أصدر الصحفي الطيب دكّار، المراسل السابق لوكالة المغرب العربي للأنباء بوجدة، وباريس والجزائر وبون وبرلين كتاباً بدار النشر الفرنسية بباريس «لارماتون»، يحمل عنوان، «المغرب - الجزائر: الحذر المتبادل». ويستعرض الكاتب في هذا المؤلّف تجربته المهنية بالعاصمة الجزائرية التي حلّ بها في صيف 1989، وتحديدا حوالي سنة بعد اندلاع أحداث أكتوبر 1988، ومرور أكثر من سنة على تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية. كما يتطرق الكاتب إلى الوضعية التي كانت سائدة في الجزائر أنذاك على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي وإلى العلاقات الثنائية، بالإضافة إلى بعض المشاكل والوقائع الأساسية التي كادت تعصف بالعلاقات بين البلدين، وكذا موقف الصحافة الجزائرية تجاه المغرب وفترة حكم الرئيس الراحل محمد بوضياف. ويتناول الكاتب كذلك الانفتاح السياسي بالجزائر سنة 1990، والإسلام السياسي وتوقّف المسار الانتخابي إلى غاية اندلاع العنف بالجزائر. وبخصوص العلاقات الثنائية التي تم تطبيعها في وقت كانت الجزائر تمر بأزمة داخلية خطيرة، يعبّر الكاتب عن قناعته أن التطبيع الدائم والواقعي، يستحيل تصوره بسبب تراكم الخلافات الثنائية على عدة أصعدة. لأسباب كثيرة، تفاقم الشعور بالحذر المتبادل بين البلدين مع مرور الوقت، يقول الكاتب. فالتطبيع اليوم برأي الكاتب، لا يمكن تصوره، إلا في إطار الاتحاد والاندماج وتوحيد الخيارات السياسية الاستراتيجية، وكذلك في إطار جهوية متقدّمة، والديمقراطية والحرية، واحترام حقوق الإنسان. ولتحقيق هذا المبتغى، يعتقد الكاتب أن جردا شاملا لكل الخلافات العالقة يبقى ضرورياً. ويقترح الكاتب الذي لَمْ يَعُدْ يربطه بالوكالة أي التزام، لكونه أصبح متقاعدا، جملة من الأفكار بهدف التطبيع بين البلدين، الذي يرتكز أساسا على تنفيذ الاتفاقيات حول الحدود، والتي سوف تجسّد على الأرض التزامات كلا البلدين، بالرغم من التأخير لأسباب تمّ عرضُها بالتفصيل في الكتاب. ومن أجل تحقيق أهداف الوحدة، فإن البلدين مطالبان بالانخراط في ورش إصلاحي واسع لتوحيد مقاييس الحكامة ( الجهوية المتقدّمة، احترام حقوق الإنسان والحرّيات، وتوحيد الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية ..). فهذا المشروع الذي يبدو خياليا في الظروف الراهنة، يبقى بطبيعة الحال، في متناول البلدين، شريطة أن يُدْرِكا معاً، أن بإِمكانهما بناء إحدى القوى الكبرى في حوض البحر الأبيض المتوسط على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري. ويبقى تجسيد هذا الحلم القديم رهيناً بالعزيمة السياسية للبلدين، وكذا انخراط المجتمع المدني والمثقفين والصحفيين والفنانين.