حريق يأتي على سيارة إسعاف وسيدة حامل تنجو بأعجوبة    إعادة انتخاب الميلودي موخاريق أمينا عاما للاتحاد المغربي للشغل لولاية رابعة    تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس : الجمعية المغربية للصحافة الرياضية تنظم المؤتمر 87 للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية    الملك محمد السادس يهنئ إمبراطور اليابان بمناسبة عيد ميلاده    أمن تمارة يوقف 3 أشخاص متورطين في نشر محتويات عنيفة على الإنترنت    تفكيك شبكة للإتجار بالبشر في إسبانيا استغلت أكثر من ألف امرأة    إسبانيا.. تفكيك شبكة متخصصة في الاتجار بالبشر استغلت أزيد من ألف امرأة    الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يُهدد القدرات المعرفية للمستخدمين    بوتين يستخدم الدين لتبرير الحرب في أوكرانيا: مهمتنا الدفاع عن روسيا بأمر من الله    المغرب في الصدارة مغاربيا و ضمن 50 دولة الأكثر تأثيرا في العالم    المغرب ضمن الدول الأكثر تصديرا إلى أوكرانيا عبر "جمارك أوديسا"    نقابة تدعو للتحقيق في اختلالات معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة    رسالة مفتوحة إلى عبد السلام أحيزون    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الإثنين    حادثة سير مروعة في نفق بني مكادة بطنجة تسفر عن مصرع فتاتين وإصابة شخصين بجروح خطيرة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    تقرير.. أزيد من ثلث المغاربة لايستطيعون تناول السمك بشكل يومي    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    خامنئي: المقاومة تستمر ضد إسرائيل    انطلاق انتخابات تشريعية في ألمانيا تحت ضغط اليمين المتطرف وترامب    الكلاسيكو المغربي: الرجاء والجيش في مواجهة نارية بالقنيطرة    نهضة بركان يجني ثمار 10 سنوات من الكفاح و العمل الجاد …    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    حماس تتهم إسرائيل بالتذرع بمراسم تسليم الأسرى "المهينة" لتعطيل الاتفاق    هل الحداثة ملك لأحد؟    بعد منعهم من حضور مؤتمر الاتحاد المغربي للشغل.. نقابيون يعلنون تضامنهم مع عبد الحميد أمين ورفاقه    رونالدو: تشرفت بلقاء محمد بن سلمان    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    "غضب" نقابي بسبب "انفراد" رئيس جماعة الفقيه بن صالح بإجراء تنقيلات واسعة في صفوف الموظفين    أنشيلوتي: "مواجهة أتلتيكو في دوري الأبطال ستكون صعبة"    متهم بالتهريب وغسيل الأموال.. توقيف فرنسي من أصول جزائرية بالدار البيضاء    لقاء تواصلي بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية ووفد صحفي مصري    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    إسرائيل تهاجم موقعًا عسكريًا بلبنان    خبراء وباحثون يؤكدون على أهمية قانون المالية لسنة 2025 في النهوض بالاستثمارات العمومية وتمويل المشاريع المهيكلة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    أخنوش يدشن الجناح المغربي بالمعرض الدولي للفلاحة بباريس    القوات المسلحة الملكية تساهم في تقييم قدرات الدفاع والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    رضا بلحيان يظهر لأول مرة مع لاتسيو في الدوري الإيطالي    القصة الكاملة لخيانة كيليان مبابي لإبراهيم دياز … !    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    إصابة عنصر من القوات المساعدة بحروق خطيرة في حريق سوق بني مكادة بطنجة    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدار البيضاء.. مدينة مليونية بدون مساحات خضراء
تم إقبار ما كان موجودا منها والمنعشون «تناسوا» إحداث أخرى جديدة
نشر في المساء يوم 29 - 08 - 2012

قرر مجموعة من أطفال الدار البيضاء تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر الولاية للمطالبة بإحداث حدائق الترفيه
وإعطاء هذه القضية الاهتمام الكافي.. عفوا، هذا «الخبر» غير صحيح، ولكنْ يمكنه أن يصبح واقعا في أي لحظة، ما دام أن هناك استياء كبيرا من قبل الآباء والأطفال من عدم توفر فضاءات كافية للترفيه في العاصمة الاقتصادية..
اعتادت سميرة (من سكان مدينة سلا) قضاء أيام العطل في مدينة الدار البيضاء، وكل مرة تزور هذه المدينة تجد نفسها وجها لوجه مع أطفالها الراغبين في الانتقال إلى واحد من فضاءات الترفيه. تبحث سميرة في خريطة الدار البيضاء عن فضاء ترفهي يمكن لأطفالها أن يفجروا فيه شغبهم الطفولي ويستمتعوا بقضاء لحظات من الفرح والسرور. تتعب سميرة كثيرا في البحث لكنها تكتشف، في الأخير، أن حدائق الترفيه قد ألغيت من خريطة العاصمة الاقتصادية..
التجول في القيساريات
في كل مرة تعيد سميرة زيارة العاصمة الاقتصادية تتمنى أن يكون مسؤولو المدينة قد التفتوا إلى هذا الخصاص، لاسيما أنه يهمّ ناشئة المستقبل، حيث يؤكد بعض المهتمين بالطفولة أن اللعب يشكل بالنسبة إليهم أحد ركائز تكوين الشخصية، وتضطر هذه السيدة إلى الاكتفاء بالتجول في القيساريات وزيارة الأهل والأحباب، بينما يُحرَم أبناؤها من اللعب في فضاءات الترفيه، التي عادة ما تكون متوفرة بشكل كبير في مدن كالدار البيضاء.
القضية المغيبة
لا يمكن زيارة أي مدينة وراء البحر الأبيض المتوسط دون أن تجد أن هناك حرصا شديدا على إنجاز فضاءات الترفيه، لأن من أبسط حقوق الأطفال توفير فضاءات واسعة للعب والفرح.. لكنْفي الدار البيضاء وفي العديد من المدن الأخرى لا يتم اعتبار هذه الفضاءات أولوية لدى المجالس المنتخبة، وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى مجلس مدينة الدار البيضاء، إذ لا تُطرَح قضية قلة الفضاءات في دورات المجلس إلا لماما، لأن مستشارين كثيرين لا يولون هذه القضية الاهتمام الكافي، وهو الشيء الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام.
تقول بشرى، وهي مواطنة بيضاوية: «في الدار البيضاء ليس هناك حدائق ترفيه جدية، بل حتى التي كانت مفتوحة، كياسمينة وعين السبع، لم تكن تتوفر على أدنى الشروط التي يجب أن تتوفر في حدائق الترفيه، فنوعية الألعاب قديمة جدا وتشكل خطرا على الأطفال».
الذكريات الجميلة
تتذكر بشرى ثمانييات القرن الماضي، حيث كان يحرص والدها على أخذها رفقة إخوانها إلى حديقة عين السبع، وهناك كانت تفجر كل طاقاتها في اللعب بمعية إخوانها وباقي الأطفال، وتقول «كان الوالد دائما يأخذنا يوم الأحد إلى حديقة عين السبع، وهناك نلعب كثيرا ونستعد للدراسة».. وتشعر بشرى بأسف شديد لِما آلت إليه هذه الحديقة في السنوات الأخيرة، حيث تحوّلت إلى مجرد أطلال، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على مجموعة من الحدائق الأخرى (إفريقيا، وعين الشق، وياسمينة)..
الخطر الداهم
يعتبر يوسف (موظف في القطاع الخاص) أنه من غير المعقول أن تغُضّ السلطات الطرف عن إشكالية غياب فضاءات الترفيه في العاصمة الاقتصادية، فهو يؤكد أن عدم الاهتمام بهذه القضية يُشكّل خطورة على المجتمع، لأن من حق الأطفال التمتع بلحظات من اللعب في فضاءات تؤمّن لهم الراحة، ويقول: «حينما تطلب مني ابنتي الخروج من المنزل أفكر كثيرا في الفضاء الذي سأذهب إليه، نظرا إلى قلة هذه الفضاءات على صعيد الدار البيضاء، وفي أحيان كثيرة أضطر إلى البقاء في المنزل والقيام بجولة قصيرة في المدينة والعودة فورا إلى المنزل»، مضيفا أن السلطات العمومية مدعوة إلى التعامل الجدي مع هذه الإشكالية، بإحداث فضاءات ترفيهية في كل المناطق، حتى يكون بإمكان الجميع استغلال هذه الفضاءات.
«معتقلات» سكنية..
ليس يوسف، بشرى وسميرة وحدهم من يؤكدون مسألة غياب فضاءات الترفيه بالنسبة إلى الأطفال في الدار البيضاء.. وتعمّق الاحتفالات بالأعياد من هذه المشكلة، حيث لا يجد معظم الآباء الفضاءات المناسبة لإدخال الفرحة إلى قلوب فلذات أكبادهم، وهو ما يثير استياء الآباء والأطفال معا ويخلق نوعا من التذمر في قلوبهم، ويؤكد بعض المراقبين للشأن المحلي أنه بقدْر ما تتحمل السلطات المسؤولية في عدم توفير هذه الفضاءات، فإن بعض المنعشين لا يولون هذا الأمر أي اهتمام، حيث تكون الرغبة في بناء الشقق أقوى وفوق كل الحسابات، إذ «لا تعترف» تجزئات سكنية كثيرة بوجود شيء اسمه الحق في إحداث فضاءات للترفيه، ما يُحوّلها إلى مجرد «معتقلات» سكنية للأطفال، ولم يعد عمران المدينة يسمح بوجود فضاءات تفتح أبوابها في وجه الأطفا،ل كما كان عليه الحال في الماضي.

الماضي الجميل
كانت الدار البيضاء قد تبنّت، في ثمانينانات القرن الماضي، خطة إحداث فضاءات للترفيه، وكانت أهم هذه الفضاءات المنُجزَة حديقة حي «جوادي» في مقاطعة بنمسيك، إذ كان أطفال سباتة ومولاي رشيد وبنمسيك يشدون لها الرحال كل يوم أحد، وكانت هذه الحديقة فضاء مواتيا للأطفال للتنفيس عن أنفسهم، كما أنها كانت تشكل فرصة للنساء لتبادل الحديث في أمور الدنيا ومتاعبها.. وكانت حديقة عين السبع تلعب الدور نفسه بالنسبة إلى أطفال الحي المحمدي وعين السبع والبرنوصي.. ولا يمكن أن تسأل أي بيضاوي عن حديقة ياسمينة وسندباد دون أن يحدّثك عن ذكرياته الكثيرة في واحدة من هاتين الحديقتين، إذ تكون، في كل نهاية أسبوع، مكتظة بالأطفال من جميع أنحاء المدينة، وكان من الصعب، خلال عطلة نهاية الأسبوع والعطل البينية والسنوية، أن تجد موطئ قدم في «ياسمينة» و»سندباد».. ففي هاتين الحديقتين كانت هناك جميع ألعاب الترفيه، وكان الدخول إليها بثمن رمزي، لكنّ الصورة انقلبت رأسا على عقب، فالوضعية التي توجد على رأسها «ياسمينة» لا ترضي كل غيور على حدائق الترفيه، ويؤكد بعض العمال، الذين كانوا يشتغلون في حديقة ياسمينة أنهم عانَوا كثيرا قبل أن تقرر السلطات تسوية وضعيتهم، ويقول أحدهم: «إن غياب الإرادة في إعادة الروح إلى هذه الحديقة جعلها تعيش هذه الحالة».
الأرجوحات المتنقلة
لأن كل حدائق الترفيه أغلقت أبوابها، فقد تفتقت قريحة بعض الأشخاص على فكرة إقامة أرجوحات متنقلة في بعض الأماكن، وأصبحت هذه الأرجوحات تُشكّل البديل بالنسبة إلى الأطفال، كما تقول بشرى «إن هذه الأرجوحات تشكل البديل للأطفال هو ما يثير الكثير من الشفقة على الوضعية التي آلت إليها هذه القضية في مدينة من حجم الدار البيضاء»، لتضيف بحسرة، «الله يصاوب»..
وقال محمد اراوي، وهو حاصل على دبلوم «مدرب المخيمات الصيفية» ورئيس جمعية المستقبل للثقافة والتنمية الاجتماعية، إنه «في الأونة الأخيرة أصبح يسجل غياب فضاءات الترفيه للأطفال في مدينة الدار البيضاء، التي تتميز بكثافة سكانية، وهو ما يقضّ مضجع الآباء الذين باتوا يضطرون إلى قطع مئات الكيلومترات لإرضاء أبنائهم في فضاءات الألعاب ك»طماريس» مثلا، وهذا فقط بالنسبة إلى الفئة المتوسطة، أما أطفال الأسر المعوزة فلا يجدون أمامهم إلا الشارع ووسط الطرقات المليئة بالمخاطر وغير المُؤمَّنة من حدوادث السير، وغالبا ما تفقد الأسر فلذات أكبداها جراء الحوادث المميتة.. ويضيف محمد اراوي أن الدار البيضاء تشهد انعداما تاما لفضاءات الأطفل، بالستثناء فضاء «الفردوس»، في الحسي الحسني، الذي يعج يوميا بالعديد من العئلات، ما يجعله مكتظا، ناهيك عن ارتفاع تذكرة كل لعبة، حيث يبلغ السعر 20 درهما، دون احتساب ثمن الدخول.
الألعاب الإلكترونية
تساءل محمد اراوي عن دور المجالس المنتخبة، التي ترخّص للمنعشقين العقاريين دون التنصيص في دفاتر التحملات على ضررورة تخصيص فضاءات للأطفال، التي أصبحت حاجة مُلحّة لما للعب من دور أساسي في تربية وتنشة الطفل. وأكد أن بعض الأطفال أصبحوا يُعوّضون انعدام فضاءات الترفيه باللجوء إلى عدد من الألعاب الالكترونية، وهذا يشكل خطورة عليهم، حيب رأيه، قائلا: «لقد زحف العقار علة جميع المساحات الفارغة في المدينة، ولم يعد هناك وجود للعديد من الفضاءات -كملعب المكسيك- التي أنجبت الكثير من النجوم»، مؤكدا أن بعض الأسر تكون مضطرة إلى إحداث فضاء داخل المنزل كحل «ترقيعي»، في انتظار أن تستيقظ السلطات العمومية من سباتها وتفكر في تلبية حاجة الطفل إلى اللعب..
الفضاء اليتيم
يؤكد المتحدث ذاته أن المباردة الوطنية للتنمية البشرية أنجَزت، بشراكة مع جمعية سكان ليساسفة، حديقة وفضاء للألعاب، لكنه غيرُ كاف لاستيعاب عدد كبير من الأطفال، ودعا إلى ضرورة الاهتمام بهذا الفضاء، ما دام أنه يُشكّل المُتنفَّسَ الوحيد لأبناء المنطقة، في انتظار ميلاد مشروع ثانٍ، لاسيما أن هناك رغبة لدى البعض في إحداث فضاء ترفهي ضخم في المنطقة.

فوائد اللعب
تحدّث محمد إراوي عن أهمية اللعب في حياة الطفل وأكد أنه يشكل راحة نفسية وتفريخا للطاقة الزائدة، كما أن يتيح للأطفال الهروب من الضغوط الحياة اليومية ويقوي الاعتزاز بالنفس ويُنمّي المهارات الإبداعية للطفل ويساعد على التكيف والاندماج الاجتماعيين ويقوي الذاكرة والتركيز وعلى اتخاذ القرار.. وعاطفيا على قبول مبدأ الفوز والهزيمة، واعتبر اراوي أنه خلال مراحل التدريب التكويني، الذي تشرف عليه وزارة الشبية والرياضة لفائدة أطر المخيمات الصيفية، يتم التركيز على أن للّعب دورا في تنمية النمو الحسي الفيزيولولوجي والنمو الاجتماعي العقلي والحركي السلوكي.
العمدة يعترف
لا ينفي عمدة الدار البيضاء، محمد ساجد، قلة الفضاءات الخضراء في المدينة، وهو ما جعل المجلس الجماعي، حسب رأيه، يقرر إعادة تأهيل مجموعة من الحدائق في المدينة، مؤكدا أن حديقة الجامعة العربية ستكون ضمن هذه الحدائق، وقال، في ندوة صحافية سابقة، إنه « التفكير في إعادة هيكلة حديقة الجامعة العربية صار أمرا ملحّاً، وأن هناك ملفات قيد الدراسة بالنسبة إلى هذه الحديقة، مضيفا أن المشروع يروم الربط بين الأحياء القديمة والجديدة للمدينة، عبر إزالة المباني، التي تخفي الحديقة من جانب شارع إبراهيم الروداني، بعد التوصل إلى اتفاق مع المصالح الإدارية، التي تنتمي إليها البنايات المذكورة.. وسيعرف المشروع إزالة المجمع الترفيهي «ياسمينة» وتوزيع الألعاب الموجودة في هذه الحديقة على جميع المناطق والاحتفاظ بالمعالم الثقافية للحديقة، والمتمثلة في المبنى القديم لكنيسة «ساكري كور».
وكان العمدة محمد ساجد، خلال هذا اللقاء، «متفائلا جدا» بمستقبل حديقة الجامعة العربية وشدّد على أنّ «هذا المشروع سيُغيّر من معالم المنطقة، وستكون الحديقة منفتحة على محيطها، وإضافة إلى أنها ستكون حلقة وصل بين أحياء المدينة، فستكون، إلى جانب عدد من الحدائق الأخرى، متنفسا إيكولوجيا في وسط المدينة»، وأضاف أن
مساحة هذه الحديقة تصل


في انتظار إعادة هيكلة «كازا بلانكيز»
ما يزال يقاوم، رغم المشاكل الكثيرة التي يعانيها منذ سنوات، إنه الفضاء الرياضي «كازظابلانكيز»، فلا يمكن أن تسأل على هذا الفضاء دون أن يخبرك العارفون بأموره عن الدور الكبير الذي لعبه في إنجاب الكثير من الأبطال، الذين ما تزال أسماؤهم خالدة في أذهان متتبعي المجال الرياضي في بلادنا، كنوال المتوكل، البطلة الأولمبية السابقة، ونائبة رئيس الجامعة الدولية لألعاب القوى..
وسبق لأحد نواب العمدة ساجد -طلب عدم ذكر اسمه- أن أكد أن مشروع إصلاح «كازابلانكيز سيخرج إلى الوجود في الشهور المقبلة، وقال، في هذا السياق إنه «من المُحتمَل جدا أن يخرج مشروع إعادة الهيكلة إلى الوجود في أقرب وقت، وقد اتّخِذت جميع التدابير من أجل أن يكون مشروعا يليق بسمعة هذا الفضاء الرياضي على مستوى المدينة، وسيُنجَز بتعاون مع وزارة الشبيبة والرياضة، ويمكن القول إنه سيكون مشروعا سينال رضى جميع الغيورين عليه».. لكنْ مرّت شهور طويلة على هذا صدور الكلام دون أن يظهر أن هناك عملية لإصلاح هذا الفضاء..


عبد الغني المرحاني: إنها الفاجعة.. أطفال الدار البيضاء بدون فضاءات للألعاب
ما تزال مدينة الدار البيضاء عاجزة عن توفير فضاءات ترفيهية تكون ملاذا لفلذات أكبادنا للترويح واللعب وأداة للتخفيف من الضغط الكبير الذي يعاني منه البيضاويون، والناجم عن الزيادة السكانية الهائلة ورتابة الحياة اليومية، والناجم أيضا عن مخلفات الزحف الإسمنتي الذي أصبح يخنق المدينة ويُطوّقها من كل جانب ولا يترك لسكانها متنفسا بسبب جشع المنعشين العقاريين وتواطؤ المتواطئين.. إذ يمكنك أن تجد كل شيء في الدار البيضاء، لكنْ قلما تجد أماكن مخصصة للترفيه وقضاء أوقات الراحة، حيث أصبحت الأسر البيضاوية تضطر إلى الخروج إلى الضواحي، قاطعة عشرات الكيلومترات لتعويض هذا النقص في الباحات الترفيهية الخاصة.. وبين لا مبالاة المسؤولين وغياب إرادة سياسية حقيقية يقضي الكثير من أطفالنا -للأسف- أوقاتهم متسكعين في الأزقة والشوارع، يلعبون بين الدروب وفي وسط المزابل و»الضايات» الراكدة، إن جادت السماء بزخات مطرية..
وخلافا للمادة ال41 من الميثاق الجماعي الجديد، التي تنصّ على أنّ المجالس الجماعية تقرر أو تساهم في إنجاز وصيانة وتدبير التجهيزات الاجتماعية والثقافية والرياضية، وعلى رأسها المتنزهات ومراكز الترفية، لم تستطع تجربة وحدة المدينة تغيير الوجه الكالح للعاصمة الاقتصادية ولا أن تتصدى للإهمال الذي تعرفه هذه المرافق الحيوية، بضخ دماء جديدة في شرايين حدائق الألعاب الموجودة، كياسمينة وسندباد وحديقة الحيوانات لعين السبع.. من خلال تحديث لُعبها وجلب أخرى تضاهي الحدائق العالمية، أو إحداث فضاءات جديدة من منطلق الحاجة البشرية والضرورية التعميرية، بل ما يزال الإهمال سيدَ الموقف والإحجامُ السمة الغالبة على تفكير وإحساس المجالس المنتخبة والسلطات المحلية، إن كان لها عقل ووجدان..
إنه وضع كاريثي تعيشه المرافق والتجهيزات العمومية المحلية، فحديقة السندباد وياسمينة، اللتين كانتا، إلى وقت قريب، قِبلة مفضلة للبيضاويين والبيضاويات، تحولتا إلى ما يشبه «مقبرتين» مُخيفتين يلفّهما الصمت من كل مكان، وإلى مستودع للخردة والمتلاشيات بسبب توقف الآليات والألعاب الكهربائية. أما حديقة الحيوانات في عين السبع فإن حالها يتدهور يوما عن يوم، بعد أن أصبحت مرتعا لحيوانات طفيلية تسللت إليها، في غفلة وتفريط من المسؤولين عنها، الفئران والجرذان وغيرها.. وتحولت إلى وكر للمتسكعين والمنحرفين الذين يجدون في فضاءاتها المخربة أماكن آمنة لتناول المخدرات، بكل أنواعها، وارتكاب سلوكات مشينة تكدّر صفو الخرجات العائلية..
إن عدم الاهتمام بالفضاءات الترفيهية لمدينة -غول كالدار البيضاء ليؤشر، في مقام أول، عن غياب حس جمالي وإنساني لدى المسؤولين المحليين والوطنيين وعن غياب رؤية إستراتيجية بيئية جمالية، في مقام ثانٍ، قابلة للتنفيذ، ما يدفع إلى طرح سؤال الحكامة والإعداد المجالي الجيدين، وتتمحور أبعادها في إدماج البعد البيئي الجمالي في مختلف العمليات والمشاريع التنموية، عن طريق وضع آليات تحفيزية مالية وضريبية، مع تعزيز الشراكة مع مختلف الفاعلين من أجل إرساء أخلاقيات بيئية -جمالية على جميع المستويات، إذ إنّ مسؤولية الاهتمام بالفضاءات الترفيهية للعاصمة الاقتصادية مشترَكة وجماعية، تبدأ فصولها من الرباط وتنتهي عند ساجد وبوسعيد.. وأملنا كبير في أن يسد المخطط المديري الجديد للدار البيضاء هذه الثغرة ويلمّ هذا الشعث ويعيد البسمة والفرحة إلى مئات الآلاف من الأطفال، بتوفير حدائق ومتنزهات لائقة ومُريحة يترجم، حقيقة وبشكل استعجالي، ما تم تداوله من وجود مشروع حديقة كبرى للألعاب سيتم تشييدها على مساحة تقدر ب24 هكتارا في الجنوب الغربي للمدينة، في طريق «طماريس»، بقيمة مالية تفوق 34 مليار سنتيم، ولمَ لا مشروع شيبه له في الجهة الشرقية. للدار البيضاء..
باحث في الحكامة وإعداد التراب



أحمد بوستة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.