عبد النباوي : التحول الرقمي يستدعي تغييرات شاملة لتجويد الأداء القضائي    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    ضرورة إعادة بناء الثقة بين الفاعل السياسي والمدني، وتعزيز التعاون والتكامل بين الطرفين    العثور على اطراف بشرية داخل مرحاض مسجد بمدينة بن أحمد    عبد النباوي: التحول الرقمي يستدعي تغييرات شاملة لتجويد الأداء القضائي    ولي العهد يترأس بمكناس افتتاح الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    وفاة البابا فرنسيس عن 88 عاما    الملك ينعى البابا ويستحضر زيارته للمغرب    ميليشيات البوليساريو تمنع عبور شاحنات "المينورسو" شرق الجدار الأمني    رحيل الفنان محسن جمال صاحب «أحلى الأغاني» و«الزين فالثلاثين»    في الحاجة إلى قراءة متجددة للخطيبي أفاية : في أي حقل إبداعي أو فكري، ثمة بصمة للخطيبي، صانع القلق    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    الدورة ال17 من المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب تسلط الضوء على الإشكالية الشائكة المرتبطة بالماء    بركة: لن نشهد مشاكل للماء في الصيف والحكومة سرعت مشاريع إنجاز السدود ومحطات التحلية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    تحقيقات فساد وصراع سياسي يهددان ملف إسبانيا لتنظيم مونديال 2030    مهنيو النقل الطرقي يستنكرون "احتكار" المحروقات ويطالبون مجلس المنافسة بالتحرك    "ترانسبرانسي" تدعو للتحقيق في الاختراق السيبيراني وفي دعم الماشية وترفض الهدم التعسفي للمنازل    تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين شعبيتين بالدار البيضاء وطنجة رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"    الفاتيكان يكشف عن وفاة قداسة البابا فرنسيس    الرباط تحتضن منافسات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم داخل القاعة للسيدات    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    مدرب نهضة بركان: أدرنا المباراة بالطريقة التي نُريد وسندافع عن حظوظنا كاملة في الإياب    نهضة بركان وجمهورها يُلقّنان إعلام النظام الجزائري درساً في الرياضة والأخلاق    رئيس الجمعية المغربية لحماية الحيوانات ل "رسالة24" : الكلاب في الشارع ضحايا الإهمال… لا مصدر خطر    نهضة بركان تصدم الإعلام الجزائري    تحسينات جديدة في صبيب الإنترنت تفتح النقاش.. لماذا تبقى الأسعار مرتفعة في المغرب؟    نزيف التعليم    فاس... مدينةٌ تنامُ على إيقاع السّكينة    المعارض الدوليّة للكتاب تطرح اشكالية النشر والقراءة..    شريط "سينرز" يتصدر عائدات السينما في أمريكا الشمالية    الوزير برادة: نتائج مؤسسات الريادة ضمانة استمرار الإصلاح التربوي بعد 2026    بعد ‬تحذير ‬البنوك ‬من ‬محاولات ‬التصيد ‬الاحتيالي..‬    الغضب يتصاعد .. موظفون يشعلون نيران الاحتجاج أمام البرلمان    أنشيلوتي يبعث برسالة للجماهير : ما زلنا نؤمن بالحلم    الذهب يلامس أعلى مستوى له في ظل تراجع الدولار    كيوسك الإثنين | الداخلية تطلق ورشا ضخما لرقمنة "الحالة المدنية"    وفاة الفنان المغربي محسن جمال بعد صراع مع المرض    وفاة محسن جمال واحد من رواد الأغنية المغربية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    الريسوني.. عندما تتحول معاداة الصهيونية إلى معاداة مغلفة للسامية...!    تنفيذا لوصيته.. البابا فرنسيس يختار مكان دفنه بعيدا عن تقاليد الفاتيكان    وفاة حارس المرمى الأرجنتيني "المجنون" هوغو غاتي عن عمر ناهز 80 عاما    تراجع أسعار النفط بأكثر من واحد بالمئة في التعاملات الآسيوية المبكرة    الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس غداة ظهوره في عيد الفصح    الأساتذة المبرزون يضربون للمطالبة بالنظام الأساسي    نهضة بركان يضع قدما في النهائي بتغلبه على النادي القسنطيني الجزائري    شاب يُنهي حياته شنقاً داخل منزل أسرته بطنجة    نحو سدس الأراضي الزراعية في العالم ملوثة بمعادن سامة (دراسة)    دراسة: تقنيات الاسترخاء تسمح بخفض ضغط الدم المرتفع    الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس    الكشف عن نوع جديد من داء السكري!    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    ‪ بكتيريا وراء إغلاق محلات فروع "بلبن" الشهيرة بمصر‬    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرواية الأخرى لمعتقلي «الخميس الأسود»
اعترافات مثيرة لمعتقلين قالوا إنهم أجبروا على توقيع محاضر يجهلون مضمونها
نشر في المساء يوم 19 - 06 - 2013

تحولت الرّغبة في متابعة مباراة كرة قدم إلى سعي حثيث من أجل إثبات البراءة بعد التهم التي طالت معتقلي «الخميس الأسود» على هامش مباراة «الكلاسيكو» بين الرجاء البيضاوي والجيش الملكي. «المساء» التقت عددا من
المعتقلين على خلفية أعمال العنف والشغب، ونقلت رواياتهم بخصوص حيثيات الاعتقال، بداية من مغادرتهم منازلهم في اتجاه الدار البيضاء وحتى حصولهم إلى السّراح المؤقت في انتظار إصدار الأحكام.


بلحسن: أجبروني على توقيع وثيقة لا أعرف محتواها

لم تقتصر اعتقالات «الخميس الأسود» خلال مباراة «الكلاسيكو» بين الرجاء الرياضي والجيش الملكي على المشجعين فقط، إذ كان هناك رياضيون من بين من تمّت متابعتهم بتهم «ثقيلة» تهُمّ أساسا الضلوع في أعمال العنف والشغب التي ترتبت عنها عمليتا السّرقة والتخريب.
شاءت الأقدار أن يتواجد هشام بلحسن، 21 سنة، لاعب فريق اتحاد تمارة، أحد أندية الدرجة الثانية، في الدار البيضاء يوم وقوع الأعمال التخريبية، غير أنه لم يكن يتوقع، البتة، أن يكون مصيره المكوث وراء قضبان سجن «عكاشة»، بعدما ظل همّه الوحيد هو زيارة الشباك وتوقيع الأهداف.. يحكي هشام، الذي التقته «المساء»، عن ظروف اعتقاله، ويؤكد أنه توجه إلى الدار البيضاء، في ذلك اليوم المشؤوم، من أجل اقتناء حذاء رياضيّ بعدما أخبر مسؤولي الفريق بذلك، وتابع قائلا: «بعد اقتنائي الحذاء الرياضي من «القريعة»، تحضيرا لمباراة نهاية الأسبوع، توجّهت نحو «باب مراكش» من أجل تناول وجبة الغذاء».. ويواصل بتأثر بالغ، بعدما التقط أنفاسه وأعاد ترتيب سيناريو ما حدث «ساعة بعد الأحداث التخريبية، وفي حدود الخامسة، توجه نحوي رجل أمن وأمسكني من الخلف، وطلب مني التعرف على هويتي، ولمّا ناولته البطاقة الوطنية ولمح فيها مدينة سلا طالبني بمرافقته بهدف الابتعاد عن المنطقة التي شهدت أعمال التخريب، وهو الأمر الذي امتثلتُ له، وحين وصولي إلى مقر الولاية وجدتُ شبانا آخرين قد تم اعتقالهم.. وكان الخطاب الموجّه لنا وقتها هو أنه سيتم الإفراج عنا بعد نهاية الجولة الأولى، في الوهلة الأولى، قبل أن يُمدَّد الوقت إلى ما بعد نهاية المباراة، في الوهلة الثانية»، وهي الوعود التي كانت مجرّد در للرّماد على العيون وسحابة صيف عابرة سرعان ما انقشعت»، يؤكد هشام بحسرة كبيرة. يتابع اللاعب سرد ما وقع بعدها، قائلا: «قضينا يومين في مقر الولاية بعد الانتهاء من التحقيق، وهنا كانت صدمتي الكبرى، إذ لم يتم أخذ أقوالنا ولا طرح أسئلة علينا، وكل ما جرى هو جلب مَحاضرَ مُنجَزة سابقا ومطالبتنا بتوقيعها».. يتوقف قليلا قبل أن يتابع كلامه بتأثر بالغ: «دارو داكشّي اللي بْغاوْ.. ما سولوناش وجابو المحضر مْكتوبة باليد.. وقالوا للمسؤول هذا المحضر ستعمّمه على الجميع!»..
قال هشام إنّ الأمور لم تقف عند هذا الحد، بعدما كان الضرب المبرّح مصيرَ كل من رفضوا التوقيع على المحضر، وزاد قائلا: «وُضعت فوق المحضر ورقة حتى يستحيل قراءة ما يحتويه، وكل ما طلب منا هو التوقيع على تصريحات لم نقلها، بل على وثيقة لا نعرف أصلا مضمونها.. لقد ضربوا معتقلين قبلي وأجبروهم على توقيعها بالقوة، وهو ما دفعني إلى الاستسلام وتوقيع محضر لا أعلم -إلى حدود اللحظة- ما يحويه، طالما أن المقاومة لن تفيدني في شيء».
بعد يومين من الحراسة النظرية تم اقتياد هشام إلى سجن «عكاشة»، حيث قال إنّ ذلك كان آخرَ ما كان يتوقعه في حياته، واستطرد قائلا: «أسوأ معاملة تعرّضنا لها منذ تم اعتقالنا كانت من طرف رجال الشرطة، عدا ذلك، تم التعامل معنا بشكل جيد، لقد كانوا يخيفوننا بالمسجونين داخل سجن عكاشة، ويقولون لنا إن السجناء سينتقمون منا على خليفة الأعمال التخريبية التي قمنا بها.. ولدى ولوجنا أسوار المركب السجني خاطبنا أحد الموظفين قائلا: «لا تخافوا من شيء، أنتم مغاربة وباقي المسجونين مغاربة».. وهي الحقيقة التي وقفنا عليها على امتداد الأيام التي قضيناها وراء القضبان، نسجنا صداقات مع مُشجّعين لفريق الرجاء وتابعنا معهم مباريات فريقهم وتابعوا معنا مباريات الجيش.. لم يكن هناك إطلاقا خلاف بيننا».. «صراحة، لقد فاجؤونا بمعاملتهم الحسنة، ساعدونا على الاندماج في المحيط الجديد وقدّموا مساعدات كبيرة لمعتقلي «الخميس الأسود»، لقد كنت في الجناح رقم 8 وفي أول يوم سنخرج للساحة «وْصّاو عْلينا». أنهى هشام كلامه بالتشبث ببراءته، دون أن تفوته الفرصة لشكر الملك على بادرته التي متعته بالسراح المؤقت، مشدّدا على أنه يثق في القضاء المغربي، وختم قائلا: «لو كان القطار توقف في محطة «الوازيس» لمَا التقيتُ بالجماهير، لكنْ شاءت الأقدار ذلك»..
أسامة: استأصلوا خصيتي دون موافقة عائلتي

يحكي أسامة السدراوي عن اليوم الذي غيّر مجرى حياته بعدما قصد مدينة الدار البيضاء لمتابعة فريقه الرجاء الرياضي، قبل أن يعود منها بخصية واحدة، بعدما تم استئصال الثانية.. «انتقلت من منطقة القرية في سلا صوب الدار البيضاء من أجل متابعة فريقي، وبمجرّد نزولي من القطار توجّه إليّ أحد رجال الشرطة وسألني عن مكان سكناي، ولمّا أخبرته أنني أقطن في مدينة سلا طلب مني مرافقته ليوصلني بداعي اندلاع أعمال شغب، وهو ما امتثلت له بصعودي إلى سيارة الشرطة»..
واصل أسامة سرد تفاصيل ما وقع له بصعوبة بالغة، وزاد قائلا: تفاجأتُ بنقلي إلى مقرّ ولاية الأمن وإجباري على توقيع محضر دون سبب يُذكر.. وحينما رفضتُ، في بادئ الأمر، كان الاعتداء بالضّرب جزائي، لقد ركلني أحد رجال الأمن وأصابني في جهازي التناسلي في اليوم الثاني.. طلبت منهم أن أعرف مضمون المَحضر الذي سأوقع عليه فأجابني أحدهم «كونْ كنتِ قاري كاعْ ما تجي لّهنا!»..
في اليوم الثالث، يؤكد أسامة، تم تقديمه أمام وكيل الملك، الذي سأله عن موقفه من التهم الموجهة له، فأنكرها، وتابع قائلا: «لقد اتهموني بالتدخين وتعاطي «القرقوبي».. وهو ما لا يمتّ إلى الحقيقة بصِلة، بل على العكس من ذلك أنا أمارس كرة القدم.. بعد عودتي إلى السجن وبمرور الأيام ازداد الألم والوجع، طلبت منهم أن أجريّ فحصا لأنّ حالتي الصحية تسوء يوما بعد يوم، وكان كل ما يقومون به هو حقني من أجل التخفيف من حدّة الألم، وفي اليوم الموالي أخبرتهم الطبيبة أنه يجب أن تُخضعني للفحص فغبتُ لالتزامي بحضور جلسة المحاكمة إلى أن تفاقمت الإصابة، ما استدعى خضوعي لعملية جراحية مستعجلة ترتّب عنها استئصال خصيتي دون إخبار عائلتي، رغم كوني قاصرا ومعتقلا»..
«لولا الألطاف الإلهية لكنتُ قد فقدتُ خصيتي الثانية، إذ قال لهم الطبيب: لو أنكم تأخرتم لمدة 6 ساعات لتأثرتِ الخصية الثانية!.. خضعتُ لعملية جراحية امتدّت من الثامنة ليلا حتى العاشرة.. وفي اليوم الموالي، وتحديدا في العاشرة صباحا، تم إرجاعي وأنا مصفّد اليدين إلى الإصلاحية»، قبل أن يختم قائلا: «ضِيّعوني فْحياتي.. ما بْقيتش باغي نْقرا.. ما بقيتشْ حاملْ راسي.. لقد ذهبتُ من أجل متابعة مباراة في كرة القدم فتمّ إيداعي السجن واستأصلوا خصيتي وغيّروا مجرى حياتي»..
حموش: ذنبي هو أنني لم أكن أحمل البطاقة الوطنية

«بعدما كان اسمنا يتكون من حروف صار يتكون من أرقام».. كانت هذه هي العبَارة التي استهلّ بها حمزة حموش، المتابَع في حالة سراح مؤقت بعدما أمضى سبعة أسابيع في الجناح 8 داخل سجن «عكاشة»، حديثه مع «المساء»، قبل أن يواصل سرد تفاصيل ما حدث في ذلك اليوم: «أعتقلتُ داخل سجن عكاشة بسبب مخالفات لم أقترفها.. ذهبت لمتابعة المباراة بشكل سلميّ، عكس ما تم اتهامي به، لقد استوقفني رجال الأمن وطلبوا مني بطاقة التعريف الوطنية ليتم اقتيادي إلى مقرّ ولاية الأمن للتحقق من هويتي، بحكم أنني لم أكن أتوفر على البطاقة الوطنية».
كانت المحطة الثانية هي مقر الولاية، حيث أكد حمزة أنه تم تقديم وعود -وصفها ب»الكاذبة»- من قبيل إطلاق سراحه بعد نهاية المباراة، وزاد قائلا: «لا نعلم شيئا عن مضمون المَحاضر، الشيء الوحيد الذي أعرفه عنها شخصيا هو تضمّنها اسمي الشخصي والعائلي، إلى جانب توقيعي.. لقد رفض مجموعة منا، في البداية، توقيع المَحاضر وتم تكبيل أيدينا وأقدامنا والشروع في ضربنا بشكل مبرّح وسبّ آبائنا.. واخّا يْكون بْنادم مناشْ مْصنوعْ غادي يْسيني بْلا خاطرُو..
بعد ذلك، تم تقديمنا إلى القضاء والاستماع إلى أقوالنا، ثم إيداعنا السجن، يقول حمزة قبل أن يتابع: «على الأقلّ هناك لم نكن نتعرّض للاعتداءات التي ذقنا مرارتها داخل مقرّ ولاية الأمن.. كنا نعيش في أجواء معينة رفقة عائلاتنا لتنقلب الأمور ونصبح -بين عشية وضحاها- مسجونين إلى جانب مُجرمين.. كان يتملّكني إحساس يصعب وصفه حينما أرى الأمهات يتحمّلن المصاعب ويجلبن «القفة» لأبنائهنّ، وكانت حسرتي تزداد كلما تذكرتُ أنني هنا بسبب أشياء لم أقترفها»..
«وجدتُ نفسي إلى جانب سجناء متعودين على الحياة وراء القضبان، عكسي أنا الذي أجهل كل شيء عن الحياة داخل المركب السّجني.. لقد تأثرت كثيرا وتألّمت بشكل كبير، أيّ كلمة كنت أريد التفوه بها كان يسبقها تفكير مسبَق، وأي حركة يسبقها تحليل وقراءة معمقّان.. لقد اكتشفتُ واقعا آخَرَ زاد تأجيل الجلسات من مدة التأقلم معه، حتى منحَ الملك، نصره الله، السراح المؤقت لمعتقلي «الخميس الأسود»، في انتظار إعلان براءتنا».


سعد: أمن المدينة عاملنا بطريقة مهينة


«كان الضّرب نصيبي، بعدما تشبّثت ببراءتي ودافعتُ بقوة عن موقفي، وشدّدت على كون ما يحدُث ظلما».. جملة قالها سعد أحكام، المغربي من أم عراقية، على خلفية اعتقاله ضمن المُشتبَه في ضلوعهم في أعمال العنف والتخريب التي عرفتها مدينة الدار البيضاء في يوم «الخميس الأسود».
يقول سعد: «توجّهتُ، رفقة أربعة من أصدقاء من مدينة سلا إلى الدار البيضاء من أجل متابعة فريقي العسكري في مباراته أمام الرجاء الرياضي.. لقد كان رحلة سلمية لمساندة فريقنا بعدما اقتنينا تذاكر القطار، غيرَ أننا تفاجأنا بتوقف القطار في محطة الدار البيضاء -المسافرين.. ولدى ترجّلنا عاينّا أعمال شغب لم يشارك فيها الجميع، وهو ما دفعنا إلى «الانعزال» عن المجموعة والتوجّه نحو «باب مراكش» من أجل تناول وجبة الغذاء والابتعاد عما يحدُث، قبل أن يتوجه نحونا رجال الأمن، تباعا، مطالبين إيانا ببطاقات التعريف الوطنية، وبعد معاينة تضمّنها مدينة سلا كمدينة إقامة طلبوا منا مرافقتهم، ومن تم بدأت فصول أسوأ معاملة تعرّضت لها دون أن أرتكب أيّ ذنب.. كونْ كنا دايرينْ شي حاجة كونْ هرْبنا ماشي مْشينا جهة البوليسْ!»..
يسكت سعد قليلا، ثم يواصل قائلا: «أيّ شرطي تقدم صوبنا إلا ويشرع في استجوابنا، ويعمد بعدها إلى ضربنا.. لقد تلقينا معاملة سيئة ومُهينة من طرف أمن مدينة الدار البيضاء، لقد أخبرونا أنهم سيطلقون سراحنا بعد نهاية المباراة، وبعدها تم «تمديد» المدة لتصل إلى 48 ساعة، وهو ما كان حافزا لنا للصبر أكثر من أجل المغادرة، لكنْ هيهات.. لا شيء من ذلك وقع، بعدما كان السجن في انتظارنا».
في اليوم الموالي، يقول سعد، «تم اقتيادنا من أجل توقيع المَحاضر، التي تم إجبارنا على توقيعها عن طريق الضرب، بل أكثر من ذلك تم سلك طرق ملتوية من أجل إجبارنا على ذلك، لقد طلبوا منا أرقام هواتف أولياء أمورنا وقاموا بربط الاتصال بهم من أجل إخبارهم أنه سيتم الإفراج عنا في اليوم الموالي، لنكتشف بعد ذلك أنها كانت مجرّد وسيلة لدفعنا إلى توقيع المَحاضر اعتقادا منا أننا سنعانق شمس الحرية بعد ساعات قليلة.. وحالوا بذلك دون توكيل مجموعة من العائلات لمحامين للدّفاع عن أبنائهم»..
يتابع سعد سرد تفاصيل ما وقع قائلا: «تفاديا للضرب وقّعت المحضر، الذي لم يُسمح لي بمعرفة مضمونه لأنه كان «مغطى»، وكل ما طلب مني هو توقيع 7 أوراق، أتذكر جيدا أنّ أحد المعتقلين رفض التوقيع على المحضر وتعرَّضَ لضرب مبرّح، وهو ما دفعني إلى توقيع المحضر دون تردّد»..
كرّر سعد ما قاله صديقه هشام، وشدّد على أن المعاملة داخل الجناح رقم 1، الذي كان معتقلا داخله، كانت أفضلَ بكثير من اللحظات العصيبة التي قال إنه عاشها داخل ولاية أمن الدار البيضاء.. «أشكر صاحب الجلالة على التفاتته، وأتمنى أن يُنصفنا القضاء لأننا دفعنا ثمنَ ذنب لم نقترفه، وهذا ما زاد من محننا».



أنس: فوجئنا بمحاضر مكتوبة مسبقا


تشبه قصة التلميذ أنس، 18 سنة، الطالب في السنة الثانية -شعبة الميكانيك في التكوين المهني، إلى حدّ كبير، قصصَ أصدقائه المعتقلين على خلفية الأحداث، بحكم أنّ انطلاقته كانت من مدينة سلا، التي غادرها في ذلك «الخميس الأسود» دون أن يضع في حسبانه أنه سيقضي الليلة في مقر ولاية الأمن، ومنها إلى الإصلاحية، بتُهم تتعلق بالتخريب والعنف والشّغب..
استقلّ آنس، رفقة رفاقه، القطار المتوجّه إلى الدار البيضاء من أجل تشجيع فريقه العسكريّ، بعدما اقتنى تذكرة السّفر ذهابا وإيابا، وما إنْ وطأت أقدامه العاصمة الاقتصادية حتى تم إشعال الشهب الاصطناعية وفتيل «البلبلة» على حد تعبيره، قبل أن يتابع متحدّثنا قائلا: «قطعنا قرابة 100 متر مُترجّلين في إطار ما يعرف ب»الكورتيجْ»، ووقفنا على أمور لم يسبق لنا معاينتها، وهو ما كان دافعا إلى الابتعاد عن المجموعة من أجل تفادي وقوع أمور لا تحمد عقباها، وكانت المدينة القديمة وجهتنا من أجل تناول وجبة الغذاء».. وتابع قائلا: «أخذنا قسطا من الراحة وانطلقنا في اتجاه الملعب بعد قرابة ساعتين، وفي طريقنا استوقفتنا دراجتان ناريتان تابعيتان لرجال الشرطة.. أمرنا الشرطيان بالإدلاء ببطاقة التعريف لكشف هويتانا، ولمّا تبيّنَ لهما أننا من مدينة سلا طلبا منا صعود سيارة الشرطة قصد التوجه إلى ولاية الأمن من أجل التحقق من الهوية».
وصل أنس ورفاقه إلى الولاية بعدما حلوا بالدار البيضاء من أجل ولوج ملعب محمد الخامس، لينطلق فصل جديد يقول المتابَع في حالة سراح مؤقت إنه كان استثنائيا بجميع المقاييس.. «في اليوم الثاني من الاعتقال، صعدنا إلى مقرّ الولاية من أجل توقيع المَحاضر، غير أننا فوجئنا بوجود مَحاضر مكتوبة مسبقا، وكانت نتيجة خطأ بسيط في اسمي -لم أتحمّل مسؤوليته- هو تعرّضي لضرب مبرّح لم أتعرض لمثله طيلة حياتي، بل حتى أبي لم يسبق له أن ضربني بتلك الطريقة.. رفضتُ توقيع المحضر وتعرّضت للضرب، لقد نصَبوا علينا بعدما أخبرونا أنهم سيطلقون سراحنا بعد التوقيع على المَحاضر بمدة قصيرة».
لم تنتهِ فصول الضّرب داخل مقر الولاية، يضيف آنس، «وجدنا شوطا ثانيا من الاعتداء من طرف رجال الأمن ينتظرنا لدى ولوجنا مقر الإصلاحية»، قبل أن يضيف: «تعدّاوْ عْلينا، صراحة الله، ما خْدمة ما والو».. ثم استطرد قائلا: «لقد استوقف أحد المسؤولين رجل الأمن الذي كان برفقتنا وسأله عن عددنا فقال له 12 معتقلا، فلامه وطلب منه أن «يكمل» 20 معتقلا.. وهو ما يوضّح الطريقة التي تمّت بها الاعتقالات»..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.