أنعشت التساقطات المطرية التي عرفها المغرب الآمال في تنمية الموارد المائية بالمغرب، لكن ذلك الغيث لا يبدو سوى قطرة في بحر الخصاص الذي يعاني وسيعاني منه المغرب، فخبراء البنك الدولي يؤكدون أن المغرب من بين البلدان التي سيعرف فيها نصيب الفرد من المياه تراجعا بواقع النصف في أفق 2050. يشير الحسين الكافوني، رئيس جمعية الماء و الطاقة للجميع، إلى أن المغرب حقق تقدما ملحوظا منذ 1996 في مسار ولوج الساكنة للماء الصالح للشرب، خاصة في العالم القروي، غير أنه يرى أن مجهودات جبارة يفترض أن تبذل، في ظل ندرة التساقطات المطرية في السنوات الأخيرة والتبذير الذي يتعرض له الماء في مستويات عدة و التلوث الذي اتخذ أبعادا مخيفة و التأخير المسجل على مستوى التطهير. رأي يشاطره في بعض جوانبه خبير بكتابة الدولة المكلفة بالماء و البيئة، فضل عدم ذكر إسمه، وإن بدا له أن المغرب يوجد في وضعية مريحة على مستوى الموارد المائية مقارنة ببعض بلدان جنوب البحر الأبيض المتوسط، لكن عندما يقارن المغرب ببعض بلدان الشمال يتجلى حجم الخصاص الذي يفترض في المغرب تداركه. الأرقام التي نشرها تقرير للبنك الدولي في السنة الفارطة حول وضعية الموارد المائية في المغرب، أكدت أن التغيرات المناخية ستفضي إلى تراجع التساقطات المطرية، حسب المناطق بما بين 5و25 في المائة في أفق 2050، ذلك مؤشر على الخصاص الذي سيعاني منه المغرب على مستوى التساقطات المطرية التي تعتبر الرافد الرئيسي للنمو الاقتصادي. لكن ما يجعل هذا المؤشر غير باعث على الاطمئنان في النفوس، كون مياه السدود لا تلبي الطلب المتزايد على السقي، في نفس الوقت الذي يتقلص فيه مخزون المياه الجوفية التي تمثل المخزون الاستراتيجي للمغرب الذي يحتفظ به للأجيال القادمة، بحيث يضرب المثل بسوس ماسة درعة التي انخفض فيها مخزون تلك المياه من 70 مترا مكعبا إلى 10 أمتارمكعبة في الفترة الفاصلة ما بين 1982 و 2008. تصل الموارد المائية في المغرب، حسب خبير من كتابة الدولة المكلفة بالماء و البيئة إلى 22 مليار متر مكعب، منها 18 مليار عبارة عن مياه سطحية، فيما تصل المياه الجوفية إلى 4 ملايير أمتار مكعبة. وأفضى توالي سنوات الجفاف، حسب البنك الدولي إلى تقليص الحصة السنوية للفرد من الموارد المائية من 3000 متر مكعب في بداية الستينيات من القرن الماضي إلى 700 متر مكعب في أفق 2025. في ذات الوقت يشدد الخبراء على الهدر الذي يميز المياه التي توجه للفلاحة والتي تمتص 85 في المائة من موارد المياه في المغرب، زيادة على ذلك لا يتوفر المغرب سوى على 80 محطة لتصفية المياه العادمة، نصفها لا يشتغل بسبب مشاكل الصيانة. تشخيص الوضعية الحالية للماء معروف لدى الجميع، بل إن الموضوع قتله بحثا الحوار الوطني حول الماء، لكن توصيات هذا الأخير، مازالت لم تفعل بالوتيرة التي تفرضها التحديات التي يواجهها المغرب، و يضرب خبير من كتابة الدولة المكلفة بالماء و البيئة، مثلا بالتطهير السائل الذي يعرف فيه المغرب الكثير من التأخر. بعض الخبراء يعتقدون أن السلطات العمومية لا تعير اهتماما للخبرة المحلية، ما دامت أناطت مهمة إنجاز دراسة حول الماء لمكتب دراسات دولي، وهناك من يعتبرون أن الخبرة و المعالجة التقنية متوفرة، وهم يراهنون على القرار السياسي الذي يمكن أن يؤدي إلى وضع قواعد لترشيد استهلاك الماء، محيلين على قانون الماء الذي اعتمد في 1995 دون أن يجري تفعيله، بل إن خبيرا من كتابة الدولة المكلفة بالماء، تساءل عن الاعتبارات التي أفضت إلى عدم حضور المجلس الأعلى للماء الذي له دور استشاري في المغرب تحديد معالم السياسة المائية بالمغرب ، علما أنه كان يفترض فيه أن يضع المخطط الوطني للماء قبل سنوات.