لم ينفع قرار قضائي استعجالي استصدرته شركة «سيتي باس»، التي تتولى تدبير حافلات النقل الحضري بفاس، والقاضي بإخراج العشرات من المستخدمين المعتصمين من مستودع حافلاتها بمنطقة سيدي ابراهيم الصناعية، في وقت مبكر من صباح السبت الماضي، بالاستعانة بالقوات العمومية، في إنهاء أزمة النقل الحضري بالمدينة. فقد نقل المستخدمون اعتصامهم إلى المقر الجهوي للاتحاد المغربي للشغل، ودخلوا في وقفات احتجاجية رفعوا خلالها شعارات مناهضة للعمدة شباط، وتطالب ب«رحيل» الشركة الجديدة التي فازت بصفقة التدبير المفوض. وظلت أزمة النقل تخيم على عدد من أحياء المدينة، مما دفع السلطات إلى الاستعانة بحافلات مهترئة للنقل الطرقي لتجنب اضطرابات في عدد من الأحياء الشعبية. واستعانت الشركة بمحضر اجتماع عقدته مع نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب لإصدار حكم قضائي استعجالي يقضي بإخلاء مستودعها من المعتصمين الذين قرروا الاحتماء بنقابة الاتحاد المغربي للشغل، دون أن يتوصلوا بوصل إيداع من قبل السلطات. ما دفع الأمين العام للنقابة، الميلودي مخاريق، إلى مراسلة وزير الداخلية، في رسالة استنكار، أكد فيها وجود تحيز للسلطات المحلية بالتحديد باشا أكدال لجهة نقابية، في إشارة إلى نقابة الإتحاد العام للشغالين، النقابة التي ظلت تعتبر وكالة النقل الحضري بالمدينة، من أبرز قلاعها. وجاء في الحكم القضائي أن المحضر المشترك يشير إلى أن الشركة استجابت لعدد من المطالب المطروحة، وأكدت عزمها على دراسة ملف حالات مطرودين، والتدخل لحل مشاكل المستخدمين مع صناديق التقاعد والتأمين...لكن المعتصمين، حسب الحكم، رفضوا فك الاعتصام. وقال الحكم إن بقاء الوضع على ما هو عليه لا ينبئ بالخير في الأيام القليلة القادمة، وأمرت بفك الاعتصام المضروب على مقر الشركة. وقال المعتصمون، في بيان لهم، إنهم فوجئوا بالقرار، لكنهم عمدوا إلى إخلاء المعتصم استجابة لتدخلات من المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية وبرلمانيي حزب العدالة والتنمية. ووجه المعتصمون انتقادات لاذعة لباشا المدينة، واتهموه بمخالفة الدستور الذي يمنح للمواطنين حق الحرية في الانتماء النقابي. وطالبوا بالاعتراف بمكتبهم النقابي التابع للإتحاد المغربي للشغل، و«رحيل» الشركة التي تتولى صفقة التدبير المفوض لحافلات النقل الحضري، ومحاكمة متورطين في اختلاسات داخل الوكالة التي تعرضت للإفلاس قبل خوصصتها، ومنهم نقابيون ينتمون إلى الإتحاد العام للشغالين بالمغرب. ودخل عمدة فاس، الأمين العام لحزب الاستقلال، على خط أزمة حافلات النقل الحضري بالمدينة. واتهم في تجمع خطابي، عقده مساء السبت، ما أسماه «الجناح المتطرف» داخل حزب العدالة والتنمية بتأجيج الأزمة. وقال إن الشركة التي أشرف بصفته عمدة للمدينة على إجراءات منحها صفقة التدبير المفوض، تتعرض ل«مؤامرة مدبرة»، وأضاف أن هذه المؤامرة موجهة ضد حزب الاستقلال. وقال كل من رشيد بنسودة، ومحمد كنوني ل«المساء» إن المستخدمين يطالبون بالحق في الانتماء النقابي، ويتمسكون بالاستجابة لمطالب المستخدمين، ومنها حل مشاكل صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي والتأمين، وإرجاع المطرودين، وإلغاء «البلطجة» في المراقبة، واحترام القانون، وتنفيذ بنود مدونة الشغل. وطالبت شبيبة حزب العدالة والتنمية، في بيان لها توصلت «المساء» بنسخة منه، بفتح تحقيق وافتحاص لمجريات إبرام الصفقة المرتبطة بتفويت النقل الحضري. واستنكرت ما أسمته «توظيف العصابات» في لعب دور القوات العمومية والاعتداء على الآمنين وترويعهم، في إشارة منها إلى «المراقبين» الذين تستعين بهم الشركة الجديدة لنشر «الرعب، في أوساط الركاب، وإلحاق الأذى حتى بعدد من السائقين، حسب المحتجين.