بعيدا عن وسط مدينة طنجة في اتجاه الغرب بمسافة 14 كيلومتر، تمتد محمية "السلوقية" على مساحة تقدر ب 200 هكتار من أصل 1200 هكتار هي مجموع الغطاء الغابوي بمنطقة كاب سبارطيل المطلة على مضيق جبل طارق، حيث تمتزج زرقة مياه البحر بخضرة الأنواع المختلفة من النباتات والأشجار الزاخرة بها هذه الفضاءات الطبيعية، مشكلة لوحة فنية طبيعية في غاية الروعة. أحاسيس ومشاعر مختلفة هي الأخرى ستمتزج عندك وأنت ترتمي وسط أحضان هذه الغابة التي تعتبر من بين آخر المتنفسات الطبيعية لسكان مدينة طنجة. فبالإضافة إلى الشعور بنشوة هذه المناظر الخلابة التي تغازل مرآك حيثما وليت وجهك، هناك شعور بالقلق والخوف سينتاباك مثل عموم المواطنين على مصير هذا المنتزه العمومي، الذي ما زالت عيون "ذئاب العقار المفترسة" تترصد به، خاصة مع اقتراب موعد تطبيق مشروع تهيئة موحد خاص بمدينة طنجة، وهي المشاريع التي يتخوف سكان مدينة البوغاز أن يستغلها "لصوص المناطق الخضراء" لتطبيق مشاريعهم الخاصة ضدا على المصلحة العامة. حالة القلق والخوف هذه تبقى مبررة، لأنه وقبل سنة من الآن، كان اسم هذه الغابة قد أسال كثيرا من المداد سواء عبر صفحات الجرائد أو عبر البيانات التي وقعتها فعاليات مختلفة بالمدينة تقول إنها انتفضت ضد مشروع مخطط مراجعة تصميم منطقة الجبل الكبير، الذي كانت سلطات المدينة في عهد الوالي السابق محمد حصاد تنوي تمريره عن طريق ما يسمى ب"لجنة الاستثناءات"، مع أن هذه اللجنة كادت تصبح القاعدة التي من خلالها يتم الترخيص لمن يوصفون ب"لوبيات العقار" بإعدام المناطق الخضراء والمتنفسات الطبيعية. واليوم، بعد مرور سنة على اندلاع تلك "المعركة" التي خاضها نشطاء ما يوصف ب"القوى الحية في المدينة"، بمن فيهم أولائك الذين يعلم الجميع أن الغيرة على هذا المتنفس الطبيعي ليست وحدها هي التي حركتهم بقدر ما حركهم تنافي مصالحهم الخاصة مع مشروع المراجعة الاستثنائي السالف الذكر. وبالرغم من أن هذه "المعركة" انتهت جولتها الأولى لمصلحة عموم ساكنة المدينة، كما تفضل هذه "القوى الحية" اعتباره، فإن مشروع المراجعة الشامل المرتقب، يظل إلى حد الآن على الأقل مبعث لاستمرار الريبة عند سكان مدينة طنجة، لأن الواقع يشهد أن مراجعات التهيئة السابقة، كانت كلها تصب في مصلحة "أباطرة العقار" ، الذين يطالب سكان المدينة اليوم بمحاسبتهم هم والذين يقفون وراءهم على "الجرائم العمرانية" التي ارتكبوها في حق هذه المدينة. وفي انتظار أن يطفو على السطح من جديد، موضوع هذه المراجعة الشاملة في القادم من الأسابيع أو الشهور، فإن عموم الطنجاويين يعتقدون أن صفة "محمية" الملازمة لغابة السلوقية، تبقى حاليا مجرد صفة مؤقتة حتى إشعار آخر.