استقرت رياح الترشيحات التي تشتهيها قيادة الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب على تزكية محمد الشعيبي مرشحا لخلافة مولاي حفيظ العلمي, الذي فضل الاكتفاء بولاية واحدة, ويوسف العلوي نائبا له، ليس لشعبية تراكمت لهذين المرشحين في نفوس رجال الأعمال المغاربة، أو لجاذبية المشروع الذي سيدافعان عنه، وإنما لأن لا أحد في الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب يريد أن يتقدم بمشروع قد يبدو للجهات التي تضع عينها على المؤسسة خارجا عن المسار الذي رسم لها منذ آخر انتخابات. مصدر عارف بمسار هذه المؤسسة يؤكد أنه من الصعب التكهن بالأسماء التي يمكنها أن تجرؤ على منافسة النائب الحالي لمولاي حفيظ. الجميع يستحضر في الكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب، حسب محدثنا، النهاية الدراماتيكية التي آلت إليها ولاية الرئيس السابق حسن الشامي، الذي انتقد نظام الحكامة في المغرب، حيث اعتبر موقفه مناوئا لرغبة المغرب في جلب الاستثمارات إلى المغرب، فكان أن برز العلمي مرشحا وحيدا، لم يجرؤ أحد على منافسته على كرسي الرئاسة، بل إن من عبروا عن نوايا، في السر أو العلن، في الترشح تواروا إلى الخلف، قبل أن يأفل نجم بعضهم. الرئيس الحالي فضل عدم التطلع إلى ولاية ثانية، حيث دفع بنائبه محمد الشعيبي كي يخلفه، وهو ما يشكل ضمانة لمواصلة السياسة التي نهجها، هو الذي توعد بالتصدي لكل من يحاول الزج بمنظمة الباطرونا في براثن الصراع السياسي. فالفريق الحالي يحاول تفادي الخوض في قضايا الحكامة التي انتقدها الرئيس السابق، الذي اعتبر خطابه مسيئا إلى سمعة المغرب، ومسا بحظوظ الاقتصاد الوطني في جلب الاستثمارات الأجنبية، وهو ما دفع الكونفدرالية إلى بلورة استراتيجية, وصفها الاقتصادي المغربي، نور الدين العوفي، بعد قراءة الكتاب الأبيض المتضمن لمطالب رجال الأعمال المغاربة، بكونها مطلبية واشتراطية وصفقاتية، بل في بعض جوانبها اقتناصية، في الوقت الذي تتميز فيه الاستراتيجية التفاوضية في المجتمعات الديمقراطية بكونها تعاونية قائمة على مبدأ الأخذ والعطاء والبحث عن صيغ التسوية المتوازنة بين كافة الأطراف الاجتماعية. الكثير من المياه جرت تحت جسر الاتحاد العام لمقاولات المغرب منذ انتخابات صيف 2006، لكنها لم تجرف معها ذلك التوتر الذي لم تأت عليه العمليات الجراحية الصعبة التي أريد بها ضمان عدم تجاوز بعض الخطوط الحمراء. درس استوعبه الكثير من رجال الأعمال المصنفين ضمن خانة « المناضلين» الذين ينادون بالحكامة، والذين فضلوا الانسحاب من الاتحاد لشعورهم بالبرودة العاطفية للسلطة تجاههم، مما قد يعرضهم لمصاعب تطال مستقبل مقاولاتهم. بعضهم لزم الصمت، ومن اختار الحديث لم يتردد في انتقاد الرئيس الحالي، الذي اعتبروا أنه أحاط نفسه بالتكنوقراط وواصل تجميد عمل اللجان التي لا تعمل بانتظام، حيث إن المنظمة قلما ترفع صوتها ليتجاوز السقف الذي كرسته انتخابات صيف 2006، وهذا الرأي يجزم بأن لا أحد سيجرؤ على منافسة مرشح الرئيس، خاصة إذا كان سيحمل مشروعا يتناول أكثر قضايا الحكامة التي تهم المستثمرين المحليين. لكن لا شيء يحدث في المنظمة كما يتوقعه المنطق في بعض الأحيان، والجميع ينتظر الكلمة الفصل في آخر اجتماع لمجلس إدارة الكونفدرالية قبل الانتخابات التي ستجرى في يونيو القادم. أولم يكن الرئيس الحالي عازفا عن الترشح أسابيع قليلة قبل أن يعلن رغتبته في المنافسة على الكرسي في 2006؟ الرئيس المنتظر محمد الشعيبي محمد الشعيبي ليس غريبا عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب، فهو نائب الرئيس الحالي، وخريج المدرسة العليا للمعادن بباريس في 1950، عمل في بداية مساره المهني بأحد فروع مجموعة أومنيوم شمال إفريقيا في 1975، قبل أن يلتحق بشركة الإسمنت الفرنسية في 1978 التي عينته، سنة بعد ذلك، مديرا لفرعها بالمغرب، حيث واصل مسلسل الترقي ليصبح الرئيس المدير العام لإسمنت المغرب، ورئيسا لجمعية الفاعلين في قطاع الإسمنت.