تأثير إيجابي للتساقطات المطرية الأخيرة على سلسلة إنتاج الزيتون بجهة الشرق    التّحقيق في صفقات 2858 مؤسسات للريادة كلّفت أكثر من ملياري و250 مليون درهم    بلجيكا تطلب رسمياً تسليم منير الناموسي من كولومبيا بتهم تهريب المخدرات    خط جوي جديد يربط الرباط بمدينة مانشستر    بورصة البيضاء تبدأ التداول بالأخضر    اجتماع وزاري إفريقي يرأسه المغرب يناقش تأثير الذكاء الاصطناعي على السلم والأمن والحكامة في إفريقيا    المربون يتهمون وزارة الفلاحة بغض الطرف عن تلاعب السماسرة بسوق الكتاكيت مما يؤدي لغلاء الدجاج    جيش إسرائيل يبدأ عمليات برية في غزة    عمر هلال يدعو إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل    إيران: رسالة ترامب "أقرب إلى تهديد"    مثقفون: سياسات عمومية تنهي توارث الفقر.. والإيديولوجيا تدور حول الشمس    أساتذة الزنزانة 10 يعتصمون أمام الوزارة    أمطار رعدية مرتقبة اليوم بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتراجع في ترتيب الدول الأكثر سعادة إلى أدنى رتبة له على الإطلاق    فيديو استعراضي يقود شابًا إلى قبضة الأمن في آيت عميرة    هذه تدابير مفيدة لجعل المنزل ملائما لمرضى الحساسية    سد بوعاصم بالحسيمة.. لا وجود لمخاطر على السلامة بعد المعاينة (وزارة التجهيز والماء)    المغرب والكاميرون يعززان التعاون العسكري باتفاق جديد يشمل تدريبات مشتركة    تحطم الطائرات في الجزائر.. خلل في المعدات أم صراع في الكواليس؟    تركيا.. مظاهرات عارمة احتجاجا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول    محكمة ألمانية تقرر تسليم "بودريقة" للمغرب    القافلة الطبية أزير تحط رحالها بالجديدة لأربعة أيام    مدرب إسبانيا لا يرى أي مشكلة بصوم لامين جمال    استقرار العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن سيفيد الشركات في جميع أنحاء العالم (مسؤول صيني)    الصين تكشف عن تدابير جديدة لضمان تكافؤ الفرص في السوق    ‬المغرب يلجأ للدفاع الدولي ضد "رسوم أوروبية" لصون حقوق المُصدرين    المؤسسة الإعلامية " موروكو ميديا نيوز" وشركائها توجوا الفائزين والفائزات في تجويد وترتيل القرآن الكريم بأكادير    المدير الإقليمي للتجهيز ينذر بعض المقاهي الشاطئية بالجديدة : التسوية القانونية أو اللجوء إلى القضاء لإخلاء الملك العمومي    السعودية تفرض على الحجاج الجزائريين تقييم نفسي إجباري    الحسابات الفلكية تعلن موعد عيد الفطر في المغرب!    إدانة انتهاكات حقوق النساء بتندوف من قلب الأمم المتحدة بنيويورك    أنفوغرافيك | من ضمنهم الزفزافي.. 11 بطل للديمقراطية حول العالم    المنتخب الوطني يختتم استعداداته قبل مواجهة النيجر وتنزانيا في وجدة (فيديو وصور)    65% من الفرنسيين يرون أن فرنسا تفتقر إلى الشجاعة والصرامة في التعامل مع النظام الجزائري    سعيد الليث: أزيد من 33 ألف أسرة استكملت بناء وتأهيل منازلها المتضررة من زلزال الحوز    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    ندوة تتناول الزراعة بإقليم الناظور    الكاف يعلن مواعيد مباريات ربع نهائي دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية    ‬الحكومة والهروب الكبير    محكمة هامبورغ العليا تقضي بتسليم محمد بودريقة إلى المغرب    عمرو خالد: هكذا يمكن تفادي الصراع والصدام واللجوء إلى الحوار والوئام    خالد بن الصغير يترجم «يهود الامبراطورية السفراد»    أخبار الساحة    قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة -17- آلاستَير بونيت: الغرب الأبيض!    تماسك المغرب الجديد    الإسكندر في المغرب    "رمضانيات الأحرار" بأكادير… أمسية روحية مميزة احتفاء باليوم العالمي للمرأة    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    الدراما المغربية بين النمطية والإنتاج القصير: هل حان الوقت للتغيير؟…ناقد فني يجيب "رسالة 24"    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    تعرف إلى أغلى 8 لاعبين في المنتخب المغربي … وضمنهم حكيمي … ودياز    حِكم حَلاجِية..    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلايا الشواذ تستفز بنموسى
حرب استباقية للحيلولة دون التطبيع مع الشذوذ الجنسي
نشر في المساء يوم 29 - 03 - 2009

أضافت وزارة الداخلية مفهوما جديدا ضمن قاموس المفاهيم التي أحدثها العهد الجديد، هو مفهوم «الأمن الأخلاقي» في محاولة منها للتصدي لخلايا الشواذ.
وقد سارع العديد من الفاعلين داخل المجتمع المغربي إلى مباركة بلاغ وزير الداخلية الذي تحدث عن «التصدي، بكل حزم، لكل الممارسات المنافية لقيم المجتمع المغربي ولكل المنشورات والكتب والإصدارات التي ترمي إلى المس بقيمه الدينية والأخلاقية في إطار القانون».
في هذا الملف، تسليط للضوء على مفهوم الأمن الأخلاقي من زوايا مختلفة، وربورطاج ميداني يلامس،عن كثب، تأثير البلاغ المذكور على حركة الشواذ.
أضافت وزارة الداخلية مفهوما جديدا ضمن قاموس المفاهيم التي أحدثها العهد الجديد، هو مفهوم «الأمن الأخلاقي». سبب نزول هذا المصطلح هو الحركية غير الطبيعية وغير المسبوقة التي تميز بها شواذ المغرب مؤخرا وخروجهم إلى العلن.
وتحيل الدلالة الرمزية لهذا المصطلح على أن الدولة بصدد شن حملة فريدة من نوعها على من يهدد سلامة مواطنيها أخلاقيا، علما بأنه ليست هذه هي المرة الأولى التي تستنفر فيها أجهزة الدولة لرد «عدوان» يستهدف المبادئ والأسس الأخلاقية التي يقوم عليها المجتمع، ففي سنة 2003 وقبيل تفجيرات 16 ماي التي هزت مدينة الدار البيضاء، تم إيقاف 11 شابا مغربيا بتهمة الانتماء إلى جماعة تطلق على نفسها اسم «عبدة الشيطان»، وعند مثولهم أمام المحكمة خاطبهم ممثل سلطة الاتهام بأن الهدف من استقدامهم بتلك الطريقة هو فتح حوار معهم، فخرج الشبان الأحد عشر من ردهة المحكمة خروج الأبطال وصار ما كانوا يقومون به من ممارسات في السر سلوكا عاديا، حيث أصبحوا يتجمهرون بشكل عادي في الأماكن العمومية في تطبيع تام مع الظاهرة.
ماهية الأمن الأخلاقي
من وجهة نظر الأخصائي الاجتماعي، فإن مصطلح الأمن الأخلاقي يحيل على ضرورة الحفاظ على الأخلاق العامة للمجتمع والمتفق عليها باعتبارها منظومة متكاملة تحرس المجتمع من السقوط في ممارسات مشينة من شانها أن تهدده وتعصف بتماسكه. وحسب احمد شراك، أستاذ علم الاجتماع، فلكل مجتمع منظومته الأخلاقية التي يتكيف معها وهي التي تحكم سلوكه، وقد تكون عرضة للتغير والتطور حسب المستجدات وتخضع لصيرورة مجتمعية.
أما المثلية الجنسية فهي سلوك تم قبوله بالمجتمع الغربي وفق شروط ثقافية. بيد أنه من المستحيل أن يتقبل المجتمع المغربي هذه الظاهرة، فبالأحرى أن يطبع معها. ويشرح شراك سبب هذه الممانعة، في تصريح ل«المساء»، بأن طبيعة القيم التي تضبط سلوك المجتمع المغربي ترفض تماما المثلية الجنسية، حيث ينظر إلى هذه الصفة باعتبارها لعنة متداولة ومجلبة للحقارة المجتمعية، والشخص الذي ألصقت به غالبا ما يشار إليه بكونه في مرتبة أدنى في سلم القيم الاجتماعية. كما استبعد شراك أن يتم التطبيع مع الظاهرة حتى مع الأجيال القادمة على اعتبار أن الأصوات التي تنتصر للمثلية الجنسية مجرد أصوات نشاز تمثل أقلية لا وزن لها داخل المجتمع.
واعتبر شراك الرقم الذي زعمه رئيس جمعية «كيف كيف» المتعلق ب3 ملايين مغربي يميلون إلى الممارسة الجنسية المثلية مبالغا فيه ولا يعكس الحقيقة.
ويذهب أستاذ علم الاجتماع بعيدا في إطار تتبعه للموضوع عندما يستدل بدراسة ميدانية أنجزها شخصيا، تتعلق بالعبارات التي يدونها التلاميذ والطلاب على الجدران والتي تحمل دلالات جنسية، خلاصتها أن عبارة «شاذ» عندما تكتب بالتعبير الدارج تكون بمثابة لعنة وصفة مشينة لمن تلصق به طالما أن مفهوم الفحولة والذكورة يظل مرتبطا في المخيال الثقافي الشعبي المغربي بعملية الإيلاج، فالفاعل في العملية الجنسية المثلية ينظر إليه بشكل إيجابي باعتباره فحلا، لكن المفعول به هو الذي يكون محتقرا في هذه العملية. ولمزيد من التوضيح في هذه المسألة، فإن الأمر يختلف عن عملية السحاق التي يكون فيها الفاعل أنثى والمفعول به هو الآخر أنثى لأن عملية السحاق تتم عبر الاحتكاك بين امرأتين دون أن يقع هناك إيلاج.
حرب استباقية
ويبقى الهدف من وراء الهبة المفاجئة لوزارة الداخلية في تصديها ل«عدوان» دعاة المثلية الجنسية، من وجهة نظر علم الاجتماع السياسي، هو قطع الطريق أمام التنظيمات السياسية، خاصة جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية.
يشير عز الدين العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني، في تصريح ل«المساء»، إلى أن الدولة، عبر إطلاقها لمفهوم الأمن الأخلاقي، تريد من وراء ذلك أن تضع حدا للمزايدات التي قد تقع من جانب التنظيمات الإسلامية. كما أنها تهدف بدرجة أخرى إلى وضع حد لاستفحال الظاهرة التي هي حتما موجودة ولا يمكن لسلطة القانون وحدها أن تحد منها. كما أن هناك نوعا من التعايش مع الظاهرة، فالخمر ممنوع بنص القانون، لكن، مع ذلك، فالحانات ممتلئة بالمغاربة الذين يحتسون الخمر ليلا ونهارا. رغم أن القانون الجنائي المغربي يحظر على أصحاب تلك الحانات استقبال زبائن مسلمين.
إذن، فالسلطة، حسب العلام، تريد فقط من خلال هذا الإجراء الحد من علانية الظاهرة وليس القضاء عليها كليا، فمظاهرها موجودة في قصائد الملحون وفي أشعار الغزل وداخل الأحياء الشعبية والحمامات التقليدية وموجودة في شمال المغرب وكذا في جنوبه ولا أحد يخفى عليه انتشارها بشارع محمد الخامس بالدار البيضاء.
النظام العام
من وجهة النظر القانونية، فإن دافع الدولة في حربها المعلنة على «خلايا الشذوذ الجنسي» هو الحفاظ على النظام العام بما هو مجموعة قوانين وتشريعات تحكم سير البلد، بدءا من الدستور. ويوضح عبد العزيز الحاتمي، محام بهيئة الدار البيضاء، أن مفهوم النظام العام يختلف من دولة إلى أخرى حسب مرجعيات تلك الدول ودياناتها. ومن هذا المنطلق، يشرح الحاتمي، في تصريح ل«المساء»، أنه لما يكون هناك فعل خاص منصوص عليه في القانون باعتباره مجرما يتم تفعيله بشكل آلي، كما هو الشأن بالنسبة إلى جرائم الشذوذ والدعارة والتحريض على الفساد والسكر العلني المنصوص عليها صراحة في القانون الجنائي الذي بين وضعيتها ورتب عليها جزاءات محددة ومعروفة. لكن في الحالات غير المنصوص عليها في القانون، يبقى القاضي هو الفيصل والحكم، وحين يرى أن النظام العام قد مس وتضرر منها فإنه ينزل أقصى العقوبات بمقترفها. ويشير الحاتمي إلى أن كل ما يخل بالحياء في الشارع يعتبر، من وجهة النظر القانونية، مسا بالنظام العام.
ويرى النقيب الطيب عمر، من هيئة الدار البيضاء أن مفهوم النظام العام يبقى مطاطا ويتغير حسب الأزمنة والظروف فهذا المفهوم في السبعينيات ليس هو ذاته المعتمد في 2009. ويشير الطيب عمر، في تصريح ل«المساء»، أن الدولة لما رأت كثرة الجرائم المتعلقة بالشذوذ الجنسي وخروج أصحابها بشكل علني تدخلت بصرامة من أجل التصدي لهذه السلوكات في إطار الحفاظ على النظام العام. وأوضح الطيب عمر أن القانون الجنائي المغربي يتضمن مجموعة من النصوص التي تعاقب على الإخلال بالأخلاق وبالنظام العام، وهي تندرج ضمن جرائم الإخلال بالأخلاق العامة، ومنها جرائم الفساد والإخلال العلني بالحياء والشذوذ الجنسي والخيانة الزوجية والتحريض على الفساد وإفساد الشباب، وكل هذه الجرائم منصوص على عقوبتها في الفصول من 483 إلى 504 من القانون الجنائي. وأوضح الطيب عمر أنه رغم وجود هذه النصوص، فإنها لم تكن مفعلة من قبل الدولة التي هي صاحبة الحق في العقاب والتي يؤول إليها وحدها تقدير ضرورة تفعيلها من عدمها لقمع بعض المظاهر الشاذة التي قد تخل بالسير العادي للمجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.