كشفت مصادر مطلعة أن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، النقابة التابعة لحزب الاستقلال، وجه رسالة إلى الوزير الأول عباس الفاسي أول أمس، على إثر الإضراب الذي شنته النقابات والمهنيون في مجال النقل احتجاجا على مدونة السير في الطرقات التي أعدتها وزارة الاستقلالي كريم غلاب، تطلب منه فيها إجراء «تعديلات جوهرية» على المشروع، لإرضاء النقابات والمهنيين قبيل موعد الانتخابات المهنية والجماعية، وسحب البساط من تحت أقدام النقابة التابعة للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حليف حزب الاستقلال في الكتلة الديمقراطية، لكي لا يعمل على استغلال النزاع القائم على المدونة في حملته الانتخابية، وتجريد المناوئين لحزب الاستقلال من ورقة سياسية يمكن توظيفها ضده. وقالت مصادر«المساء» إن اتفاقا سريا تم «تحت الطاولة» بين عباس الفاسي ونقابة حزبه، التي يرأسها حميد شباط، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، الذي دشن مرحلة قيادته لنقابة الاستقلال بالهجوم على النقابات الداعية إلى الإضراب، والمطالبة بتحديد مفهوم جديد للعمل النقابي يرتكز على الحوار وعدم التصعيد في مواجهة الحكومة. من جهة أخرى، قال عبد الله عصفور، مقرر المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتجديد ومستشار اتحاد النقابات المهنية للنقل بالمغرب، إن قوات الأمن بجهة الدارالبيضاء الكبرى قامت باعتقال 36 شخصا «على طريقة الكاجيبي»، حسب التعبير الذي استعمله في اتصال مع «المساء». وأضاف أن اعتقالات تمت في مناطق أخرى مثل الجديدة التي شهدت اعتقال 20 شخصا، وآسفي 15 شخصا مضربا، والقنيطرة 7 مضربين. وأبرزت نفس المصادر أن رسالة الاتحاد العام للشغالين إلى عباس الفاسي طالبت بحذف جميع البنود المثيرة للجدل في مدونة السير، وإزالة البنود الخاصة بالعقوبات الحبسية، التي تشكل أحد مطالب المهنيين ونقابات النقل، باستثناء العقوبات التي تترتب عن القتل العمد والقتل في حالة السكر، وفي حالة حرق الضوء الأحمر. ووفق نفس المصادر، فإن الاتفاق بين عباس الفاسي ونقابة حزبه تضمن أيضا تأجيل البت في المدونة داخل مجلس المستشارين، خلال الدورة الربيعية التي افتتحت أمس الجمعة، إلى ما بعد الانتخابات الجماعية، البلدية والقروية، لتفادي استغلالها سياسيا من قبل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي يطمح إلى لعب دور المعارضة قبيل الانتخابات من أجل تحسين موقعه وسط الناخبين. وجاء ذلك على إثر تصعيد النقابات خلال إضراب النقل الذي سيدخل غدا السبت يومه السادس، مما أحرج حكومة عباس الفاسي وحزبه، خصوصا أنها ارتبطت بوزير استقلالي هو كريم غلاب الذي يشرف على قطاع النقل والتجهيز. ويهدد مهنيو النقل بعرقلة تمرير المدونة في مجلس المستشارين، بعدما نجح غلاب في تمريرها في مجلس النواب بسهولة، معتبرين أن الغرفة الثانية ستكون هي المحطة الأخيرة في معركتهم ضد المدونة، التي يتوقف عليها مستقبلهم. وينص مشروع مدونة السير على عدة عقوبات حبسية تتراوح ما بين شهر واحد وسنة في حالة جرائم القتل أثناء السياقة، إضافة إلى عدة غرامات مالية تترواح ما بين 600 و10000 درهم وسحب رخصة السياقة لمدد تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة، وهي العقوبات التي يرى المهنيون أنها مجحفة.