اعترف كلايف ستافورد سميث، رئيس منظمة ريبرييف الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان (مقرها بريطانيا)، وهي المنظمة التي تكفلت بالدفاع عن معتقلي غوانتنامو، أن المغربيين يونس الشقوري وعبد اللطيف ناصر يعانيان من ظروف صعبة داخل المعتقل، تبدأ من الحرمان من التطبيب والأكل الصحي، وتنتهي بالضرب والاعتداء والسجن الانفرادي. وقال ستافورد في حوار مع «المساء» إن موكله محمد بنيام يقول إنه تعرض للتعذيب داخل معتقل تمارة، وأشار إلى أن ريبرييف تتمنى فتح جسور الحوار مع الحكومة المغربية لتسليط الضوء على هذه القضية. وقال رئيس ريبرييف إنه يأمل أن يفي أوباما بتعهداته وأن يغلق غوانتنامو، موضحا في الوقت نفسه أن عددا من المعتقلين لا يرغبون في العودة إلى بلدانهم خوفا من التعذيب وأنهم يأملون في الترحيل إلى «أوطان بديلة». وفي ما يلي نص الحوار: - تعهد الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما بإغلاق معتقل غوانتنامو خلال عام.. ما مدى جدية هذا التعهد؟ وما هو المصير الذي ينتظر المعتقلين في حالة ما وفى أوباما بتعهده؟ < من جهتنا، نحن في منظمة ريبرييف رحبنا بهذه الخطوة، واعتبرناها تجسيدا لمطالب الكثيرين الذين ما فتئوا يدعون الإدارة الأمريكية إلى إغلاق هذا المعتقل سيء الذكر. حاليا ما يزال 241 شخصا داخل غوانتنامو، ومن الصعب إيجاد حل لملفاتهم بترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية، لأن كثيرا منهم لا يرغبون في ذلك لتخوفهم من التعرض للتعذيب داخل معتقلات بلدانهم، ولذلك نحن نبحث لهم عن «أوطان بديلة». وبشكل عام لا يمكن الادعاء بأن قضية الاعتقال وخروقات حقوق الإنسان ستنتهي بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة بإغلاق غوانتنامو، لأننا نقدر أن كل واحد ما يزال قابعا في غوانتنامو يقابله عشرة أشخاص موزعين على معتقلات واشنطن في مختلف دول العالم، أذكر منها العراق وأفغانستان وجيبوتي.. باختصار المعركة ما تزال مستمرة ولن تنتهي بإغلاق المعتقل سيء الذكر. - من ضمن ال 241 معتقلا الذين مازالوا يقبعون في غوانتنامو، هناك مواطنان مغربيان: يونس الشقوري وعبد اللطيف ناصر. بصفتكم محاميا لهما، لو تحدثنا عن ظروف عيشهما داخل هذا المعتقل، وكيف سيكون مصيرهما في تقديركم بعد الإغلاق؟ < يؤسفني أن أقول إن المواطنين المغربيين الشقوري وناصر يعانيان من ظروف صعبة جدا داخل غوانتنامو، ابتداء من السجن الانفرادي والتعرض للاعتداءات الجسدية المتكررة من طرف وحدات التدخل السريع، إلى جانب منعهما من التواصل المنتظم مع أسرتيهما والحرمان من التطبيب والأكل الصحي وممارسة الشعائر الدينية بحرية. وأتمنى من الحكومة المغربية أن تسعى لإطلاق سراحهما من خلال فتح حوار مع السلطات الأمريكية بشأن ذلك. - كان واضحا في عهد جورج بوش الابن أن التعاون الأمني بين الولاياتالمتحدة وبعض الدول العربية في المجال الأمني قائم وبقوة، وتم اتهام بعض تلك الدول باستقبال بعض المعتقلين قصد التحقيق معهم بعيدا عن الرقابة الحقوقية الأمريكية. هل ما زال الأمر مستمرا في عهد أوباما؟ < من الصعب الجواب عن هذا السؤال ولم تمض على دخول أوباما إلى البيت الأبيض إلا أسابيع قليلة، ونحن في جميع الأحوال سنتابع ذلك. لكن ما أستطيع تأكيده هو أن بعض الدول العربية استقبلت في عهد إدارة بوش عددا من المعتقلين الذين تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب. وبالنسبة إلى المغرب، تبقى حالة موكلي محمد بنيام واضحة ودالة على تلك العلاقة. فقد أرسل موكلي إلى المغرب وتم تعريضه للضرب والتعذيب بمعتقل مدينة تمارة. نحن بطبيعة الحال نتمنى أن يقطع حكم الرئيس أوباما مع هذه الممارسات حتى لا تتكرر المأساة، ونحن عمليا نحتاج إلى فتح حوار مع السلطات المغربية بشأن ما يقوله موكلي محمد بنيام من تعرضه للتعذيب داخل المغرب. - بعض الذين أفرج عنهم من غوانتنامو وعادوا إلى المغرب منهم سعيد البوجعدية تم اعتقالهم والحكم عليهم بالسجن. كيف ترون ذلك داخل منظمة ريبرييف؟ < لقد تأسفنا حقيقة وشعرنا بالأسى الشديد داخل ريبرييف لما علمنا أن موكلنا السابق السيد سعيد البوجعدية حكم عليه بقضاء 10 سنوات سجنا في السجون المغربية مباشرة بعد إطلاق سراحه من غوانتنامو عام 2008، وكأنه لم يعش المعاناة الشديدة داخل الولاياتالمتحدة. وما فاجأنا حقيقة هو أن الولاياتالمتحدة نفسها لم تطلق سراحه إلا بعد أن تأكد لديها بالملموس أن البوجعدية لا يمثل أي تهديد لواشنطن أو غيرها، وأن لا علاقة له من قريب ولا من بعيد بشيء اسمه الإرهاب. كنا نتمنى لسعيد بعد انتهاء كابوس غوانتنامو أن يلتقي بعائلته ويعيش الحياة من جديد بشكل طبيعي، لكن اعتقاله كان أمرا محزنا.. كل ما نتمناه الآن هو أن يتم إطلاق سراحه من طرف المحكمة المغربية في أقرب مناسبة. - يؤكد المسؤولون الحكوميون داخل دول شمال إفريقيا أنهم حريصون على احترام القانون في ملفات المتهمين بالإرهاب وأن دعاوى المنظمات الدولية التي تتحدث عن عكس ذلك هي دعاوى باطلة. ما موقفكم من هذا داخل ريبرييف؟ < أمامنا طريق طويل جدا علينا قطعه قبل القول إن حقوق الإنسان، ومنها الحق في المحاكمة العادلة قضية مضمونة في مختلف دول العالم، وخاصة دول شمال إفريقيا. ففي تونس مثلا وجد موكلي عبد الله بنعمر حجي عام 2007 نفسه، مباشرة بعد خروجه من غوانتنامو، أمام محاكمة عسكرية غابت فيها أبسط شروط المحاكمة العادلة ولم يقدم فيها أي دليل يثبت علاقته بالإرهاب.. لكن رغم كل ذلك حكم عليه خلال تلك المحاكمة ب 7 سنوات سجنا. وفي المغرب، تم الحكم على سعيد البوجعدية بقضاء عشر سنوات سجنا، هو الذي عجزت الإدارة الأمريكية عن إثبات علاقته بما اتهم به وقضى داخل غوانتنامو 7 سنوات. الأمر محير فعلا، لكن الخلاصة هي أنه من الصعب وأنا أرى مثل هذه الممارسات أن أقول إن شروط احترام حقوق الإنسان والمحاكمة العادلة قائمة داخل تلك الدول. - ملف غوانتنامو والتعاون الأمني مع الولاياتالمتحدة ما يزال قائما. هل تنتهي علاقتكم بموكليكم بمجرد الإفراج عنهم، أم تبقى العلاقة مستمرة كما تجسد في مبادرة الندوة الصحافية التي كنتم تعتزمون تنظيمها في الدارالبيضاء مع جمعية «النصير» قبل شهور لتسليط الضوء على ملف المعتقلين؟ < بكل أسف، منعت سلطات الدارالبيضاء منظمة ريبرييف وجمعية «النصير» من عقد ندوة إعلامية لشرح ظروف اعتقال المواطنين المغربيين يونس الشقوري وعبد اللطيف ناصر. الندوة كان من المفترض أن تشرح للرأي العام المغربي أن وضعية المواطنين لم تتغير داخل غوانتنامو، وأن معاناتهم داخل غوانتنامو مستمرة وفي ظروف صعبة جدا. كنا نعتقد أننا سنحظى بدعم وترحيب السلطات المغربية لأننا ندافع عن مواطنين مغربيين في نهاية المطاف ونحن منظمة بريطانية، والأولى أن تكون الحكومة المغربية هي التي تقف موقفنا وتطالب بإلحاح بالإفراج عن مواطنيها. نحن داخل ريبرييف نعتقد أن العكس هو الصحيح، وأتمنى بحرارة أن تبرهن الحكومة المغربية أنني ورفاقي مخطئون على طول الخط.