استمع رجال الدرك، مؤخرا، لرئيس جماعة قروية بضواحي فاس، وذلك على خلفية دعوى رفعها ضد عامل عمالة مولاي يعقوب بالمجلس الأعلى للقضاء، يتهمه فيها برفض تنفيذ حكم قضائي صدر لصالح الجماعة، مع الاستمرار في «تحدي» القضاء. وقالت المصادر إن العامل قرر، ودون موافقة أعضاء مجلس جماعة سيدي داود التي اكتشف فيها بئر للغاز منذ حوالي شهرين، «حيازة» قطعة أرضية خصصها لبناء منزل لأحد رجال السلطة بالجماعة. ودفع هذا الوضع برئيس الجماعة، محمد بلقاضي إلى رفع دعوى قضائية ضده في المحكمة الإدارية بفاس حكمت بإيقاف الأشغال، لكن العامل استمر في أشغال البناء إلى حد الانتهاء من هذه الدار التي أصبحت الآن جاهزة للإقامة. وكان رئيس المجلس الأعلى للقضاء قد أحال شكاية الجماعة على محكمة الاستئناف بفاس، بغرض فتح تحقيق في الملف، لكن الوكيل العام للملك بها فضل إرسال نسخة منها إلى الوالي غرابي بغرض التدخل لمعالجة الموضوع، قبل أن يتعرض ل«توبيخ» من وزارة العدل ويقرر فتح الملف، مطالبا رجال الدرك بالاستماع إلى رئيس الجماعة وتدوين أقواله في محضر رسمي. وتشير المصادر إلى أن «الصراع» بين العامل ورئيس هذه الجماعة القروية، والذي اندلع منذ سنة 2005، وصل إلى جميع المؤسسات المركزية بالرباط، دون أن تتمكن أي مؤسسة من المؤسسات المعنية بهذه الملفات من وضع حد لانعكاساته. وتحكي المصادر أن الرجلين كانا في بداية الأمر «كالسمن على العسل»، لكن نقابة «التآزر»، الخاصة برؤساء الجماعات المحلية فرقت بينهما، قبل أن تكبر الهوة بينهما. وتحولت بعض الجرائد الجهوية إلى فضاء «خصب» لتبادل الاتهامات. وتمكن رئيس هذه الجماعة بسبب «قربه» من هذه المنابر المحلية من توجيه انتقادات شديدة اللهجة إلى غريمه في العمالة. وفضل العامل من جهته أن يوفد لجنة من المفتشية العامة بالرباط للتدقيق في طرق تدبير شؤون هذه الجماعة. وكاد العامل، طبقا للمصادر، أن «ينتصر» على رئيس الجماعة بدعم من الفاسي الفهري، مدير المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية، لولا تدخل أخير قيل إن وزير الداخلية هو الذي قام به لإبعاد قرار عزل هذا الرئيس من مكتبه، بعدما اطلع على بعض من ملابسات الملف. وتذكر المصادر أن رئيس هذه الجماعة «أحاط علما» وزير الداخلية ب«صراع» قديم يربطه بالفاسي الفهري عندما كان عاملا على فاس بسبب مسابح سيدي حرازم، وحكمت المحاكم لصالحه في حين خلف القرار غضب الفاسي الفهري. ويتهم تقرير هذه المفتشية رئيس الجماعة بغيابه المستمر والدائم عن الجماعة، ويقول إنه يتخذ القرار بانفرادية، ومعارضة إنجاز بعض المشاريع المدرجة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وعدم استغلال الأملاك الجماعية بطريقة عقلانية، قبل أن يخلص إلى أن التسيير في هذه الجماعة يتميز في مجمله باللامبالاة. وللرد على هذه الاتهامات استعان رئيس هذه الجماعة بعدة «طاقات» محلية لإعداد كتاب في حوالي 320 صفحة، يشير إلى أنه ساهم في توضيح قضيته لوزير الداخلية. وكان محمد أنيس، عامل مولاي يعقوب، يرغب في أن تدبر شؤون نقابة «التآزر» تحت وصايته، وهو «التوجه» الذي رفضه رئيسها بلقاضي، بسبب كونه هو المسؤول قانونيا عن جميع شؤون النقابة. وأدى هذا الصراع إلى «تأجيل» كل المشاريع التنموية بهذه الجماعة الفقيرة. وبقيت الاتهامات مفتوحة بين الطرفين. رئيس الجماعة يتهم العامل بفرض الحصار على ساكنة الجماعة وحرمانها من منح ومشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، والعامل يتهم الرئيس المنتخب بسوء التسيير.