أول هذه النصوص ينسب إلى بومبونيوس ميلا، الذي خلف لنا مؤلفا تحت عنوان «الكوروغرافيا» يتكون من ثلاثة كتب أحدها يتضمن وصفا لموريتانيا الطنجية ويورد ذكرا للعديد من المدن. ففي البداية يحدد بومبونيوس ميلا الموقع الجغرافي لموريتانيا الطنجية قائلا:»يسمى المحيط الأطلسي، المجال البحري الذي يمس القارة من الجهة الغربية. وإذا أبحرنا انطلاقا من المحيط وفي اتجاه بحرنا، فستكون إسبانيا على الشمال وموريتانيا على اليمين تلك هي البداية بالنسبة لأوربا من جهة ولإفريقيا من جهة ثانية (...) وتوجد هنا مغارة خاصة بهرقلHercule، تليها طانج Tinge، مدينة قديمة أسست، حسب ما يقال من قبل آنطي Antée. «(المصطفى مولاي رشيد، م.س، ص 41). ويذكر بومبونيوس ميلا بعض المدن حيث يشير في مؤلفه إلى أنه «من الأمور التي يجب على الأقل ذكرها، جبال شامخة، متصلة فيما بينها ومرتبة بنظام كما لو قصد ذلك، وتعرف بالإخوة، بسبب عدد السبعة وبحكم التشابه أيضا. يليها نهر تموداTamouda ومدينتا روسغادا Rusgada وسيغا Siga الصغيرتان وكذا ميناء، أطلق عليه بسبب اتساعه، اسم العظيم. إن المولوشا Mulucha، وهي ذلك النهر الذي تحدثنا عنه، المحدد قديما ما بين مملكة بوكوس Bocchos ومملكة يوغرطا Jugurtha والفاصل حاليا إلا لبعض الشعوب « (المصطفى مولاي رشيد، م.س، ص 41). ويضيف متحدثا عن سكان المنطقة فيخبرنا بأنه « يعيش بعض هؤلاء السكان بالغابات غير أنهم أقل تنقلا من الذين تحدثنا عنهم سالفا، ويقطن البعض الآخر بالمدن التي تكون أهمها قدر ما تتصف به المدن الصغيرة وهي: بعيدا عن البحر: جيلدا Gildaووليلي Volubilisوبريسيانا Prisciana وعلى شاطئ البحر: سلا وليكسوس Lixos التي يسقيها النهر الحامل للاسم نفسه. تظهر بعيدا مستعمرة زيليس Zilis، كما يوجد نهر غنا Gana ورأس أمبولوزيا Ampolozia، النقطة المتجهة نحو بحرنا التي انطلقنا منها والتي هي عبارة عن نهاية هذا الكتاب والشاطئ الأطلسي». (المصطفى مولاي رشيد، م.س، ص44). بالإضافة إلى المعلومات التي أوردها بومبونيوس ميلا فإن بلينيوس الأقدم ( المتوفي في 79 م) وصف لنا مطولا موريتانيا الطنجية التي أشار إليها تحت هذا الاسم بالكتاب الخامس من مؤلفه تاريخ الطبيعة Histoire naturelle (313 1904 ,pageBESENIER .M ,). إذ إنه يعرفنا بالعديد من المدن ولا يحدد مواقعها الجغرافية، فيقول إنه « كانت هناك قديما مدينتا ليسا وكوطا Cotta ما بعد أعمدة هرقل، كما نجد حاليا طانجي Tingi التي أسسها آنطي Antée والتي تحمل اسم ترادوكتايوليا Traducta Julia منذ أن حولها كلود قيصر Claude César إلى مستعمرة (المصطفى مولاي رشيد، م.س، ص44). كما يخبرنا أيضا بأنه توجد « على مسافة خمس وعشرين ألف خطوة من طانجي وبجوار المحيط، مستعمرة أوغسطوس Auguste، المسماة يوليا قسطنسيا زليس Julia Constantia Zilis، المعفاة من سلطة الملوك والخاضعة لحكم البتيك، وتبرز على بعد خمس وثلاثين ألف خطوة من زيليس مدينة ليكسوس Lixos التي جعل منها كلود قيصر Claude César، مستعمرة، والتي كانت بالنسبة للقدماء موضوع أساطير عجيبة (...)» (المصطفى مولاي رشيد، م.س، ص45). ويستمر بلينيوس الأقدم في وصفه قائلا إنه» توجد على بعد أربعين ألف خطوة من ليكسوس بداخل الأراضي مدينة بابا Baba، مستعمرة أخرى لأغسطوس المسماة يوليا كمبستريس Julia Canpestris، ثم ثالثة تدعى بناصا Banassa على مسافة خمس وسبعين ألف خطوة، وملقبة بفالنتيا Valentia، كما توجد على بعد خمس وثلاثين ألف خطوة من هذه الأخيرة، مدينة وليلي Volubilis المحصنة على مسافة متساوية من البحرين. ويجري من جانب آخر، عند الساحل وعلى بعد خمسين ألف خطوة من ليكسوس، نهر سبوبوس Sububus، بجوار بناصة، وهو نهر رائع وصالح للملاحة. وتظهر على مسافة خمسين ألف خطوة من سبوبوس مدينة سلا Sala قرب النهر الحامل لنفس الإسم(...)» (المصطفى مولاي رشيد، م.س، ص45). ويخبرنا بلينيوس الأقدم نقلا عن أغريبا Agrippa ببعض المواقع ويقول إنه توجد مدينة على رأس موليلاشا Mulelacha وميناء روتبيس Rututbis على بعد أربع وعشرين ومائتي ألف خطوة من ليكسوس. ثم يلي هذا ميناء ريسادير. ويعتقد بأنه عند نهر تموداTamuda كانت توجد مدينة قديما.(المصطفى مولاي رشيد، م.س، ص 47 وص 49). وما يستخلص من المعلومات والمعطيات التي تركها لنا بلينيوس الأقدم هو محاولة التوطين الجغرافي للمواقع وهو دلالة على تطور في الوصف وفي تدقيق المعلومات والمعطيات. وسيزداد الوضوح والدقة مع الجغرافي بطليموس، الذي سجل إحداثيات العديد من المواقع والمدن داخل موريتانيا الطنجية. ويمدنا بطليموس بأسماء ومواقع حوالي 30 مدينة ومركزا منها ما سبقت الإشارة إليه بالنصوص التاريخية مثل مدن سلا وليكسوس وزيليس ووليلي وتوكولوسيد وبناصا.. ثم هناك مدن أخرى لم يسبق ذكرها فيما قبل مثل كونتيانا وهيربيس وتريزيس وكالافاودورات وفالا (363 - 361 1904 ,ppBESENIER .M ).