أصيب كبار المسؤولين الإداريين والأمنيين بفاس بنوبات من الصدمة والذهول وهم يستمعون في جلسات خاصة لمأساة شابة تبلغ من العمر 23 سنة، تعرضت لاغتصاب وحشي في الهند من قبل عناصر شرطة لمدة استمرت لثلاثة أيام، قبل أن يتبين لها، بعد ترحيلها إلى سجن عكاشة، عبر مطار محمد الخامس بالدار البيضاء، بأنها حامل نتيجة الاعتداءات الجنسية التي مورست عليها من قبل عناصر أمن هنود في أحد مراكز الشرطة هناك. وقالت المصادر إن والي جهة فاس، محمد الدردوري، في سابقة إنسانية غير مألوفة، تكلف بمساعدة هذه الشابة التي تنتمي إلى عائلة فقيرة، لتخطي المحنة الصعبة التي تجتازها، وإعادة إدماجها في المجتمع. فيما كشفت تحريات الشرطة، بعد الاستماع إلى الإفادات الصادمة للشابة، عن أنها كانت ضحية شبكة متخصصة في تهجير فتيات مغربيات، أغلبهن من فاس، للعمل في الهند في أمور لها علاقة بالدعارة والليالي الملاح. ويتم إيهام هؤلاء الفتيات، في بداية الأمر بأنهن سيعملن في مجال تربية أبناء الأثرياء في الهند، قبل أن يتم الزج بهن في أتون الدعارة وليالي الرقص في أمسيات صاخبة بتوابل الجنس والمتعة. وذكرت المصادر بأن بعض الفتيات اللواتي عدن من هذا الجحيم أدمن تعاطي المخدرات الصلبة، وجلهن تعرضن لاغتصاب واعتداء جنسي، بعدما تبخرت أحلامهن في تحسين أوضاعهن الاجتماعية كمربيات، وأجبرن، بعد سحب جوازات السفر منهن، على معانقة الدعارة والفساد في فنادق الهند. وأوردت المصادر بأن الشرطة القضائية بولاية أمن فاس استصدرت مذكرة بحث في حق المتهمة بتزعم هذه الشبكة، والتي تبين بأنها كانت تعمد إلى انتقاء متعمد للضحايا في أوساط الفئات الهشة، معتمدة معيار الرشاقة والجمال في الفتيات الراغبات في الالتحاق بها في الهند. وقدرت المصادر عدد الضحايا بحوالي 150 ضحية، لكن الشبكات مختلفة، مما يرجح أن يؤدي التحقيق الذي فتح حول القضية إلى سقوط عدة رؤوس، بما فيها رؤوس وسيطات يعمدن إلى اصطياد الضحايا، وإدخالهن في شباك هذه المجموعات. واستمعت «المساء» إلى حكاية الشابة، التي فضلت عدم الكشف عن أي معطيات حول هويتها تجنبا للفضيحة في أوساط عائلتها، فأفادت بأن المتهمة بتزعم الشبكة وعدتها بتهجيرها إلى الهند للعمل كمربية لطفلتها مقابل مليون سنتيم شهريا، وفرحت العائلة الفقيرة بهذا الحظ الذي ابتسم لها أخيرا لكي تكتري بيتا محترما يؤويها، ويساعدها في تخطي مصاعب الحياة المترتبة عن قلة ذات اليد وكثرة الأعباء، لكن الحلم تحول إلى كابوس. وتكلفت المتهمة بتزعم الشبكة بجميع مصاريف الوثائق الإدارية، من بطاقة هوية وجواز سفر، وتوجهت الشابة رفقة المتهمة، في بداية الأمر، إلى النيبال حيث أقامت في فندق، وتوجهت بعد ذلك إلى العاصمة الهندية نيودلهي. وظلت تعمل في البيت كمربية، بينما تتزعم المتهمة فرقة للرقص بعض عضواتها يقمن في الطابق السفلي لنفس الفيلا، إلى أن جاء يوم وجدت فيه المربية نفسها وحيدة في البيت بعدما اختفت العائلة. وظلت تنتظر عودة مشغلتها، لكن دون جدوى. ووجدت نفسها، بعدما نفد الفتات الذي ظلت تقتات منه، إلى الخروج إلى الشارع الهندي الذي تجهل عنه أي شيء، لطلب المساعدة. ومن حسن حظها أنها التقت بعائلة مصرية نقلتها إلى مقر السفارة المغربية. لكن المأساة ستكبر، وتتحول إلى اعتداءات جنسية متكررة لمدة ثلاثة أيام من قبل رجال شرطة هنود. الشابة قالت، وهي لا تتوقف عن البكاء، وبطنها يتدلى، وهي تتحسس جنينها، إن مسؤولي السفارة وعدوها بالترحيل إلى المغرب، وكتبوا لها ورقة، وطلبوا من رجال شرطة نقلها إلى المطار، لكن إدارة المطار لم تسمح لها بالمغادرة، وعادت أدراجها، من جديد، إلى مقر السفارة الذي وجدته مغلقا، وتزامن الوقت مع ثلاثة أيام عطلة متتالية، ما دفع رجال الشرطة إلى نقلها إلى مركز للأمن، لكن هذا القرار تبعته اعتداءات جنسية متكررة، بأشكال شاذة وعادية، حد أنها أصبحت لا تقوى على الحركة، ولما تم استقدامها للسفارة من جديد أرادت أن تفضح ما تعرضت له، لكنها قوبلت بعنف لفظي صادم، وتم رفض مساعدتها للعودة إلى المغرب، قبل أن يتدخل موظف طلب منها تمكين شقيقته في فاس من مبلغ مالي مقابل تسهيل العودة، وهو ما قامت به والدتها. وعندما حلت بمطار محمد الخامس يوم 4 يوليوز الماضي، تم اعتقالها بتهمة الفساد والإقامة غير الشرعية في الهند، وتم تحويلها إلى سجن عكاشة حيث قضت ما يقرب من شهر. وفي السجن تأكد لها بأنها حامل نتيجة الاعتداءات التي تعرضت لها من قبل عناصر شرطة هنود. ومما زاد من هول الصدمة، تقول الناشطة الحقوقية والنسائية المعروفة، خديجة الحجوبي، وهي تبكي وتمسح دموع الشابة، أن فاس لا تتوفر سوى على مركز إيواء واحد لمثل هذه الحالات. الحجوبي تساءلت، وهي في حالة غضب، عن الطريقة التي يمكن بها مساعدة مثل هؤلاء الضحايا في مدينة بحجم فاس لا تتوفر على مركز إيواء في المستوى. كما أكدت الناشطة الحقوقية المذكورة أنها ستواكب، رفقة الفعاليات النسائية في المدينة، هذا الملف إلى نهايته، سواء من الناحية القانونية أو النفسية أو الاجتماعية، وهو نفس ما خلصت إليه حليمة الزومي، الفاعلة الجمعوية، وهي تتطرق إلى معضلة غياب مراكز الإيواء بالمدينة. وفي تعليقها على أمر هذه الشبكة، قالت الزومي إنها لم تكن تتصور أن تصل هذه الشبكات إلى فكرة تهجير الفتيات المغربيات إلى الهند لاستغلالهن في الدعارة، داعية السلطات والديبلوماسية ومجلس الجالية إلى إعادة تقييم أدوارها في التعامل مع هذه الملفات التي تلطخ سمعة المغرب، وتقدم ضحايا مغربيات فقيرات معدمات قربانا لأثرياء السياحة الجنسية في فنادق وفيلات الهند بضمير منعدم. وطالبت الأستاذة الجامعية كنزة الغالي، برلمانية ورئيسة جمعية تعنى بالهجرة، بفتح تحقيق في النازلة التي لها علاقة بشبكة منظمة للاتجار في البشر، من قبل وزارة الخارجية المغربية، وقالت الغالي إن الفريق الاستقلالي سيقرر طرح الملف في البرلمان للمطالبة بفتح تحقيق في هذه القضية ودعوة وزارة الخارجية إلى توجيه استفسار إلى السفير الهندي بالمغرب.