مازالت تفاعلات قضية الدولي السابق صلاح الدين بصير، وتجميد عضويته من طرف رئيس الرجاء محمد بودريقة، ثم رده على القرار باستقالته من المكتب المسير، تثير الكثير من ردود الفعل. بداية يجب أن نتفق على أن قرار تجميد عضوية بصير في المكتب المسير لا علاقة له بالهبة الملكية، أو ما شابه ذلك، لأنه إذا كان الموضوع كذلك، فلماذا لم يشمل القرار نفسه أعضاء آخرين في المكتب المسير، لم يترددوا في أن يحملوا طلباتهم معهم إلى القصر الملكي، هذا مع العلم أن مثل هذه السلوكات مرفوضة، ويجب شجبها، بدل التشجيع عليها، بيد أن القضية هنا مختلفة تماما، إذ أن قرار تجميد عضوية بصير لا علاقة له بهذا الموضوع بشكل نهائي، وإنما له علاقة ب»الحرب الخفية» التي تدور رحاها حول الانتدابات وحول اللجنة التقنية، وحول من سيكون في الواجهة، وحول من سيتحرك بسهولة في الخفاء، دون أن يجد من يزعجه أو يؤرقه، لأن بودريقة إذا كانت له الجرأة على أن يشتغل في الكواليس، وأن يروج أن القرار له علاقة بالهبة الملكية، فإنه لم يتصف بالجرأة ليكشف الأسباب الحقيقية لتجميد عضوية بصير، ولماذا اعتبر ذلك في البداية مجرد إشاعة، قبل أن يعود ليتخذ قرار متناقضا، دون أن يجمع مكتبه المسير للتداول في الموضوع، بل إن بودريقة تعامل مع الأمر كما لو أن الرجاء واحدة من أملاكه العقارية، فالشاب الذي قال ذات يوم إنه جاء ليحول الرجاء إلى مؤسسة تحول إلى قذافي جديد، يأخذ القرارات بسرعة تحت ضغط الانفعال، وتحت ضغط مستشاري السوء، ممن يبحثون عن مصالحهم الشخصية بدل مصالح الرجاء، ومن يتعاملون مع بودريقة كما لو أنه رهينة بين أيديهم، يحركونه بالطريقة التي يريدون، ولمكر الصدف فالقاسم المشترك بين بودريقة والقذافي هو «الكتاب الأخضر». إن قضية بصير وتفاعلاتها، كشفت بما لا يدع أي مجال للشك، أن بودريقة يتجه ليسير الرجاء بطريقة استبدادية، على شاكلة العديد من الرؤساء ممن أصبح الجمهور يرفع في وجههم «إرحل»، كما هو حال رئيس الوداد عبد الإله أكرم، أما الأخطر فهو أن هناك تعويما للقضية، فبدل أن يكون الموضوع هو هل كذب بودريقة على الملك،عندما قدم مستشاره البوصيري على أنه مسؤول على اللجنة التقنية، دخلنا في متاهات أخرى، بهدف أخذ النقاش نحو وجهة أخرى، وللأسف فكثيرون وقعوا في الفخ، أما الخاسر بطبيعة الحال فهي صورة الرجاء.