نشر الموقع الإلكتروني لصحيفة «لونوفيل أوبسرفاتور» الفرنسية نصا مترجما عن مقال نشرته صحيفة «نيوزويك» الأمريكية حول مذكرة رُفعت السرية عنها تعود لفترة حكم الرئيس بوش. وتمنح المذكرة للجيش الأمريكي صلاحيات واسعة في ‘إطار الحرب الأمريكية على الإرهاب، كما أنها منحت الرئيس بوش حق تعليق حرية الصحافة في حالة الضرورة. جاء في مذكرة كُشف عنها الإثنين الماضي أن وزارة العدل سمحت بشكل سري للجيش الأمريكي بالهجوم على البنايات السكنية والمكاتب الموجودة على التراب الأمريكي، واللجوء إلى التجسس على مواطني الولاياتالمتحدة بواسطة أحدث التجهيزات المتطورة، وإمكانية تعليق حرية الصحافة، في حالة الضرورة، رغم أنها تعتبر موضوع أول تعديل في الدستور الأمريكي. الإجراءات التي نصت عليها هذه المذكرة، التي أصدرتها سرا وزارة العدل أسابيع قليلة بعد أحداث 11 شتنبر، تدخل في إطار خطة محاربة الإرهاب التي تبنتها حكومة بوش. إذ يعود تاريخ إصدارها بالضبط إلى 23 أكتوبر 2001 قبل أن توجه إلى الخبير القانوني للبيت الأبيض ألبرتو غونزاليس ووليام هاينس، المستشار القانوني الأول لدى وزير الدفاع رونالد رامسفيلد، إلا أن مضمون المذكرة لم ينفذ. وتكشف المذكرة، التي علقت عليها صحيفة «نيوزويك»، عن الصلاحيات الكبرى التي طالب بها قانونيو إدارة بوش بعد أحداث 11 شتنبر، وهي المطالب التي استُعملت فيما بعد مطية لتبرير بعض الممارسات المنافية لحقوق الإنسان خلال التحقيق مع المشتبه فيهم، منها السماح للمحققين بإغراق رأس المشتبه به في الماء أو التصنت على المواطنين الأمريكيين دون إذن قضائي. مثل هذه القرارات تشكل اليوم موضوع تحقيق من قبل الكونغرس ووزارة العدل. إلا أن الأمر المدهش، حسب الصحيفة، في المذكرة هو اقتراحها على الرئيس تعليق حرية الصحافة إذا ما رأى أن هذا الإجراء من شأنه أن يسهم في محاربة الإرهاب. إذ جاء في المذكرة، التي عنونت بعبارات «مقتضيات قانونية تتعلق باستعمال القوة العسكرية لمحاربة الأنشطة الإرهابية فوق تراب الولاياتالمتحدة» أنه «يمكن منح الأولوية للحرب على الإرهاب وكسبها على حساب حرية الصحافة والحريات العامة المنصوص عليها في التعديل الأول للدستور.» وقد اعتبرت هذه الإجراءات متطرفة إلى حد بعيد لدرجة أنه كان من اللازم إلغاؤها. إلا أن قرار الإلغاء لم يتم إلا قبيل نهاية شهر أكتوبر الأخير، أي بعد مرور سبع سنوات على تاريخ صياغة المذكرة وإصدارها، بينما لم يبق على نهاية الفترة الرئاسية للرئيس بوش إلا أقل من 3 أشهر ونصف. واعتبرت مذكرة موقعة من قبل ستيفن برادبوري، الذي كان على رأس مجلس الاستشارة القانونية خلال الفترة الرئاسية الثانية للرئيس بوش، أن تلك التدابير لم تكن «مهمة» وأنها كانت «فضفاضة ولا تستجيب بالقدر الكافي للظروف الخاصة المناسبة لسيناريو واقعي». من جهته، قالت كايت مارتن، مديرة مركز الدراسات حول الأمن القومي في واشنطن، إن المذكرة تدخل في إطار اتجاه قانوني أوسع غايته منح الرئيس بوش كامل الصلاحيات في الحرب على الإرهاب. وأوضحت أنه «في أكتوبر 2001، اجتهد معاونو الرئيس في بناء نظام قانوني يسمح، بالدرجة الأولى، بتطبيق مقتضيات القانون العسكري.» وفي 15 يناير 2009، أي 5 أيام قبل رحيل بوش عن البيت الأبيض، ألغى برادبوري، أيضا، ثلاث مذكرات قانونية أخرى صيغت خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس وتطالب بصلاحيات واسعة تسمح للرئيس بتعليق تطبيق المعاهدات، وتجاوز المقتضيات القانونية الخاصة بمراقبة التراب، وتطبيق تدابير جديدة لمحاربة الإرهاب دون إذن من الكونغرس. وأعلن برادبوري في مذكرة أخرى، حسب «نيوزويك»، أن التبريرات المقدمة في كل تلك المذكرات مبنية على منطق قانوني هش ولا يمكن أن تكون «لها سلطة». إلا أنه لا يفسر السبب الذي جعله يتأخر في إلغاء تلك المذكرات حتى الايام الأخيرة لرئاسة بوش.