تدل كثير من الآثار لتاريخية القديمة على وجود حياة بشرية قديمة بالمنطقة التي نشأت فيها مدينة القصر الكبير نذكر منها على سبيل المثال تلك النصب الحجرية الاثرية التي وجدت بها و كذا الرسوم الكهفية التي تم العثور عليها في الجبال القريبة من المدينة و التي من المحتمل أن يرجع تاريخها إلى أربعة آلاف سنة أو أكثر. كما أن تأسيس مدينة ليكس من طرف الفينيقيين سنة قبل الميلاد على الشاطئ الأيمن لوادي اللوكوس "ليكسوس" بالقرب من مدينة القصر الكبيرة جعل هده الناحية معروفة من لدن الفينيقيين أولا ثم القرطاجيين من بعدهم إلا أنه غير مؤكد لحد الآن ما يراه بعض الباحثين من أنهم أقاموا مركزا أو مستوطنة لهم في موقع القصر الكبير وذلك لانعدام دليل تاريخي مكتوب أو مادي أثري يثبت ذلك خصوصا و أن الفينيقيين والقرطاجيين لم يتجاوز نفوذهم بالمغرب المناطق الشاطئية التي أقاموا بها مرافئ تجارية. و تجدر الإشارة إلى أن فريقا من المعهد الوطني لعلوم الآثار كشف عن موقع أثري صيف 1111 على بعد نحو خمسة كيلومترات و نصف من شمال غرب المدينة، "عزيب السلاوي" تم العثور فيه على مقبرة تعود إلى الحقبة الفينيقية القرنين السادس و الربع قبل الميلاد تضم بعض المقابر فيها بعض القطع الخزفية وحلي من الفضة كما عثر على موقع آخر يعود إلى العهد الموحدي خلال القرنين الثاني عشر و الثالث عشر بعد الميلاد إلا أن هذه الاكتشافات لم تعطى الأهمية التي تستحقها و لم يتم الكشف عنها باستثناء ما نشر عنها في بعض الصحف اثر اكتشاف الموقعين. الرومان بدأ استيلاء الرومان على المناطق التي كانت تابعة للقرطاجيين منذ سنة 111 قبل الميلاد و بعد انهيار حكم هده الأخيرة استولى الرومان علي الإقليم الذي كان يسمى باسم موريتانيا وبدأ الرومان يتوافدون على المستعمرة الجديدة لبسط النفوذ و إحكام سيطرتهم عليها و في سنة 11 قبل الميلاد أسس القائد اوكتافيو مستوطنات للجنود و المحاربين المكلفين بحماية المستعمرة كان أهمها مستوطنة طنجيس "طنجة حاليا" وزايليس "أصيلة حاليا" و غيرهما. و في عهد الإمبراطور الروماني "كلاوديو" تم تقسيم مستعمرة موريطانيا إلى قسمين هما موريطانيا القيصرية وموريطانيا الطنجية التي كان يحدها نهر ملوية شرقا و المحيط الأطلسي غربا، و خلال هذه الفترة من الاحتلال الروماني لموريطانيا الطنجية تم تأسيس حصن جديد أطلق عليه اسم "أوبيدوم نوفوم" أو "القلعة الجديدة" ولا نعرف بالضبط متى تم تأسس هذا الحصن لكننا نعرف موقعها الذي حدده "أنطو نين" في أوائل القرن الثالث ميلادي حيث رسم موقعها على الطريق الرومانية الداخلية التي تبتدئ من طنجيس طنجة و تربط بين ليكسوس و تريمولي و الذي يصل إلى فوليبيليس "وليلي حاليا" وحدد موقعها على بعد 110 كيلومتر من طنجيس و هو ما ينطبق تماما على موقع القصر الكبير. و كانت مهمة هذا الحصن مهمة عسكرية حيث كان يقيم الجنود الدين يفدون من روما و غيرها من المستعمرات التي كانت تابعة لها للدفاع عن مصالح المستوطنين الرومان ضد الهجمات المتتالية التي كان السكان الأصليون يشنونها على المحتلين الذين استغلوا ثروات البلاد و سيطروا عليها. و توجد نقيشتان تاريخيتان بمنار المسجد الأعظم بالمدينة إحداهما باللاثينية و الثانية باليونانية تحملان اسم جنديين من فرق الجند الروماني ماتا بحصن اوبيدوم نوفوم وذلك دليل على الصفة العسكرية التي كانت للحصن في ذلك العصر. و كما أن تأسيس اوبيدوم نوفوم لم يحدد تاريخه بالضبط لعدم وجود معلومات مدققة عن ذلك فان اختفاءه و خرابه لم يحدد تاريخه كذلك إلا انه تحقق عند انتشار المسيحية بموريطانيا الطنجية ووفود المبشرين المسيحيين إليها من اسبانيا، إذ أن إقليم موريطانيا عرف تقلص النفوذ الروماني به عند نهاية القرن الثالث الميلادي سنة 111 م صار الروماني و اضمحلاله بالمغرب و لا يستبعد أن يكون مقر تلك الرسولية أي الكنيسة المسيحية هو المكان الذي أقيم عليه المسجد الاعظم بالقصر الكبير في أوائل العهد الموحدي الأول و هذا يعني أن حصن أوبيدوم نوفوم استمر إلى أوائل القرن الخامس الميلادي على حدود نهر اللوكوس وهو الحد الفاصل له من ناحية الجنوب و اتحد مع اسبانيا حكما و إدارة و عند انتشار المسيحية بموريطانا كانت من ضمن الرسوليات الموجودة بها رسولية أوبيدوم نوفوم التي كانت تابعة دينيا لاسبانيا و قد استمر وجودها إلى غاية القرن الرابع أو بداية القرن الخامس الميلادي أي إلى نهاية الاحتلال. *إداري ببوابة القصر الكبير الإخبارية. شروط التعليقات الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن وجهات نظر أصحابها وليس عن رأي ksar24.com