كاتب مغاربي 12/02/2012 في أعقاب الزيارة التي قام بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد سعد الدين العثماني إلى الجزائر، والتي كانت محطة تعاليق وأحاديث وتحاليل مطنبة هنا وهناك، حاولنا أن ننفذ إلى ما وراء الفقاعات المتناثرة في هذا الموضوع علنا نتمكن من إظهار ما خفي وما يجب إبرازه خدمة للمصلحة المغاربية، ووضع لشعوب في الصورة الحقيقية دون مراء ولا مغالطات ولا اوهام.
فالسياسة الخارجية للدول والضمير لا يجتمعان، كما أن الدهاء والذكاء لا يلتقيان، فالتقارب المغربي الجزائري الحالي له أسبابه ومبرراته الموضوعية والتاريخية لعبت فيه الانتفاضة العربية الكبرى، أو ما اصطلح عليها "بالربيع العربي". فما هي المسببات الحقيقية الكامنة وراء استجابة الجزائر للدعوة المغربية بصفة فورية الى ضرورة فتح ملف التعاون التجاري بين البلدين؟ وما هي كذلك رؤية البلدان وحسبتهما الخاصة لتحريك المياه الراكدة التي تشهدها العلاقات بيهما.؟ السبب الاول، ان للجزائر تعيش عزلة حقيقية في منطقة كانت تعتبرها منطقة أمنها القومي، فضاء يمتد من دكار بالسنغال إلى القاهرة، فسقوط نظام مبارك وقبله ابن علي، ثم انهيار دولة اللانظام لمعمر القدافي، أحدثوا ختلالا، جيو-إستراتيجيا، وهكداكانت تونس قبل ثورة الياسمين تلعب دورا محايدا في العلن بين الجارين الكبيرين (المغرب والجزائر) المتصارعين، تستفيد منهما بدون أي نشاط فعلي في تحريك إتحاد المغرب العربي التي كانت احد المؤسسين له؛ فسياستها في هدا الاتجاه كانت لفظية و سطحية لا غير. لا ننسى كدلك ان الرئيس بورقيبة ساعد في انفصال موريتانيا عن المغرب سنة 1960 كما اجهض وزير داخليته السيد الطاهر بلخوجة الهجوم المغربي على تندوف في الثمانينات سمية بالكدبة التونسية الكبرى على ملك المغرب. كدبة لازالت نتائجها قائمة في سماء شمال افريقيا. أما ليبيا معمر القدافي، فصراعها مع المغرب بدأ منذ انقلاب فاتح شتنبر 1969 على الملك ادريس السنوسي، فكان القدافي لا يخفي نيته ومشروعه في إقامة جمهورية عسكرية في المغرب، فقام بمحاولات متعددة لضرب استقرار المملكة المغربية، بغطاء خفي جزائري؛ والقصة طويلة بدأت تظهر مؤخرا من خلال ارشيڤ المخابرات الليبية الدي افرج عنه قادة ثورة 17 فبراير. فليبيا رغم خلافاتها العميقة مع الجزائر حول قضية الحدود وقضية المياه الجوفية والغاز والبترول والمعادن النفيسة الموجودة في منطقة غداميس وهي كدلك خلافات تهم تونس، فإن القدافي كان يخشى الجنرالات في الجزائر، بل سكت عن هذه المشاكل العميقة بين البلدين، وتحالف معهم ضد المغرب فيما يخص استرجاع الصحراء المغربية، ولقد أقام الجانبان أول شراكة عسكرية سنة 1975 من خلال بناء طريق القدافي (Piste) الممتدة من سبها إلى تيندوف، كما قام الطاغية بمساعدة الجزائر في تأميم شركة الغاز والبترول سنة 1971، فالجماهرية كانت بمثابة حليف استراتيجي للجزائر ضد تونس والمغرب ومصر ودول الساحل الافريقي..
سبب آخر حول الدفء الديبلوماسي المغربي الجزائري، هو أن الجزائر كانت أول دولة عربية عرفت حراكا سياسيا قويا في أكتوبر 1988، أدى إلى التعددية الحزبية واقتصاد السوق، ثم انتخابات بلدية وبرلمانية سنة 1992، انتخابات فاز بها الاسلاميون وتم اجهاضها في إطار انقلاب أبيض قامت به المؤسسة العسكرية وجزء من العلمانيين الجزائريين على الشرعية الدستورية تحت شعار "جبهة إنقاذ الجمهورية"، تبع هذا الإغتصاب السياسي حرب أهلية دامت عشر سنوات، وذهب ضحيتها 250 ألف جزائري، واقل من مليون جريح، و50 ألف مفقود، و20 ألف منفي و35 ألف امرأة مغتصبة، و12 ألف طفل من أطفال الشوارع، إضافة إلى تدمير البنية التحتية والبيئية وكانت الخسائر قد فاقت خمسة ملايير من الدولارات، هذا أمام صمت جميع الدول والشعوب، خاصة الشعوب العربية والغربية، التي كانت ترى في وصول جبهة الإنقاذ الإسلامية إلى الحكم خطرا على السلم والاستقرار في العالم، حتى وسائل الإعلام غضت الطرف عن هذه المجازر، والمذابح وخروقات حقوق الإنسان والاختطافات والمحاكمات الخارجة عن القانون، حتى الأحزاب الإسلامية في الوطن العربي تجنبت الخوض في هذه المأساة الجزائرية وترك الشعب الجزائري وحده يصارع الطوفان، كما أن المغرب بوصفه دولة جارة، لم يحرك ساكنا لا إعلاميا ولا شعبيا ولا مؤسساتيا، بل "فزاعة" الإسلاميين كانت تخيف الجميع، ومن سوء حظ الشعب الجزائري، أن العشرية السوداء لم تواكبها وسائل التواصل الاجتماعية الحالية(النيت)، ولا وجود فضائيات مستقلة في المشهد العلامي العربي كما هو الشأن الآن. فالربيع العربي الحالي احدث زلزالا جيوستراتيجيا كبيرا كانت له تداعيات على جميع الشعوب العربية وعلى جميع المستويات خاصة في الدول المغاربية التي ترنوا كلها إلى الانتقال من الاستبداد والدكتاتورية إلى الديمقراطية والكرامة وحقوق الإنسان، ولقد حاول شباب الجزائر والمغرب ركوب هذه الموجة، إلا أن القمع اليومي والخوف من العودة إلى الحرب الأهلية في الجزائر جعلت محاولاتهم لا تصل إلى تحريك المجتمع الجزائري برمته، فالمظاهرات التي عرفتها بعض المدن الجزائرية كوهران وغرداية والجزائر العاصمة ورغلة الخ..، أجهضت في المهد من طرف القوات العمومية التي اكتسبت خبرة كبيرة في مكافحة الشغب وتشويه كل تحرك شعبي سلمي..، إضافة إلى ملايير الدولارات التي ضخها النظام لإرشاء الشعب ثنيه عن الانخراط في الربيع العربي، لكن الحراك لا زال مستمرا، أن كل هذه الإصلاحات الفوقية هي إجراءات تجميلية ليس الا، حتى أن مشروع نظام تنظيم انتخابات برلمانية في ماي 2012 تسعى من ورائه المؤسسة العسكرية إلى دفع الإسلاميين المعتدلين إلى الفوز بها، حتى تبدو الجزائر وكأنها دولة انتقلت إلى الديمقراطية والتحمت مع الربيع العربي الذي تقوده تنظيمات إسلامية سلفية من الرباط إلى الكويت مشروع مشكوك في مصداقيته وشفافيته. لأن الحاكم الفعلي الدي يتخفى وراء الستار يرى في الشعب الجزائري شعبا لازال غير ناضج للديموقراطية الحقة.. أمام هذه العزلة التي يعيشها الجزائريون وهذا التخبط الدي يعرفه الساسة (استقالة الرئيس بوتفليقة قبل 2014 : اشاعة لتسميم الأجواء واحباط النفوس وتكميم الافواه)، حاولت الجزائر أن تبدو صامدة وقوية، وهذا ما ظهر في خطابها السياسي وفي صفقات التسلح الكبيرة المبرمة طيلة سنة 2011، فمناوراتها العلنية والخفية تدل على أن كل الانشطة السياسية الجزائرية هدفها معاكست كل اصلاح وتغيير داخلي وفي محيطها الاقليمي والعربي فهي لعب دورا اساسيا في الساحة التونسية خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، كما لا زالت تلعب بشكل خفي في السياسة الداخلية لليبيا ومصر، كما أنها أصبحت الداعم الأساسي للرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اليمني صالح.
اما الشعب الجزائري وقواه الحية يحس بالتطويق من جميع الجهات، فالجزائري المعروف بانفتاحه وبسفرياته خارج الوطن ،لم يعد يذهب الى تونس كما كان الشأن سابقا، وأن أوروبا مغلقة في وجهه، وأن مصر لا يمكنها استقباله بعد أحداث كرة القدم، يبقى له أن يبحث عن متنفس آخر جديد ألا وهو المغرب الدي يرحب به بدون شروط.. ان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي ازداد بالمغرب وعاش طيلة شبابه فيه، له مقاربة خاصة في تدبير علاقات ابلاده مع المغرب، علاقات فكر فيها عبد الحفيظ بوصوف مؤسس العقيدة العسكرية الجزائرية ومارسها الرئيس هواري بومدين بتفاصيلها. سياسة تكمن في الانفتاح جزئيا على الجار والاستفادة منه في الميادين التي تعرف نقصا أو تخلفا في الجزائر، وإضعافه إستراتيجيا دون المساس بشرعية النظام الملكي في المغرب والظهور مظهر الاخ القوي الذي يملي ارادته على اخوته الصغار. الرئيس هواري بومدين (بوخروبة) الذي جاء في انقلاب عسكري في 19 جوان 1965 الذي سمي أن ذاك التصحيح الثوري هو أول من طبق مقاربة التطبيع القطاعي، حيث كان يستورد الكثير من المواد الغذائية من المغرب إلى درجة أن قافلات الشاحنات المغربية كانت تصل إلى كيلومترات من حدود جوج بغال (افلاس الثورة الزراعية) وهو الاول الذي أنشأ مع الملك الحسن الثاني آلية اللجنة الثنائية العليا في 1972 بإفران، إلا أن قضية الصحراء وضعت حدا لهذا التبادل التجاري الذي كان يستفيد منه الشعبان، لأن قوة الخلافات السياسية بين أنظمة البلدين كانت أقوى من التعاون التجاري والاقتصادي، كما أن الرئيس الشاذلي بنجديد من جهته عمل على تنشيط هذه المقاربة، إلا أنها فشلت بسبب معارضة المؤسسة العسكرية الجزائرية، كما كانت نية الرئيس محمد بوضياف حلحلة العلاقات المغربية الجزائرية من خلال مشروع اقتصادي تكاملي على الطريقة الأوربية يستطيع تذويب الجليد السياسي المتراكم بين البلدين كما وقع بين ألمانياوفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أن اغتياله من طرف المعارضين لسياسة الانفتاح على المغرب ادت الى دفن هذا المشروع الذي قاده هذا الرجل الشجاع الذي كان يؤمن بالوحدة المغاربية، وفي هذا الباب نذكر مجهودات دول غربية كبيرة للضغط على الجانبين قصد إقامة سوق مشتركة مغاربية تكون بمثابة دعامة لحل مشكل ترسيم الحدود وإنهاء إشكالية الصحراء المغربية (فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية)، كما حاولت دول الخليج الانخراط في هذه الآليات لكن دون جدوى (السعودية والإمارات..) في هذا الباب يمكننا الجزم بأن الخلاف المغربي الجزائري هو معقد وعميق ويتراكم يوما بعد يوم، ولا يمكن اختزاله في شخص الرئيس بوتفليقة ولا قادة المؤسسة العسكرية الحاليين، فطبيعة العلاقات السياسية تضرب جذورها في تاريخ البلدين، وخاصة منذ دخول الأتراك العثمانيون للجزائر، واحتلال فرنسا لها سنة 1830؛ فكلما واجهت الجزائر مشاكل داخلية أو عزلة خارجية أو أزمة اقتصادية، نراها تلجأ إلى التقارب مع جيرانها وحتى مع أعدائها (فرنسا وامريكا)، حسب مقاربة خاصة بها، وأجندة تمليها على الآخرين.. انها رؤية استراتيجية قديمة لا يمكن تجاوزها من خلال خلخلة التعاون التجاري. فالشراكة المغربية الجزائرية تعني بالنسبة للعسكر في الجزائر التنفيس عن اقتصادها وفك عزلتها مؤقت دون المساس بعقيدتها السياسية التي تعتبر الحجر الأساس في علاقتها الثنائية مع المغرب، فلا بد ان نميز بين الثابت والمتغير في بنيات وعقليات السياسة الجزائرية فالتطبيع في الميدان التجاري والاقتصادي والفلاحي والثقافي والرياضي بيت المغرب والجزائري هو تطبيع مرحلي وسطحي ومؤقت عرفناه منذ استقلال الجزائر إلى الآن، وقابل للتوقف والتبخر امام كل عاصف أوحادثة سياسية قد تعترض هذا التعاون وتجعله لا غيا، ويتم ارجاعه إلى المربع الأول، مربع الخلاف السياسي والاديولوجي بين البلدين وهدا ما حدث في السابق. اما المغرب فيسعى من خلال التقارب مع الجزائر الى التركيز على التطبيع التجاري والاقتصادي وترك النقط الخلافية جانبا، لعل هذا التعاون الاقتصادي قد يدفع الساسة الجزائريين الحاليين إلى مراجعة مواقفهم من القضايا السياسية الأساسية، كمشكل الحدود وترسيمها ومشكل الصحراء الشرقيةوالغربية، جوهر الخلاف بين الجانبين المتصارعين.. فإرسال وزير الخارجية والتعاون، سعد الدين العثماني، إلى الجزائر بطلب منه، هو رسالة قوية من العاهل المغربي إلى الحاكمين الفعليين في الجزائر، ومفادها أن مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية مستقبلا سوف يديره ممثلي الأمة الفائزين في إطار انتخابات برلمانية شفافة، وأن القضايا السياسية بين البلدين ليست قضية نظام في المغرب، بل هي قضية شعب بأكمله، وكان الجواب على هذه الرسالة مفهوما من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي قام بتغيير التقاليد والبرتوكول الرئاسي و تحويله إلى تقليد يرقى إلى مستوى استقبال رؤساء الدول. وهذا ما ظهر في المحادثات الثنائية على انفراد وغذاء على شرف المبعوث المغربي والقبلات الحارة. وقد لاحظ المتتبعون لهذه الزيارة أن الوزير القوي في الدبلوماسية الجزائرية والمقرب من الجنرال توفيق مدين، المكلف بالشؤون العربية الإفريقية، مهندس العلاقات مع المغرب، غاب عن هذه المحادثات الثنائية التي كان يعول عليها كثيرا في الدبلوماسية المغربية، هذه اشارة قوية على ان اللقاء كان عبارة عن فلكلور مدروس لا يسمن ولا يغني من جوع.. هذه رسالة أخرى من العسكر، وتعني أن لا مجال للحديث لا على الحدود ولا على قضية الصحراء المغربية. ففي الوقت الذي كان رئيس الدبلوماسية المغربي يتباحث مع زميله السيد مراد مدليسي (عبارة عن موظف سام مقرب من الرئيس بوتفليقة)، كان عبد القادر مساهل يجتمع مع وزراء الخارجية لدول الساحل في نواكشوط بموريتانيا لإنشاء جهاز مخابرات كبير لمحاربة الإرهاب وانتشار تهريب الأسلحة والمخدرات في المنطقة، مستعينا بوزير خارجية نيجيريا الدولة القوية في إفريقيا الغربية، وهذه رسالة أخرى من الجانب الجزائري.. وفي هذا الصدد أذكر أن الوزير الجزائري عبد القادر مساهل الذي سميته في المقال المنشور في القدس العربي بالحسن الوزان الجزائري ((Léon africain Algérien كان بطل مدينة وجدة لمسافة 3000م في بداية الستينات، وكان أبوه مدير الهلال الاحمر الجزائري في وجدة المغربية، ويعرف المغرب أكثر من معرفته للجزائر، ويقود فريقا من الخبراء في الشؤون العربية الإفريقية، خاصة المغرب، وأذكر من بينهم المفكر الجزائري سليمان الشيخ، الوزير السابق وابن شاعر الثورة مفدي زكريا، فسليمان الشيخ هو منظر السياسة الخارجية الجزائرية والمرجع الأساسي للمؤسسة العسكرية رفقة الجنرال محمد التواتي المدعو ب"المخ".. المغرب من جانبه كذالك، عاش حراكا شعبيا قويا من خلال حركة 20 فبراير، حراكا تفاعل معه ملك البلاد من خلال إصلاحات دستورية جوهرية وتاريخية تنازل بموجبها الملك عن بعض اختصاصاته للبرلمان ولرئيس الحكومة. كما قام بتنظيم انتخابات شهد الجميع بشفافيتها ومصداقيتها، فالتطبيع الاقتصادي قد يفيد المغرب على المدى القصير اقتصاديا واجتماعيا، ولكن مفهوم فتح الحدود الذي يساهم في تنزيل التعاون مع الجزائر يبقى عائقا كبيرا لهذا التطبيع القطاعي، فالجزائريون لهم مفهوم الخاص فتح الحدود يتجاوز معنى الانتقال الحر للبضائع والأشخاص بين البلدين إلى منطق ترسيم الحدود بصفة عامة والمصادقة عليه منطرف البرلمان المغربي.. ومبدأ تقرير مصير "الشعب الصحراوي" المبدأ نفسه الذي رفضته تطبيقه جبهة التحرير الوطني الجزائرية على الطوارق سنة 1960 (المرجع رضا مالك).
أن المغرب يراهن على فتح هذه الحدود حتى يتمكن الجزائريون من الانتقال برا بكثافة، قد تصل إلى الملايين عوض النقل الجوي الذي هو محدود ففتح الحدود سوف يلعب دورا محوريا في سياسة التطبيع القطاعي، في وقت أصبحت فيه الحدود الجزائرية مع تونس مغلقة والأوضاع في ليبيا غير مستقرة، وأبواب أوربا موصدة، خلاصة القول، فلا أحد يجادل بأن الشعب الجزائري هو شعب كريم، وأن كرمه ليس بجديد علينا نحن المغاربة، شعورنا أن هذا الدفء في العلاقات هو مرحلي وظرفي ومؤقت، يخدم النظام الجزائري سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وهذا باعتراف الرئيس بوتفليقة شخصيا عند تدشينه لمتحف ولاية تلمسان، تقارب جاء قبل الانتخابات التشريعية المقبلة المزمع تنظيمها في ماي المقبل، يشير ان هذا الاستقاق إلى أن الأحزاب الاسلامية هي التي سوف تشكل الحكومة المقبلة في الجزائر، وهذه الأحزاب معروفة بولائها للعسكر، كما هو الشان ولاء حزب العدالة والتنمية للملكية في المغرب.. خسارتنا كبيرة لأننا نساهم بصفة غير مباشرة في فك عزلة المؤسسة العسكرية الجزائرية، ونساعد في تأجيل الحراك السياسي الذي هو على وشك الوقوع، كما فعلنا سنة 1992..؟ لذا ينبغي، المراهنة على الشعب الجزائري الذي يتطلع شأنه شأن جميع الدول العربية إلى الديمقراطية والحرية والكرامة..، فالتعاون الظرفي رغم أنه خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنها خاضعة لرياح وعواصف السياسة المغاربية. فالأخلاق والابتسامة العريضة والرسائل المشفرة المتبادلة بين البلدين لا تجتمع مع لغة المصالح والتوازنات، فهي تخضع لحسابات وخبرات مضبوطة ومحكمة.. فالتعاون الفعلي بين الجزائر والمغرب ينبغي أن يبنى على إرادتين متساويتين حرتين وصادقتين بعيدتين عن كل وصاية داخلية أو خارجية على ارادة الشعوب المغاربية. فهذا التحليل لا ينبغي مقاربته أو معالجته من زاوية سلبية، أو تشاؤمية، لأن العلاقات المغربية الجزائرية عرفت مدا وجزرا منذ 1962، وكانت دائما علاقات أنانية وتصارعية، يطبعها النفاق والدهاء والخطب معسولة، عفوا المسمومة، والكلمات الرنانة بعيدة عن الإحساس الشعبي الواعي بأنه خارج عن اللعبة ولا يشارك فيها من قريب أو بعيد..