يستعد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن لمغادرة البيت الأبيض يوم الثلاثاء القادم، موعد تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما السلطة في البلاد. ورغم أن بوش سينصرف غير مأسوف على سنوات حكمه الثماني، فإن الكثير من الكوميديين أعلنوا أنهم سيفتقدون كثيرا هفواته اللغوية المضحكة وبعض مواقفه التي أثارت ضحك الملايين من المشاهدين. أصر الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن على توديع الأمريكيين من على شاشة أكبر شبكات الأخبار الأمريكية عبر كلمة متلفزة ألقاها مساء أمس الخميس، وحاول خلالها الدفاع للمرة الأخيرة عن القرارات التي اتخذها خلال سنوات حكمه الثماني. ورغم أن حدث مغادرة بوش لمكتبه البيضوي بشارع «بنسلفانيا» بالعاصمة واشنطن زوال يوم الثلاثاء القادم أثار بهجة ملايين الأمريكيين الذين دأبوا على وضع شارات مغناطيسية على سيارات يتعهدون خلالها بشرب الأنخاب والرقص فرحا يوم نزوله من عرش السلطة داخل بلاد العم سام، فإن بعض الكوميديين من أصحاب البرامج الترفيهية الليلية على القنوات الأمريكية أعربوا عن حزنهم لمغادرة بوش البيت الأبيض، وقالوا إنهم سيفتقدون كثيرا الهفوات اللغوية الكارثية التي كان يرتكبها بوش سواء خلال خطابات رسمية كانت موجهة إلى الأمة الأمريكية أو خلال مقابلات مع زعماء من جميع دول العالم. بوش الطريف لا يختلف أمريكيان اليوم على أن السنوات الثماني التي قضاها جورج بوش الابن داخل البيت الأبيض كانت من أسوأ الولايات الرئاسية في التاريخ الأمريكي القصير. فنتائج استطلاعات الرأي تشير إلى تدني شعبية الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته إلى مستويات غير مسبوقة، كما تشير تلك النتائج إلى أن كل ما ستتذكره غالبية الأمريكيين من حكم بوش هو الحربان الفاشلتان في العراق وأفغانستان والأزمة المالية الخانقة التي تلقي بظلال قاتمة على حياتهم هذه الأيام، بالإضافة إلى الكراهية غير المسبوقة التي يشعر بها العالم نحوهم، وحذاء من مقاس كبير مقذوف على وجه رئيسهم في بغداد! إلا أن الكوميديين من أمثال «دجي لينو» و«ديفيد ليترمان» و«ستيفن كولبرت» و«جون ستيوارت» أعربوا عن حزنهم الشديد لترك بوش الابن لمقاليد السلطة، وقالوا إن ذلك يشكل كابوسا مرعبا بالنسبة إليهم لأنهم «لن يجدوا أبدا شخصية طريفة مثل الرئيس الأمريكي الحالي» الذي شكل مادة خصبة لبرامجهم الكوميدية الساخرة. وقال «دجي لينو» صاحب برنامج «تونايت شو» على قناة NBC إن لا أحد سيذرف الدموع على انتهاء ولاية بوش أكثر منه، وعلل موقفه ذلك بعرض شريط فيديو قصير يظهر فيه الرئيس جورج بوش الابن وهو يحاول نطق كلمات إنجليزية بصعوبة بالغة، لكن الصوت الذي كان يصدر عنه لم يتجاوز «إ إ إ إ إ». ووقف بعد ذلك «لينو» وسط الأستوديو ورفع كفه عاليا وقال «بربكم أين ستجدون رئيسا مثل هذا؟ كل ما يصدر عنه صالح لإضحاك العالم أجمع»!. كابوس أوباما وحتى «ديفيد ليترمان» صاحب برنامج «ليت شو» على قناة CBS أعلن حداده على انتهاء ولاية بوش، واعتذر لمشاهديه خلال فقرة ساخرة قائلا إنه لن يستطيع بعد اليوم إدراج فقرة «حِكَم رؤساء أمريكا» التي عادة ما يبدؤها بالكلمة التاريخية للرئيس الأمريكي المغتال «جون كيندي» والتي قال فيها: «لا تسأل أبدا ماذا يمكن لبلادك أن تقدم لك، بل اسأل نفسك دائما ماذا يمكنك أن تقدم لبلادك». وعرض «ليترمان» شريط فيدو يظهر فيه الرئيس بوش في مواقف مخجلة خلال زيارات رسمية للخارج، نذكر منها ارتباكه الشديد في القصر الرئاسي بالعاصمة الصينية بكين وتوجهه نحو ديكور على شكل باب خشبي عتيق ودفعه لمقبض الباب بكل قوته من أجل فتحه، بينما كان الرئيس الصيني وباقي الحضور ينظرون إليه باستغراب شديد! وقال «ليترمان» إن تولي باراك أوباما السلطة داخل الولاياتالمتحدة يشكل «كابوسا» حقيقيا للكوميديين من أمثاله الذين لن يستطيعوا السخرية من أوباما لسببين رئيسيين، أولهما الخوف من الاتهام بالعنصرية، والثاني هو استقامة أوباما الشديدة ولغته الأكاديمية الرفيعة وعدم ارتكابه لأية هفوات بروتوكولية إلى غاية الآن. إلا أن «ليترمان» وباقي الكوميديين الأمريكيين تعهدوا بالانقضاض على أوباما فور تسلمه السلطة في البلاد وانتقاله من وضعية الرئيس المنتخب إلى الرئيس الفعلي الذي عليه أن يتخذ قرارات صعبة في ظروف اقتصادية أصعب، مما سيجر عليه لا محالة غضب الملايين من الأمريكيين. سخرية للمرة الأخيرة وفيما بدا وكأنه آخر تقرير ساخر عن بوش لشبكة الأخبار CNN «الرزينة»، قامت المذيعة «جيني موز» المعروفة بتقاريرها اللاذعة بتخصيص فقرة مطولة عن «البوشيزم»، وهو المصطلح الذي يطلق داخل الولاياتالمتحدة على الأخطاء «البشعة» التي ارتكبها جورج بوش الابن في حق اللغة الإنجليزية طوال ثماني سنوات من الحكم. بدأ التقرير بعرض لعبة إلكترونية تسمى «هل أنت أذكى من رئيس الولاياتالمتحدة؟»، وتأتي اللعبة على شكل امتحانات سهلة في اللغة الإنجليزية، يدعوك صوت رجولي خشن لاجتيازها، وكلما أجبتَ إجابات صحيحة تسطع أضواء فاقعة على الصفحة الإلكترونية مصحوبة بعنوان ضخم يقول «إنك أذكى من رئيس الولاياتالمتحدة الذي أخطأ في إعراب أو نطق هذه الكلمة»، ويصحب الجملة تاريخ ومكان ارتكاب بوش للخطأ اللغوي. كما جاء في تقرير «جيني موز» تصريحات لعدد من اللغويين الأمريكيين الذين أعربوا عن استغرابهم الشديد للمستوى المتدني للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته في اللغة الإنجليزية. وقال أحدهم باستغراب شديد: «كيف يمكن لرئيس أمريكي أن يقول Misunderestimited me هذا يدفعنا إلى طرح علامة استفهام كبيرة حول السجل الدراسي للرئيس»!. لكن أحد سكان مدينة نيويورك الذين استجوبتهم المذيعة الأمريكية قال بابتسامة واسعة: «أنا سعيد لأن زمن هذا الرئيس ولى. لقد كنا نشعر بالخجل وآن الأوان كي نحتفل ونبتهج بتنصيب رئيس مثل باراك أوباما». لكن المواطن النيويوركي تدارك وسط قهقهات عالية من الضحك قائلا: «فعلا سنفتقد هفوات هذا الرئيس وكل النكات التي أضحكتنا عنه، لكننا لا نمانع في افتقاد مثل هذا الأمر أبدا»!.