نقابة تنتقد التعامل الحكومي "غير المسؤول" مع الملف الاجتماعي    زنيبر: المغرب ملتزم دائما بالدفاع عن قضايا حقوق الإنسان على المستوى الدولي    وزارة: التساقطات المطرية الأخيرة تبشر ببداية واعدة للموسم الفلاحي    اكتشاف ‬نفطي ‬ضخم ‬بسواحل ‬الكناري ‬يطرح ‬من ‬جديد ‬مسألة ‬تحديد ‬الحدود ‬البحرية ‬مع ‬المغرب    الشامي: شراكة القطاعين العام والخاص ضرورية لتطوير صناعة السفن بالمغرب    أداء جيد في تداولات بورصة الدار البيضاء    كامالا هاريس تؤكد أن رئاستها ستكون مختلفة ولن تمثل استمرارا لسياسات بايدن    فرنسا تمنع إسرائيل من المشاركة في معرض يورونافال    ياسين عدلي: "اللعب لفرنسا قرار نهائي ولن أمثل الجزائر.. ولو اتصلوا بي في سن أصغر كما يفعل المغرب ربما كانت ستتغير الأمور"    زياش يثير فضول الجميع بحذفه لصوره مع المنتخب المغربي من مواقع التواصل الاجتماعي    عموتة ينضم إلى قائمة المرشحين لتدريب المنتخب السعودي    حكيمي وبن صغير في التشكيلة المثالية للجولة الرابعة    24 إصابة إثر اصطدام سيارة لنقل الأموال وحافلة لنقل العمال    توقعات أحوال الطقس ليوم الخميس    من بينها المغرب..توقيف 66 شخصا في عملية لمكافحة الإرهاب نسقها الإنتربول في 14 دولة    رزم من الحشيش ملقاة على قارعة الطريق تستنفر الدرك بسيدي إفني    رئيس عمداء مدن أمريكا يشيد برؤية جلالة الملك في مجال التنمية    وزير الخارجية الإيراني يصل إلى مصر في زيارة نادرة    أكثر من مليار شخص في العالم يعانون الفقر "الحاد"    السعودية تستضيف القمة الخليجية – الأوروبية في 2026    أخنوش يترأس افتتاح الدورة الثانية لليوم الوطني للصناعة بمدينة بن جرير    ماذا ‬بعد ‬خطاب ‬11 ‬أكتوبر؟    الجديدة: زوج يجهز على زوجته ويرديها قتيلة    استياء جراء حرمان جماعة لبخاتي بإقليم آسفي من ثانوية–تأهيلية.. هل يتحرك بنموسى؟    أطباء ومحامون من الجديدة متورطون في ملف حوادث السير الوهمية    200 مليون لمشاركة المحليين ب"الشان"    مركز ينادي بمناظرة وطنية للدبلوماسية الموازية في قضية الصحراء المغربية    أسماء بنات من القران        دعم مادي ومعنوي للفنانة الأمازيغية فاطمة تيسارت من وزارة الثقافة بعد نقلها لمستشفى الصويرة    ،توقيع إتفاقية توأمة بين مدينة الداخلة ومدينة كولومبوس الأمريكية    رئيس الحكومة عزيز أخنوش: المغرب تمكن من تصنيع سيارة في كل دقيقة خلال سنة 2023    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    ماسك يمنح 75 مليون دولار لحملة ترامب    قصص الجثث المشرحة في كتاب طبيب شرعي بلجيكي تعيد الحياة إلى المطالعة    الحكومة تبدأ خطوة تمرير قانون الإضراب    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    رسميا.. الألماني توخل مدربا لمنتخب إنجلترا    مندوبية التخطيط: 80,6 في المائة من الأسر المغربية تُصرح بتدهور مستوى معيشتها    بعد انفصاله عن الرجاء.. الجيش الملكي يضم بن ونيس إلى الجهاز الفني    مهرجان سلا للسماع والتراث الصوفي دعامة للدبلوماسية الدينية والفكرية بأبعاد روحية وجمالية    إيران: "مستعدون لرد حازم على إسرائيل"    «ذهب أجسادهن» جديد عائشة بلحاج ضمن سلسلة إشراقات برعاية أدونيس    نقطة نظام .. النائبة البرلمانية النزهة اباكريم تطرح وضعية المواطنين بدون مأوى بجهة سوس    التوقعات الجوية المنتظرة ليوم غد الخميس    إسرائيل تضرب عشرات الأهداف لحزب الله    الناقد سينمائي واكريم يستعرض الجوانب الفنية لنجاح الفيلم السينمائي "على الهامش"    افتتاح المؤتمر الدولي للقيم والفنون بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة شعيب الدكالي    وليد الركراكي يشيد بأداء اللاعبين الجدد خلال مباراة إفريقيا الوسطى    خنيفرة تستعد لاحتضان الدورة الخامسة لمهرجان إيزوران    صناعة التفاهة.. تهديد صامت للوعي الاجتماعي    الصحة العالمية: سنة 2024 شهدت 17 حالة تفش لأمراض خطيرة    دراسة: تناول كمية متوسطة من الكافيين يوميا قد يقلل من خطر الإصابة بألزهايمر    دراسة: الذكاء الاصطناعي ساعد في اكتشاف آلاف الأنواع من الفيروسات    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد الدولار
نشر في المساء يوم 01 - 08 - 2014

إنه لَمِمَّا يحمل دلالة رمزية أن تُعقَد قمة دول البريكس في فولتاريزا بالبرازيل بعد سبعة عقود بالضبط من انعقاد مؤتمر بريتون وودز الذي أنشأ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وكانت نتيجة اجتماع قمة مجموعة دول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) الإعلان عن تأسيس بنك التنمية الجديد، الذي سيحشد الموارد لتنفيذ مشاريع البنية الأساسية والتنمية المستدامة، فضلا عن الاتفاق على ترتيبات احتياطية لتوفير السيولة من خلال مقايضة العملات.
كان مؤتمر بريتون وودز أحد أعظم أمثلة التاريخ من التعاون الاقتصادي الدولي. ورغم أن لا أحد يستطيع أن يجزم بعدُ بما إذا كانت مبادرات دول البريكس سوف تنجح، فإنها تمثل تحديا كبيرا لمؤسسات بريتون وودز التي ينبغي لها أن تستجيب. وتشكل إعادة النظر في الدور الذي يلعبه الدولار الأمريكي في النظام النقدي الدولي مثالا واضحا لهذا.
كان ربط الدول لأسعار صرف عملاتها بالدولار الأمريكي من بين السمات الرئيسية التي ميزت نظام بريتون وودز. ورغم انتهاء العمل بهذا النظام فعليا في عام 1971، فقد ظل دور الدولار الأمريكي المركزي في النظام النقدي الدولي باقيا، وهي الحقيقة التي أصبحت بلدان عديدة غير مستعدة لتقبلها.
إن عدم الرضى عن الدور الذي يلعبه الدولار كعملة احتياطية عالمية مهيمنة ليس جديدا؛ ففي ستينيات القرن العشرين، شجب وزير المالية الفرنسي فاليري جيسكار ديستان، في عبارة شهيرة، "الامتياز الباهظ" الذي أضفته مكانة الدولار على الولايات المتحدة.
والقضية ليست مسألة عدالة فحسب، فوفقا للخبير الاقتصادي البلجيكي روبرت تريفين، يتسم النظام النقدي الدولي الذي يقوم على عملة وطنية بعدم الاستقرار، نظرا إلى التوترات الناجمة عن ذلك بين المصالح المتباينة حتما بين الدولة المصدرة والنظام الدولي ككل.
أطلق تريفين تحذيره هذا قبل أكثر من خمسين عاما، ولكن هذا التحذير اكتسب مؤخرا أهمية إضافية، بعد أن أصبح العالم مع صعود الصين غير راغب في التسامح مع عدم الاستقرار الناجم عن النظام الذي يهيمن عليه الدولار. ولكن الحل لا يكمن في إحلال الرنمينبي محل الدولار وإنما في تعزيز دور العملة العالمية الحقيقية الوحيدة: حقوق السحب الخاصة التي يصدرها صندوق النقد الدولي.
بعد إنشاء حقوق السحب الخاصة في عام 1969، التزم أعضاء صندوق النقد الدولي بجعلها "الأصل الاحتياطي الرئيسي في النظام النقدي الدولي"، وفقا لما ورد في بنود الاتفاق. ولكن الطريقة الغريبة التي تم بها تبني حقوق السحب الخاصة كانت سببا في الحد من جدواها.
فبادئ ذي بدء، تسبب الفصل بين حساب حقوق السحب الخاصة التي يصدرها صندوق النقد الدولي وحسابه العام في استحالة استخدام حقوق السحب الخاصة لتمويل إقراض صندوق النقد الدولي. فضلا عن ذلك، فرغم تكديس البلدان للفائدة على حيازاتها من حقوق السحب الخاصة، فإنها لا بد أن تسدد فائدة على المخصصات التي تتلقاها؛ أو، بعبارة أخرى، تشكل حقوق السحب الخاصة أصلا وخصما في الوقت ذاته، فتعمل كخط ائتمان مضمون لحائزيها، وهو شكل من أشكال تسهيلات السحب على المكشوف غير المشروط.
ورغم ذلك، أثبتت حقوق السحب الخاصة كونها مفيدة؛ فبعد التخصيصات الأولية في الفترة 1970 - 1972، أصدر الصندوق المزيد منها لزيادة السيولة العالمية خلال أزمات دولية كبرى في الفترة 1979 – 1981، وفي عام 1997، ثم بشكل خاص في عام 2009 الذي شهد الإصدار الأكبر على الإطلاق، ما يعادل 250 مليار دولار أمريكي.
ورغم أن البلدان المتقدمة، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، سحبت من مخصصاتها، فإن البلدان النامية، وخاصة البلدان ذات الدخل المنخفض، كانت المستخدم الرئيسي لها. والواقع أن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها البلدان النامية (باستثناء الصين) المشاركة في خلق المال الدولي.
وتشير تقديرات عديدة إلى أن العالم قادر على استيعاب مخصصات سنوية تعادل 200 إلى 300 مليار دولار أو حتى أكثر، نظرا إلى الطلب الإضافي على الاحتياطيات. وقد دفع هذا كثيرين -بما في ذلك محافظ بنك الشعب الصيني تشو شياو تشيوان، ولجنة ستيجليتز التي تدعمها الأمم المتحدة، ومبادرة القصر الملكي بقيادة مايكل كامديسوس المدير الإداري السابق لصندوق النقد الدولي، ومؤسسة تريفين الدولية- إلى المطالبة بإدخال تغييرات على النظام النقد الدولي.
وفي عام 1979، قام جاك بولاك، الخبير الاقتصادي لدى صندوق النقد الدولي، والذي كان عضوا ضمن الوفد الهولندي في مؤتمر بريتون وودز، بتحديد الخطوط العريضة لخطة تهدف إلى القيام بهذا على وجه التحديد. وتتضمن توصياته في المقام الأول جعل كل تعاملات صندوق النقد الدولي بحقوق السحب الخاصة، والذي سوف يتطلب إنهاء الانفصال بين حقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي وحساباته العامة.
وتتلخص أبسط وسيلة لتحقيق هذه الرؤية في تخصيص حقوق السحب الخاصة بوصفها أصلا احتياطيا كاملا، وبوسع البلدان إما استخدامه أو إيداعه في حسابات صندوق النقد الدولي. وسوف يستخدم صندوق النقد الدولي هذه الودائع لتمويل عمليات الإقراض بدلا من الاضطرار إلى الاعتماد على مخصصات الحصص أو ترتيبات الاقتراض من البلدان الأعضاء.
ومن الممكن إضافة تدابير أخرى؛ فلتلبية الطلب العالي على العملة من قِبَل البلدان النامية وتعزيز دورها في الوقت نفسه في خلق المال الدولي، يمكن إنشاء صيغة خاصة لإعطائها حصة أكبر في مخصصات حقوق السحب الخاصة مقارنة بما تحصل عليه الآن.
ومن الممكن أيضا تشجيع الاستخدام الخاص لحقوق السحب الخاصة، ولو أن هذا من المرجح أن يلقى معارضة قوية من قِبَل البلدان التي تصدر العملات الاحتياطية الدولية حاليا، وخاصة الولايات المتحدة. والإبقاء على حقوق السحب الخاصة بوصفها "أموال بنك مركزي" محضة من شأنه أن يزيل هذه المعارضة، ويمكن حقوق السحب الخاصة من تكميل وتثبيت استقرار النظام الحالي، بدلا من الانقلاب عليه.
وتماما كما أعاد إطار بريتون وودز النظام إلى الاقتصاد العالمي بعد الحرب العالمية الثانية، فإن الإطار النقدي الجديد الذي يرتكز على عملة دولية حقيقية من الممكن أن يعزز الاستقرار الاقتصادي والمالي المطلوب بشدة. وسوف يستفيد الجميع من هذا، حتى الولايات المتحدة.
خوسيه أنطونيو أوكامبو
ترجمة: أمين علي
عن "بروجيكت سنديكيت"، 2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.