تمرّد مستخدمو حافلات النقل الحضري في مدينة فاس، لأول مرة في تاريخ الوكالة، التي يعود تأسيسها إلى عقود، قبل أن تفوَّت في الآونة الأخيرة إلى القطاع الخاص، على نقابة الاتحاد العامّ للشغالين بالمغرب، التي ارتبط اسمها بالهيمنة على قطاع النقل الحضري في المدينة. وأعلن المُستخدَمون مدينة فاس بدون حافلات للنقل الحضري، ما دفع السّلطات المحلية إلى الاستعانة بحافلات النقل الطرُقي لنقل المواطنين في عدد من الأحياء الشعبية في اتجاه وسط المدينة، تفاديا لوقوع اضطرابات. وحقق الإضراب، طبقا للمحتجّين، نسبة 100 في المائة من النجا. وطالب المُستخدَمون، الذين خرجوا عن طوع نقابة الاتحاد العامّ للشغالين بالمغرب، الدراع النقابي لحزب الاستقلال، الشركة التي حصلت على صفقة التدبير المفوض، بإبعاد من يُطلق عليهم «البلطجية» عن مراقبة حافلات النقل الحضري، ووضع حدّ ل»تغريمهم» من قِبَل الشركة أثناء ارتكاب مخالفات في السير، وإرجاع المطرودين الذين عمدت الشركة الجديدة إلى تسريحهم بمبرّرات مختلفة، كما طالبوا بإطْلاعهم على دفتر التحملات، الذي وقعته الشركة الجديدة مع السلطات، لمعرفة حقوقهم وواجباتهم. وأشارت المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها خوفا من تعرضها ل»الطرد» بتهمة «التعامل مع الصّحافة»، إن عدد المطرودين من العمل في الشركة يُقدَّر ب50 مستخدَماً، موردا أنّ أسباب الطرد «واهية». ونفى عبد الإله أونزار، الكاتب المحلي لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وجود أيّ تواطؤ لنقابة شباط مع مسؤولي الشّركة. لكنه أكد، في المقابل، أن الإضراب كان «عفويا»، وقال إنّ ظاهرة تنظيم الاحتجاجات خارج الإطارات النقابية ليست وليدة اليوم. وأشار المتحدّث نفسُه إلى أنّ النقابة التي يمثلها طرحت عددا من القضايا التي رفعها المحتجّون على طاولة الحوار مع إدارة الشركة، مضيفا أن الإدارة أعلنت استعدادها لمراجعة ملفات «التغريم» التي يتعرّض لها السائقون أثناء ارتكابهم مخالفات السير. وعمدت شركة التدبير المفوض لحافلات النقل الحضري في فاس إلى الاستعانة بشركة أخرى خاصة مكلفة بالمُراقِبين.. وقال الكاتب المحلي لنقابة الإتحاد العامّ للشغالين بالمغرب إنّ هذه النقابة ترفع تظلمات المُستخدَمين ضدّ المراقبين إلى الإدارة، فيما يشير المحتجّون إلى أنّ المستخدمين يشْكُون -بدورهم- من تعسفات مراقبين عادة ما تنشب بينهم وبين المواطنين خلافات ينتهي بعضها في مخافر الشرطة. ويعتبر قطاع النقل الحضري في مدينة فاس من أكبر «قلاع» نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب. وباءت جلّ محاولات تكريس التعدد النقابي بالفشل، وسط اتهامات لنقابة شباط بالهيمنة على القطاع ومحاربة النقابات الأخرى. وعاشت الوكالة الحضرية للنقل مشاكل مالية في ولايات إدارية سابقة. واتهَم مستخدَمون، في تقارير سابقة، بعض الأطر النقابية بالتواطؤ مع مسؤولين إداريين في اختلالات تدبير شؤون الوكالة. ولم تنفع محاولات المدير السابق في إنقاذها من «السكتة القلبية». واتخذ المجلس الجماعي، بأغلبية استقلالية، ووسط معارضة حزبَي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة، قرار تفويت الوكالة للقطاع الخاص. وأثارت صفقة التفويت هذه «جدلا» في المدينة، وقرر فرع الهيأة الوطنية لحماية المال العامّ الدخول على خط القضية، وطالب بفتح تحقيق في قانونية الصّفقة. ولم ينفع قرار التفويت في منع احتجاجات المواطنين من سوء الخدمات وسوء التعامل، واحتجّ طلبة المركب الجامعي «ظهر المهراز» أكثرَ من مرة على خدمات حافلات النقل الحضري «المهترئة»، فيما تصف إدارة الشركة التقاريرَ الإعلامية التي تواكب هذه الملفات ب«المُبالَغ فيها».