قال باحث مغربي إن استضافة المغرب لمنتدى قضايا الوقف الفقهية لأول مرة كان يستدعي تناول التجربة المغربية في هذا المجال، واستعراض الخصوصية المغربية، فيما انتقد مشاركون في المنتدى الذي نظمته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتعاون مع الأمانة العامة للأوقاف في الكويت والبنك الإسلامي للتنمية بجدة تحت شعار قضايا مستجدة.. تأصيل شرعي، عدم التطرق إلى الواقع المعاصر فيما يخص الأوقاف والمستجدات المرتبطة بالموضوع، والمشاكل المعاصرة التي تهدد نمو الأوقاف في مختلف دول العالم الإسلامي، والاكتفاء باستعراض عدد من الآراء الفقهية والأحكام الشرعية والشروط التي لا يتم في الغالب احترامها في وقتنا العاصر، بل يتم التلاعب بها والتحايل عليها في الغالب. هذه الملاحظة التي تكررت على لسان أزيد من باحث دفعت الدكتور عبد الله المنيع عضو هيئة كبار العلماء في السعودية إلى القول بأن اللجنة العلمية المشرفة على المنتدى هي التي تختار مواضيع البحوث التي ستناقش خلال المنتدى، موضحا أن الباحثين ليسوا مشرعين بل هم فقط منفذين. هذا وشهد المنتدى الذي تختتم أعماله اليوم عدم مشاركة أي باحث مغربي خلال العروض التي قدمت في ثلاثة محاور: ضوابط دعم الوقف للموازنة العامة للدولة، و لاستبدال في الوقف وأحكام أموال البدل، ثم ضوابط صرف ريع الأوقاف الخيرية وقواعد ترتيب أولويات الصرف. من جهة أخرى دعا الدكتور فيصل بن سليم الحمادي الأستاذ في قسم المحاسبة بجامعة أم القرى بالسعودية إلى وضع نظام رقابة دقيق على أموال الأوقاف حتى لا يتم التلاعب بها، وحتى يشجع الناس على الوقف، واقترح في هذا الصدد إنشاء إدارة خاصة لهذا الغرض تسمى إدارة الرقابة الداخلية، بحيث تكون مستقلة، وأن تكون مرجعيتها الواقف نفسه أو جهة حكومية مستقلة، وكذا وضع نظام محاسبي لهذا الوقف حتى يسهل على إدارة الرقابة عملها بحيث يمكن الرجوع إليها في أي وقت، هذا وتطرق الدكتور الحمادي خلال تقديمه لبحثه في محور الاستبدال في الوقف وأحكام اموال البدل إلى الإجراءات الرقابية الواجب توافرها قبل استبدال الوقف وتعويضه بوقف آخر، ومن هذه الإجراءات التأكد من أن أسباب الاستبدال حقيقية وأن قرار الاستبدال اتخذ بشكل سليم، سواء من ناحية الحكم الشرعي، أو من الناحية الإجرائية، إلى جانب التأكد من وجود البدل المناسب ومن جدواه الاقتصادية، فضلا عن التحقق من استلام الثمن وحفظه واستثماره. هذا وتطرق الباحثون في هذا المحور للأحكام المتعلقة بالوقف والحالات التي يجوز فيها استبدال أو تعويض وقف بوقف مثله، ومن هذه الحالات ما ذكره الدكتور عبد الله بن المنيع: إذا تعطل الوقف تعطلا كاملا، وإذا كانت غلة الوقف قليلة لا يكفي صرفها لجهات الوقف، وإذا ظهر للناظر على الوقف أن موقع الوقف قد انتقلت عنه الرغبة ونقصت الغلة. وفي محور ضوابط دعم الوقف للموازنة العامة للدولة، قال الدكتور أشرف محمد دوابة رئيس قسم العلوم الإدارية والمالية بجامعة الشارقة إن دعم الوقف للميزانية العامة للدولة هو أمر مشروع، وقد يكون الدعم مباشرا من خلال تمويل بعض بنود الموازنة في حالة وجود عجز أو عجز غير مباشر من خلال قيام الوقف بدور القطاع الثالث إلى جانب القطاع الحكومي والقطاع الخاص؛ دون الحاجة إلى ارتباط ذلك بوجود عجز في الميزانية، وأوضح أن الأمر ليس مطلقا أثناء الدعم المباشر للموازنة العامة للدولة من خلال الوقف، ولكن العملية تقتضي وجود عجز في الموازنة، وأن يراعى في هذا العجز الأولويات الإسلامية من ضروريات وحاجيات وتحسينيات، ونبه دوابة إلى كون ريع الوقف المخصص للموازنة لا يمكن تركه مفتوحا للدولة تتصرف فيه بحرية مطلقة، بل إن الأمر يتطلب قيام مؤسسة الوقف بالتأكد من أن تلك الأموال تم توجيهها فيما خصص لها. نفس الرأي خلص إليه الدكتور مصطفى محمد عرجاوي عميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر في نهاية البحث الذي قدمه حول الموضوع، إذ أشار إلى أن الواقع العملي أثبت أن إصلاح عجز الموازنة العامة للدولة بريع الوقف يتطلب مراقبة بنود صرفه من قبل جهات أو هيئات مستقلة مكونة من خبراء المجتمع المدني أو من الواقفين أنفسهم، أو ممن يمثلونهم لمعرفة أوجه الصرف ومدى إسهام ريع أوقافهم في التنمية العامة في المجتمع.