تسلط «المساء» الضوء على رجالات صنعوا مجد مدينة مراكش، وأخرجتهم من الظل إلى مشاركة الرأي العام المراكشي والوطني هموم قضية حملوها على عواتقهم. عمدت «المساء» إلى الاقتراب من ثلة من خيرة رجالات، تركوا بصمات في المدينة الحمراء، وأغلبهم تواروا إلى الظل بعيدا عن عدسات المصورين أو كاميرات الإعلاميين، أو حتى مقالات الصحافيين. واتصلت بالجدد منهم، منهم من اعتذر نظرا لمرضه، ومنهم من فضل عدم الظهور تواضعا، فكانت «المساء» صلة وصل بينهم وبين قراء أرادوا معرفة الكثير عنهم، لأنهم كانوا يعملون أكثر مما يتكلمون .. عالم من علماء القراءات القرآنية، وأحد جهابدة القراءات العشر الصغرى والكبرى بالعالم العربي. الدكتور عبد الرحيم بن عبد السلام بن خليفة نبولسي المراكشي المغربي، ولد بمدينة مراكش سنة 1965 فقيه ومقرئ ولغوي مغربي. بعد عام من عمره، بعث به والده إلى جده ليشب في أصول القرى العربية (قرية أولاد حشاد بزمران الشرقية)، فتعلم الهجا والمفصل بالطرق العتيقة على اللوح شأن سائر الراغبين، وذلك على يد الشيخ كبّور. بعد سنوات من الاجتهاد عاد نبولسي إلى مراكش في سن السادسة، وأتمَّ حفظ القرآن على يد والده الشيخ عبد السلام، والشيخ المصطفى البحياوي، بروايتي ورش وحفص، صحب ذلك قراءة أصول الشاطبية، وألفية ابن مالك وأجزاء الصحيحين، ونخبة الفكر، والطحاوية، والواسطية، وعقيلة أتراب القصائد، وناظمة الزهر، ونونية السخاوي، ورائية الخاقاني، وغيث النفع للصفاقسي، كما صحَّح التجويد أيضاً على يد الشيخ أبي عبيدة، برواية حفص من طريق الطيبة، وعليه حضر التفسير، وصحيح البخاري في الحِلَق. البحث عن أصوله المصرية حصل عبد الرحيم نبولسي، الذي يؤم عشرات الآلاف من المصلين في صلاة التراويح، بمسجد معطى الله بمنطقة المحاميد بمراكش ،على شهادة الباكلوريا بمدرسة ابن يوسف للتعليم الأصيل بالمدينة الحمراء، ثم التحق بكلية اللغة العربية، حينها درس إلى السنة الثالثة، فراسلته كلية القرآن بالجامعة الإسلامية بالمدينةالمنورة، لينتقل إليها، ويمكث هناك شهورا. كان نبولسي على رأس الذين تقدموا للمباراة، وكان من نصيبه أن يختبره الشيخ عبد الرافع رضوان، وهو من أعلام القراءات بلا منازع، فأعجب بالقراءة وبالحفظ، وبالإتقان. فأوقفه وسأله أين قرأت، وكيف قرأت، وقال كأنني استمع الآن إلى الشيخ الحٌصري، فأخبره بما تيسر. وقام بإخبار أساتذة مراجعة المصحف بمجمع الملك فهد، وكان الشيخ الزيات في قاعة الأساتذة الذي قال احملوه إليه، فأجابهم ابن مراكش لابد أن أذهب إليه فدخل عليه، فقام ليقبل يده، فقالوا له من هذا، فأجاب نبولسي: الشيخ الزيات، قالوا كيف عرفته، قال لقد جئته قاصدا، فكيف لا أعرفه، فاختبره الشيخ المرصفي رحمه الله، وقال له أن اقرأ آية، فقرأها، فأقسم بالله ألا يختبر بعدها، وقال يا ولدي: أنت لست مغربيا، والمغاربة ما قرؤوا القرآن بهذا الشكل، فأنت مصري، واذهب ابحث عن جذورك في مصر، فقال له الشيخ الزيات ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، العلم لا وطن له. أبو عبيدة و البويحياوي والشرقاوي والألباني بعد أن درس في جامعة أم القرى، حيث حصل على الماجستير في القراءات بتحقيق كتاب اسمه «القول الفصل في اختلاف السبعة في الوقف والوصل لأبي زيد عبد الرحمن بن القاضي المكناسي»، تحت إشراف الدكتور الشيخ العلامة أحمد مولاي أحمد العلوي، ليدرس في كلية اللغة، وينتقل مرة أخرى إلى جامعة أم القرى، حيث سجل بها دكتوراه الدولة، تحت عنوان: «فرائض المعاني في شرح وإعراب حرز الأماني للإمام العلامة الصنهاجي صاحب المقدمة». قرأ النحو بالألفية على الشيخ بن علاّل، والبلاغة على الشيخ ناجح، والشيخ عبد الرزاق المؤقت الفلكي، والتوقيت على الشيخ راغب، والفقه بالعاصمية على الشيخ شراع، والشيخ الصالحي، والفرائض أيضاً عليه، وحضرها أيضاً على أبي الخير، والأصول والفقه أيضاً على الشيخ أحمد ملاح، والحديث على الشيخ بازي، والشيخ الإدريسي، والبلاغة أيضاً على الشيخ عبد السلام المسيوي، والنحو والتصريف على الشيخ الدكتور أحمد البزار، والشيخ الدكتور أحمد بغدادي. كما درس أصول الفقه أيضاً، وفقه السيرة، والفقه المقارن، على الشيخ الوافي المهدي، وفقه اللغة على الشيخ البايك، وتوجيه القراءات على الشيخ الدكتور الحسن وجّاج، والمعجمات على الدكتور عبد العلي الودغيري، وبعض كتاب سيبويه على الشيخ الدكتور أحمد العلوي، والمزهر للسيوطي على الدكتور العطار، وفي النحو والصرف على الشيخ الدكتور محمد إبراهيم البنا، والشيخ الدكتور سليمان بن إبراهيم العايد. كما سمع من الدكتور أمجد الطرابلسي، والشيخ ناصر الدين الألباني، والشيخ أحمد الشرقاوي إقبال، والشيخ علال العشراوي شيخ القراءات في وقته بسيدي الزوين قرب مراكش، كما أخذ بعض السبع على الشيخ ألبنا ببلدته السابقة، والتقى بالشيخ الهلالي شيخ القراءة بمكناسة، كما التقى بالشيخ مكي بنكيران شيخ القراءة بفاس، عند أخذهما سوياً عن الشيخ عبد الغفار الدروبي الجد بمكة المكرمة، ثم رحل إلى المشرق، وقرأ القرآن على الشيخ عبد الفتاح عجمي المرصفي. لًأبي عبيدة ً المحرزي بمدينة مراكش، فضل كبير على نبولسي، فهو الذي كان له الفضل في هجرة ابن مراكش سنة1987، وشيخ آخر درس على يديه القرآن وهو الشيخ مولاي المصطفي البويحياوي، من طنجة، الذي قال: «كنت أركب كتفه، وكان يربيني كما يربى الطفل وكان يعلمني كما يعلم الصبي». تقليد الحصري والمنشاوي في المشرق قرأ على الإمام الكبير محرر الفن، ومسند الدهر فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات، له ختمات عدة بالمدينةالمنورة وبالقاهرة، آخر هذه الختمات، ختمة العشر الكبرى بالطيبة مع التحرير من تنقيح فتح الكريم وشرحه، وأجازه بذلك كله، كما أجاز له الشواذ من المنتهى، وقرأ أيضاً ختمات عدة بالعشر من طريق الشاطبية، والدرة على العلامة النحرير، والحافظ الكبير، التقي الولي عبد الغفار الدروبي الجد، وأجاز له بذلك كله. وقرأ نبولسي بالعشر من طريق الشاطبية، والدرة على المسند الكبير الفاضل النحرير بكري الطرابيشي، وأجاز له ذلك، كما أجاز له بكل ما تصح روايته عنه، كما أجاز له الشيخ مالك السنوسي، وعنه أيضاً في السنن والمسانيد والمسلسلات والتفاسير والسير إلى غير ذلك، كما قرأ بالإفراد على شيوخ كثيرين، كما حصل على شهادة الدكتوراه في اللغة والنحو والصرف. شغل عبد الرحيم نبولسي، رئيسا لمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة بمراكش. وشيخ مقرأة الإمام الزيات، تخرج على يديه في القراءات العشر الصغرى والكبرى عدد من طلبة العلم في المشرق والمغرب، من بينهم سعيد الكملي. كما شغل كأستاذ توجيه القراءات بكلية اللغة العربية بمراكش، وأستاذ النحو والصرف بكلية اللغة العربية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، وأستاذ القراءات بمعهد الإمام الشاطبي بجدة. كان الشيخ المنشاوي والحصري عبارة عن قمر من أقمار الناس، فقد كان يقلده، ويقلد عبد الفتاح شعشاعي، كما قلد الشيخ كامل يوسف البهتيمي، ولكن كان مغرما ومجنونا بالشيخ المنشاوي. وتنبه نبولسي إلى شيخ آخر هو الشيخ مصطفى إسماعيل، فوجده أميرا في هذا الباب فعول عليه، وصاحبه ما يزيد عن عشر سنوات، ثم اكتشف الشيخ محمد رفعت، فكون مدرسة له من خلاله، فبدأ يتعلم من نبرات صوته، فكان بذلك يحزنه ويبكيه.