أمام باب قسم العناية المركزة بالمستشفى الجهوي ببني ملال، يتسمر ثلاثة رجال وسيدتان، لن يخطئ الزائر في تمييز مظهرهم المختلف عن زوار قسم العناية المركزة. أحماد الزاهير وباسو الجمالي أتيا من ماسكو بآيت عبدي حاملين عائشة الزاهير، وهي سيدة نفساء في أواسط العشرينات من عمرها، وضعت حملها قبل أسبوعين في وسط عاصفة الثلوج التي غطت معالم الحياة بالكامل بآيت عبدي. يحكي باسو الجمالي والد زوجها: »كنا نحو 100 متطوع وظللنا نحفر ليومين متتاليين وسط الثلوج لإحداث مسلك بها لنتمكن من حمل المريضة وإنقاذ حياتها«. باسو الجمالي، الذي ينتعل حذاء بلاستيكيا من نوع »الباهية« ويرتدي جلبابا رثا، وهو لا يكاد ينطق كلمة سليمة بالعربية وكل كلامه بالأمازيغية، لأول مرة يصل إلى بني ملال، ويؤكد أنه لم يشهد مثل هذه الكمية من الثلوج التي تساقطت على المنطقة منذ أزيد من 50 سنة.عند وصول المتطوعين الذين نزلوا بعائشة محمولة فوق عمودين مربوطين بحبل من ماسكو إلى »تاكورت«، وجدوا في انتظارهم سيارة أجرة كبيرة استقدمها أحد أقاربهم، كان عليهم أداء مبلغ 750 درهما لصاحب سيارة الأجرة مقابل مسافة 60 كلم في اتجاه واويزغت، حيث إن سيارة الإسعاف الوحيدة الموجودة بزاوية أحنصال معطلة منذ مدة طويلة. بعد وصول عائشة ومرافقيها إلى أزيلال، طلب منهم نقلها على وجه السرعة إلى بني ملال إلى قسم العناية المركزة. ترقد عائشة حاليا في غرفة العناية المركزة تحت رقم 8، وهي تعاني آلاما عديدة. الطبيب الذي حضر في غير دوامه أكد أن حالتها خطيرة وتعاني مضاعفات كثيرة. عائشة أم لثلاث بنات آخرهن «تودة» ذات ال15 يوما؟ لا تعلم صغيرتاها »فاطمة« أربع سنوات و«فاتحة» سنتان، هل ستعود إليهما أمهما سالمة أم لا، حيث تعاني عائشة من تعفن كبير في الرحم نتيجة ظروف إنجابها وتطوع نساء «ماسكو» بتقديم أدوية شعبية يعتقدن عن جهل أنها دواء لحالتها، في حين أنهن ساهمن، دون قصد، في مضاعفة آلامها. «عائشة في غيبوبة نتيجة نقص حاد في التغذية وفي المواد العضوية، وهي مهددة بخطر الإصابة بالقصور الكلوي. حالتها خطيرة جدا، وسنحاول أن نسعفها خلال الأيام الثلاثة المقبلة»، يؤكد الطبيب. يبيت احماد ومحماد الزاهير، شقيقا عائشة، وباسو الجمالي، والد زوجها، ومرافقوهم الحسين بوسليخن وعائشة الصابري مرابطين أمام غرفة قسم العناية المركزة بالمستشفى الجهوي ببني ملال، حيث لا يجدون قريبا يؤويهم، كل ما يعرفونه أن «عائشة مريضة والطبيب يقول لنا مزيان حالتها تتحسن».