اعتبر خبراء وباحثون وممثلو منظمات تهتم بمجال التنمية في العالم الإسلامي أن الموازنة العامة للدولة في الإسلام يمكن أن تستفيد من الوقف الإسلامي ومن عائداته المادية، ومن مساهمة الوقف في التخفيف من العبء عن الموازنة العامة في البنود المرتبطة بتغطية بعض الأنشطة التي تعتبر من مهام الدولة، عبر الدعم غير المباشر الذي يأتي عبر مساهمة الوقف في تغطية بعض الأنشطة التي هي من مهام الدولة في الأصل، داعين إلى استقلالية أموال الوقف عن الموازنة العامة للدولة. وعرف البيان الختامي للمنتدى الرابع لقضايا الوقف الفقهية، الذي احتضنته الرباط، ما بين 30 مارس وفاتح أبريل الجاري، الموازنة العامة بكونها تقديرا مفصلا ومعتمدا للنفقات والإيرادات العامة عن فترة مالية مقبلة، غالبا ما تكون سنة واحدة، بينما عرف المشاركون في المنتدى العجز في الموازنة بأنه نقص الإيرادات عن النفقات في الموازنة العامة للدولة. وبحسب البيان الختامي للمنتدى، فإن الدعم للموازنة العامة للدولة نوعان؛ الأول هو الدعم المباشر، ويتم من خلال تقديم مبالغ من غلة الوقف أو ما يطلق عليه الريع، إلى الدولة للتصرف فيها من أجل تغطية نفقاتها العامة، ثم النوع الثاني وهو الدعم غير المباشر، والذي يأتي عبر مساهمة الوقف في تغطية بعض الأنشطة، التي هي من مهام الدولة، بحيث تخفف العبء عن الموازنة العامة للدولة في البنود المرتبطة بهذه الأنشطة. ويعتبر منتدى قضايا الوقف الفقهية منتدى دوليا، يقام بشكل دوري كل سنتين في دولة من الدول المعنية بإدارة شؤون الأوقاف، لتدارس القضايا الفقهية للأوقاف، ولتطرح من خلاله بعض القضايا والمفاهيم الوقفية من قبل العديد من المفكرين والعلماء المرموقين من دول عربية وإسلامية، بغرض تقديم الحلول المعاصرة لها. وكانت الكويت قد حظيت بتنظيم الثلاث دورات الماضية، قبل أن تحتضن الرباط الدورة الرابعة الأخيرة، تحت شعار «قضايا مستجدة..تأصيل شرعي». وأضاف البيان الختامي بأن الدعم غير المباشر للموازنة العامة للدولة من غلة الوقف يجوز من خلال إحدى الطريقتين؛ على شكل مبادرة الجهات الوقفية دعم الأنشطة التي تدخل في أغراض الوقف، وتحقق شروط الواقفين، مثل مجالات التعليم والتطبيب ومساعدة المحتاجين، مما يمكنه أن يغطي إيرادات الدولة، بحيث يخفف العبء عن الموازنة العامة. كما قد يتم الدعم غير المباشر من خلال تلقي الجهات الوقفية طلبات من الجهات الحكومية، والنظر في تلك الطلبات للصرف على ما يظهر مشروعيته وبعده عن المحرمات والشبهات، ويحقق أغراض الواقفين ولا يخرج عن شروطهم بوجه عام. وكان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق قد اعتبر في كلمته الافتتاحية للمنتدى، يوم الاثنين الماضي، أن الوقف كان وما زال يمثل أعظم صور التكافل الاجتماعي الذي حث عليه الإسلام وتفاعل معه وجدان المسلمين، ليصبح جزءا مهما ضمن بنية الحضارة العربية والإسلامية؛ إذ لم يقتصر على الإنفاق على دور العبادة، وتأمين الموارد اللازمة لإقامة الشعائر الدينية فقط، بل أسهم أيضا بحظ وافر في تمويل كل المجالات الخيرية والإحسانية والتنموية في المجتمع، وفي تغطية العجز الحاصل آنذاك في الموارد العامة، عن طريق إشراك المجتمع والمبادرات الخاصة بشكل طوعي في سد الحاجات وتنفيس الكربات. إلى ذلك، دعا المشاركون إلى ضرورة حظر الدعم المباشر للموازنة العامة للدولة من ريع الوقف، لتحقيق استقلالية الوقف وتميزه، لأن ضم مبالغ من ريع الوقف للموازنة يتعذر معه التحقق من مراعاة شروط الواقفين وتحقيق أغراض الوقف مهما قدمت من ضمانات قانونية، سواء على مستوى الإجراءات أو على مستوى الرقابة، وبالتالي لا تتاح الرقابة لناظر الوقف أو المشرفين عليه، كما أوصى هؤلاء بأن يشمل الحظر المذكور الأوقاف التي جهلت شروط واقفيها أو تم وقفها بدون تحديد جهة الصرف، على أن يستثنى من الحظر الأوقاف التي ورد في شروط واقفيها النص على دعم الموازنة العامة من ريعها كليا أو جزئيا. وأجمع المشاركون على ضرورة تحديد بعض المفاهيم ذات الصلة بالوقف، ومن ذلك مثلا ما يعرف بالاستبدال، وهو بيع عين الوقف وشراء عين أخرى بالبدل الذي بيعت به.