلات لم يعد لها شعور بضرورة تزويج بناتها في أقرب وقت ممكن حيث تفضل إرسالهن للمدارس لكي يتعلمن ويحققن الاستقلال الذاتي". ومع ذلك، فإن كانت نظرة المجتمع قد تغيرت فإن المرأة مازالت تواجه قدرا كبيرا من الضغوط الاجتماعية لما يبلغن الثلاثة عشر سنة. جليلة العرفاوي وهي موظفة في بنك تزوجت قبل سنتين وعمرها 35 عاما. لقد كانت تتمتع بالنجاح في حياتها العملية وظنت أن العالم غير قادر على منعها من التمتع بحياتها وبناءها. لكن تقول "ولكن لما بلغت الثلاثين، أصبحت نظرات الجيران وأفراد الأسرة تثير غضبي. والدي دائما يسئلون إن كان فارس الأحلام قد تقدم لخطبتي. وبسبب الضغوط التي وضعوني تحتها قبلت أول رجل تقدم لخطبتي ولكنني عانيت من النتائج" مضيفة انها اضطرت للطلاق بعد أربع سنوات. العديد من النساء مثل جليلة يشعر بحدة هذه الضغوط الاجتماعية لما يقترب من الثلاثينات. سميرة الصفريوي وهي أستاذة تعاني يوميا مع اقترابها من سن 38 دون زواج. وإن كانت مستقلة ماليا فإنها ما زالت تسمع التعليقات الجارحة من جميع الأطراف. وأوضحت "لا أستطيع أن أتحمل نظرات الازدراء والشفقة التي يوجهها إلي أقربائي. إنها تخدش شعوري ولو أن كوني عازبة قرار شخصي اتخذته قبل بضعة سنوات لكي أنعم بحياة هادئة". لكن سميرة اختارت عنوة حياة العزوبة أما الشابات المغربيات فيعانين لعجزهن عن العثور على الزوج المثالي. باعدي توضح أن بعض الفتيات اللواتي حصلن على مستوى تعليمي رفيع بدأن البحث عن زوج بنفس المؤهلات الجامعية. ولكن مع مرور الوقت، اتضح لهن أنهم قضين زهرة الشباب في البحث عن ذلك الزوج الذي لا يوجد. وقال باعدي "هذا هو الوقت الذي يشعرن فيه بضغوط الثقافة والمجتمع من كل جانب". السيدة خديجة ر. وهي طبيبة تشكل مثالا صارخا على ذلك: فهي في الأربعين من عمرها ولكنها مازالت عازبة. عزمت الزواج قبل بضعة سنوات من طبيب جراح ولكن مع مرور الوقت أصبحت طلباتها أقل تخصيصاز "حاليا ليس لدي هذا الشرط. أريد فقط زوجا يحترمني لكي أنجب طفلا قبل سن اليأس. آسف لقضاء حياتي بحثا عن زوج على مقاسي". وحتى النساء الأكثر معانقة للحداثة يخضعن للتقاليد في الاحتفال بزواجهن طبقا لأصول عريقة. وتوضح باعدي قائلة "العروس الشابة سواء متعلمة ام أمية دائما تتطلع لاحترام الطقوس الخاصة لحفل الزفاف". إنه شبه مستحيل بالنسبة للعروس الشابة أن ترفض المهر المطلوب طبقا للشريعة الإسلامية ولكن عادة ما يكون مبلغا رمزيا. في المغرب مع ذلك يمثل قيمة المرأة في عيون زوج المستقبل. هناك قلة من النساء اليوم يسمحن بمهر رمزي. أسماء بقالي وهي طالبة في 24 من عمرها انفصلت من خطيبها مؤخرا بسبب المهر. "بالنسبة لي هو رمزي والحب هو ما يحتسب. ولكن بالنسبة لأسرتي، حيث أنا البنت الوحيدة، يجب على زوج المستقبل أن يعبر عن قيمة زوجته حسب قول بقالي. وتابعت تقول "لا أستطيع أن أغير عقليتهما. خطيبي له الوسائل ولكن مبدئيا رفض إعطائي المهر الذي يلبي توقعات أمي وأبي". هناك تقاليد وطقوس تتسم بنفس القدم من الأهمية كالمهر. فالعرس يتميز بجو خاص من الاحتفال البهيج يبدأ بما يعرف ب"الحمام" الساخن للعروس رفقة أقرب النساء والفتيات من أقربائها. وفي ليلة الزفاف يتم الاحتفال بها في ليلة حناء، بحضور الزيجات من العائلتين. ويتم عرض هدايا الزوج للمدعويين وسط فضاء احتفالي صاخب بالغناء والرقص والزغاريد. وفي اليوم الكبير، يتم تقديم العروس للمدعويين في أبهى حلتها. وتقوم منسقة خاصة تدعى محليا "النكافة" بتزيين أطراف العروس بالحناء وتتبع دقة متناهية في مظهرها وفستانها الخارجي الفريد المرصع بمختلف الجواهر والألوان حيث تغييره بضع مرات في الليلة الواحدة. سعيدة التونسي تعمل نكافة. لقد تعلمت حرفتها عن جدتها وقضت عشر سنوات في إعداد العرائس ليوم الزفاف. قالت لنا موضحة "إنها مهنة مستوهية للغاية والتي لا شك لي بأنها مربحة دائما. حقا لا يمكن التنبؤ بمدخولي المالي إلا في الصيف حيث تكثر أيام الزفاف والأعراس. ولكنني أتمكن من كسب رزق طيب". في موقعها بمدينة تمارة شاهدنا امرأة مشغولة بتصفح ألبوم من الصور للفساتين التقليدية التي تريد أن ترتديها ليلة زفافها. وصرحت لنا الفتاة الشابة هذه ردا على سؤالنا "في غياب النكافة لن أتصور أن أحيي ليلة زفافي بالشكل اللائق، مثل كل البنات، أريد أن أكون أجمل فتاة في حفل زفافي. وهنا ستساعدني سعيدة".