مع انطلاق موسم التساقطات في كل فصل شتاء يضع سكان المدينة العتيقة لفاس أكفهم على قلوبهم في انتظار بدء مسلسل انهيار البنايات الهشة، التي يصل عددها حسب المعطيات الرسمية إلى ما يقرب من 4000 بناية. ولم تجد المقاربة المتبعة في ترميم البنايات المهددة بالانهيار بالأعمدة الخشبية أي نفع في وضع حد لهذا المسلسل المخيف، الذي سبق له أن حصد أرواح عدد من المواطنين، وأدخل آخرين إلى أقسام المستعجلات والعناية المركزة. فقد سبق للمجلس الجهوي للحسابات أن انتقد هذه المقاربة، ودعا إلى تجاوزها. وقال في تقرير خصصه لانتقاد أداء وكالة إنقاذ فاس العتيقة، إن دعم البنايات بالأعمدة الخشبية يندرج في إطار الحلول ذات النجاعة المحدودة في معالجة قضية البنايات المهددة بالانهيار. فالأعمدة الخشبية تتعرض لعوامل تعرية. وأمام مرور الوقت، وتعرضها للشمس والأمطار، فإنها تتعرض بدورها للتلف، ما يجعل البنايات التي تم شدها بهذه الأعمدة تتعرض للمخاطر ذاتها. وبالرغم من هذه الانتقادات التي مرت عليها سنوات، فإن إدارة وكالة إنقاذ فاس العتيقة، التي تعاني من أزمة مالية شبه بنيوية، قد استمرت على نهج اعتماد الأعمدة الخشبية، حد أن أصبحت أزقة وحارات فاس العتيقة في عدد منها مشدودة بأعمدة خشبية. وتدرس الحكومة مشروع إحداث وكالة وطنية لإنقاذ المدن العتيقة بالمغرب، خاصة وأن جل هذه المدن تعاني من هشاشة البنايات بفعل تقادمها، وما فعلته عوامل التعرية، والإهمال بها. وأمام فشل مقاربة إنقاذ فاس العتيقة، فإن الساكنة تراهن على هذا المشروع لتقديم مقاربات أخرى بديلة، تتجاوز مقاربة الأعمدة الخشبية، والترميمات التي تكرس تزيين الواجهات فقط.