يسود ترقب في فرنسا مع إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية أمس الأحد وينتظر أن يتم تشكيل حكومة جديدة بسرعة بعد الانتخابات التي مني اليسار بهزيمة كبيرة في دورتها الأولى في مواجهة اليمين واليمين المتطرف. لكن بقاء رئيس الوزراء جان مارك آيرولت مرتبط بحجم التراجع الذي سيسجله الحزب الاشتراكي. وتوجهت الأنظار طيلة الأسابيع الماضية إلى قائمة طويلة من المدن الكبرى للحزب الاشتراكي المهددة بالانتقال إلى اليمين مثل ستراسبورغ (شرق) وتولوز (جنوب غرب) وسانت إتيان (وسط شرق) وريمز (شرق) وكون (شمال غرب). ويفترض أن تبقى باريس بيد اليسار في شخص آن أيدالغو نائبة رئيس البلدية المنتهية ولايته برتران ديلانوي وان تقدمت عليها في الدورة الأولى منافستها اليمينية ناتالي كوسيوسكو موريزي. وبعد فوزها في الدورة الأولى في اينان-بومون التي كانت معقلا عماليا في الشمال، قد تحقق الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة فوزا في مدن أخرى مثل فريجو أو بيزيي في جنوبفرنسا. وسيكون للفوز في أفينيون المدينة الأخرى الواقعة في الجنوب والتي تعد أحد رموز ثقافة فرنسية منفتحة على العالم بمهرجانها المسرحي المعروف، أهمية خاصة. وقد تقدم فيها مرشح اليمين المتطرف بفارق طفيف في الدورة الأولى. وقال أحد كوادر الحزب الاشتراكي طالبا عدم كشف هويته هذا الأسبوع إن هذا الاختراق الذي حققه اليمين المتطرف يعكس يأسا اجتماعيا لذلك على السلطة التنفيذية التحرك بسرعة وقوة. وبإجراء تعديل حكومي مطلع الأسبوع المقبل على الأرجح، سيحاول هولاند تجنب أي عملية تصفية حسابات داخل الحزب الاشتراكي حيث المناقشات حادة حول الخط الذي تتبعه السلطة التنفيذية. ويبدو أن رئيس الوزراء الحالي جان مارك آيرولت سيكون كبش فداء هزيمة الحزب في الانتخابات البلدية. ويتردد اسم وزير الداخلية مانويل فالس الطموح والذي يتمتع بشعبية كبيرة، لتولي رئاسة الفريق الحكومي. وهو يتقدم على وزير الخارجية لوران فابيوس. ويلقى فالس (51 عاما) تأييد أغلبية من الفرنسيين بسبب موقفه الحازم من مسألة الجنوح والهجرة السرية، لكنه يثير استياء قسم من اليسار الذي لا يصفح له حملاته على غجر الروما. أما فابيوس (68 عاما) فلا يكف عن القول إنه يشعر بارتياح كبير في المكان الذي يشله. ولآيرولت الوفي لهولاند والذي ينتقد بسبب عدم تمتعه بحضور قوي، أنصاره الذين يشيدون بقدراته في المحافظة على التوازن بين مختلف مكونات الأغلبية. وقال زعيم كتلة المدافعين عن البيئة في مجلس الشيوخ الفرنسي جان فانسان بلاسي إنه يؤيد بقاء رئيس الوزراء لكنه طالب بتغيير التوجهات لتكون اجتماعية أكثر وأكثر جرأة على المستوى الأوروبي ولسياسة بيئية حقيقية. ودعاة حماية البيئة الذين يشغلون مقعدين في الحكومة الحالية (السكن والتنمية)، أصبحوا في موقع قوة واستفاد مرشحوهم جزئيا من استياء الناخبين من الحزب الحاكم. وقالت وزيرة السكن سيسيل دوفلو الجمعة إن دعاة حماية البيئة الذين حصلوا على 8.11 في المائة من الأصوات في الدورة الأولى حققوا أفضل النتائج في انتخابات بلدية منذ 15 عاما. وطوال الأسبوع، أكد الاشتراكيون أنهم سمعوا رسالة الاستياء وحتى الغضب الذي عبر عنه الناخبون وكذلك الممتنعون عن التصويت من يساريين (35 في المائة) ويمينيين (25 في المائة) كما أفاد استطلاع للرأي أجراه معهد إيبسوس. وفي الدورة الأولى من الاقتراع، عبر الفرنسيون الذين قاطع 72.38 في المائة منهم عملية الاقتراع في نسبة غير مسبوقة في انتخابات مماثلة، عن استيائهم من السلطات في هذا الاختبار الانتخابي الأول للرئيس الاشتراكي بحدود منتصف ولايته. ويرى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي تراجعت شعبيته إلى أدنى مستوى في أقل من سنتين، أن الحكومة يجب ان تصغي للفرنسيين وتستخلص الدرس من الاقتراع. لكن المحلل إيمانويل ريفيير في معهد تي إن اس سوفرس، قال إن الحكومة لم تصدر أي إشارة من شانها تخفيف العقوبة. وقال نائب اشتراكي إن «الصعوبة التي يواجهها فرنسوا هولاند هي أنه من غير الممكن أن يغير في سياسته نظرا للمطالب الأوربية، بينما ينتظر ناخبونا سياسة إنعاش. ويفترض أن تقدم فرنسا إلى المفوضية الأوربية في نهاية أبريل صيغة معدلة من برنامجها للاستقرار وأساسها تفاصيل توفير خمسين مليار أورو في النفقات العامة وعد بها رئيس الدولة مع انتهاء ولايته التي تستمر خمس سنوات.