خرج العشرات من المُستخدَمين المعتصمين في المقر الجهوي لنقابة الاتحاد المغربي للشغل في فاس، صباح أمس الخميس، في أكبر حركة احتجاجية، للمطالبة ب»رحيل» الشركة التي تتولى التدبير المفوض لقطاع حافلات النقل الحضري في المدينة. ورفع المتظاهرون، وسط تعزيزات أمنية كبيرة، شعارات مناوئة لعمدة فاس، حميد شباط، ووصفوه ب»الديكتاتور» وطالبوه ب»الرّحيل» وب»رفع اليد عن القطاع». وكان شباط قد اتهم، في تجمع جماهيريّ في فاس مؤخرا، ما أسماه «الجناح المتطرّف» في حزب العدالة والتنمية بالوقوف وراء «مؤامرة» تحاك ضدّ قطاع النقل الحضري في المدينة، معتبرا أن هذه «المؤامرة» موجّهة ضد حزب الاستقلال. وعمد محامي المستخدمين، أحمد حرمة، إلى الاستعانة بمفوض قضائيّ لإثبات حالة رفض السلطات المحلية تسليم وصل قانونيّ للمكتب النقابي الذي أسسه المستخدمون المعتصمون. وقال محضر المعاينة إنّ أحد الموظفين في باشوية فاس رفض تسلم ملف النقابة بمبرّر عدم إشعار السلطات قبل محضر الجمع العامّ بثلاثة أيام. وقال المحامي حرمة، في اتصال ل»المساء» به، إن الموقف الرافض لتسلم ملف تأسيس نقابة عمالية هو موقف غير مشروع وغير شرعيّ، ومعرقِل للمسار الديمقراطيّ للبلاد. وأضاف أن هذا الموقف يتعارض بشكل مخيف مع دستور المملكة ويخرق القانون، وخاصة المادة ال398 من مدونة الشغل، التي تنص على حرية تأسيس النقابات المهنية، وكذا المادة ال414 وما بعدها من القانون نفسِه، التي تنصّ على كيفية التصريح بتأسيس النقابات. كما يتعارض الامتناع عن التسلم مع التزامات المغرب الدولية المترتبة عن مصادقته على اتفاقيات منظمة العمل الدولية، وخاصة الاتفاقية رقم 98 المتعلقة بحق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، ومصادقته على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وعلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأشار حرمة إلى أنّ الحكومة المغربية يجب أن تتحمّل مسؤولياتها الدستورية في صيانة حرية العمل النقابي، والتصدّي ل»كل عمل تحكمي ماسّ بتلك الحريات». وكان الأمين العام لنقابة الاتحاد المغربي للشغل قد وجّه رسالة استنكار إلى وزير الداخلية يتهم فيها السلطات المحلية في فاس ب»التحيّز» ضد نقابته في الجهة. ويعتبر قطاع حافلات النقل الحضري من «قلاع» الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، لكنّ «الهزّة» الاحتجاجية الأخيرة التي عرفتها الشركة جعلت نقابة الاستقلاليين تفقد ما تبقى من بريقها في القطاع. وأعلن عدد من المُستخدَمين قرارهم تأسيسَ مكتب نقابيّ تابع للاتحاد المغربي للشغل، لكنّ السلطات لم تمنحه الترخيص القانوني. وأحدثت الاحتجاجات التي عرفتها الشركة اختلالات كبيرة في حركة النقل في المدينة. واستعانت السلطات بحافلات النقل الطرقي، قبل أن تخلايّ القوات العمومية مستودع الشّركة من المعتصمين، بقرار قضائي استعجاليّ. وقرر المحتجّون «نقل» اعتصامهم المفتوح إلى مقر الاتحاد الجهوي للشغل بالمغرب، للمطالبة ب»تحسين الأوضاع الاجتماعية، وإلغاء «البلطجة» في القطاع، وتسوية أوضاعهم في الصناديق الاجتماعية، وإرجاع العشرات من المطرودين بتهم واهية إلى أماكن العمل».