اعتاد منير، مواطن في الدار البيضاء، الذهاب رفقة عائلته إلى غابة بوسكورة كلما سنحت له الفرصة، فالغابة تشكل بالنسبة إليه متنفسا من جحيم التلوث الذي تغرق فيه العاصمة الاقتصادية. الذهاب إلى بوسكورة، بالنسبة إلى منير وإلى العديد من سكان المدينة، ليس ترفا أو حبا في قضاء لحظات بين أحضان الأشجار، ذلك أن الكثير من المواطنين في الدار البيضاء يحارون بشكل كبير في تحديد المكان الذي سيقضون فيه نهاية الأسبوع من أجل التخلص ولو نسبيا من الضغط الذي يعانونه طيلة أيام العمل، وتبقى هذه الغابة واحدا من المتنفسات القليلة بالمدينة. فأماكن الترفيه في العاصمة الاقتصادية قلية جدا، وهو ما يجعل آباء كثيرين يشعرون بالحرج تجاه أبنائهم، كما يصرح أحد الآباء ل"المساء" قائلا: أشعر بحرج كبير تجاه أبنائي الذين يلحون على الخروج من المنزل للتنزه، فأماكن الترفيه قليلة جدا. ورغم الوعود الكثيرة المقدمة من قبل سلطات البيضاء بكون حديقة سندباد، التي سيتم إنجازها في السنوات المقبلة، ستشكل متنفسا للبيضاويين، فإن مصدرا ل"المساء" أكد أن هذه الحديقة لن يكون بمقدورها لوحدها سد الخصاص الذي تعانيه المدينة بخصوص قلة فضاءات الترفيه. وإذا كان العديد من المواطنين محظوظين، نظرا لكونهم يتمكنون من قضاء ساعات قليلة في غابة بوسكورة أو عين الذئاب، فإن الكثير من سكان المناطق المحيطية يلجؤون إلى الحدائق، والتي تكتظ بالنساء والأطفال في نهاية الأسبوع، حيث تشكل متنفسا لهؤلاء المواطنين، لأنهم لا يتوفرون على وسائل نقل خاصة من أجل التنقل نحو عين الذئاب أو غابة بوسكورة. صحيح أن الطرامواي قلص المسافة بين سيدي مومن وعين الذئاب، لكن ذلك يبقى نسبيا، على اعتبار أن المستفيدين من هذه العملية هم فقط سكان المناطق التي تمر منها هذه الوسيلة. ويؤكد عارفون بالشأن المحلي البيضاوي أن الحل يكمن في إحداث مناطق للترفيه في كل منطقة على حدة، دون التركيز على منطقة دون أخرى، كما كان الشأن في السنوات الماضية، حيث كانت جل المناطق تتوفر على حدائق الترفيه، مضيفين أن المدينة في حاجة ماسة إلى فضاءات ترفيه كثيرة لامتصاص الضغط الذي يشعر به العديد من سكانها، وحتى لا تتحول إلى ما يشبه المدن الآكلة للبشر، التي تتوسع دون الاهتمام بهذا الجانب. التوسع العمراني والاكتظاظ المروري أصبحا يتطلبان مواجهتما، بإحداث الكثير من فضاءات الترفيه، على اعتبار أن جزءا كبيرا من أطفال وشباب المدينة يقضون ساعات كثيرة في الشوارع والأزقة، مما يدفعهم في أحيان كثيرة إلى الارتماء في أحضان المخدرات. وإذا كانت غابة بوسكورة تشكل اليوم أحد الفضاءات التي تستقطب عينة كبيرة من البيضاويين في نهاية الأسبوع، وخاصة في فصل الربيع، فإنه حان الوقت، حسب بعض روادها للاهتمام بها أكثر، وتشديد المراقبة الأمنية بها وتشجيع البيضاويين على الإقبال على هذه الغابة، التي لابد أن تشكل خطا أحمر، لا يمكن المساس به، لأنها تعتبر في الفترة الحالية متنفسا طبيعيا للمدينة.