سهر سكان مدينة شيكاغو حتى ساعات الصباح الأولى وخرجوا للرقص في شوارع المدينة، كما حملوا الأعلام الأمريكية وشعارات الحزب الديمقراطي ورددوا بحماس شديد شعار حملة أوباما وهو «نعم، نستطيع القيام بتغيير الأمور». هذه بعض الأجواء التي عمت الولاياتالمتحدةالأمريكية عقب إعلان فوز باراك أوباما بالانتخابات الرئاسية. نقلت شاشات التلفزيون الأمريكية في ساعة متأخرة من مساء يوم الثلاثاء صور زعماء الأقلية السوداء داخل الولايات وهم يبكون ويحضنون بعضهم دقائق فقط بعد الإعلان عن فوز المرشح الديمقراطي باراك أوباما برئاسة الولاياتالمتحدة. كما نقلت تلك الشاشات دموع مئات الآلاف من الأمريكيين الذين لم يغمض لهم جفن وأصروا على متابعة عملية فرز الأصوات في الحدائق العامة والقاعات الرياضية والمقاهي والمطاعم ومقرات الحزبين الديمقراطي والجمهوري. أسود في البيت الأبيض ودخل أوباما التاريخ كأول رئيس أسود للولايات المتحدة، وشكر في خطاب فوزه الذي ألقاه من «غراند بارك» في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي أمام أكثر من مائة ألف من أنصاره، منافسه الجمهوري جون ماكين والمرشحة لمنصب نائبه سارة بيلين، وقال إنهما تحليا بروح أمريكية خالصة واعترفا بخسارتهما وقاما بالاتصال به وتهنئته على فوزه. كما شكر الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الابن على الاتصال الذي أجراه معه وهنأه خلاله على فوزه «التاريخي» في الانتخابات. ودعا أوباما الجمهوريين إلى العمل إلى جانب الديمقراطيين من أجل إخراج أمريكا من المشاكل التي تتخبط فيها ومنح الطبقة الوسطى مستقبلا أفضل وحياة أفضل. كما قال إنه حقق الحلم الأمريكي وأصبح الرئيس ال44 للولايات المتحدة، وإنه يفهم بشكل عميق التحديات التي يواجهها الآن كرئيس منتخب، ويقدر الثقة التي منحه إياها الشعب الأمريكي وتعهد بألا يخذله أبدا. وقد سهر سكان مدينة شيكاغو حتى ساعات الصباح الأولى وخرجوا للرقص في شوارع المدينة، كما حملوا الأعلام الأمريكية وشعارات الحزب الديمقراطي ورددوا بحماس شديد شعار حملة أوباما وهو «نعم، نستطيع القيام بتغيير الأمور». وأجمع المحللون السياسيون داخل أمريكا على أن انتخاب أوباما سيفتح صفحة جديدة تتصالح فيها أمريكا مع نفسها وتعمل على تضميد جراح العنصرية التي لطخت ماضيها القريب وخلّفت جروحا عميقة لدى الأقلية السوداء التي تعرضت للاستعباد والاستغلال بطريقة بشعة. وأعرب الآلاف من الأمريكيين الذين وقفوا لساعات طويلة في صفوف امتدت لكيلومترات عديدة في بعض الولايات، عن أملهم في أن يشكل فوز أوباما في الانتخابات فرصة لإعادة اكتساب ثقة باقي دول العالم التي باتت تنظر إلى الولاياتالمتحدة كدولة «مارقة» بعدما شنت حربين فاشلتين في العراق وأفغانستان رغم المعارضة الدولية لهما، كما حاولت فرض سطوتها على عدد من عواصم العالم بناء على عقيدة بوش وأساسها مقولة «من ليس معي فهو ضدي». إفريقي يحكم أمريكا أسدل الستار أخيرا على الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي دخلت التاريخ ليس فقط بفوز أوباما الأمريكي من أصل إفريقي بمنصب الرئيس، ولكن أيضا بسبب الكلفة الباهظة لميزانية هذه الانتخابات والتي بلغت 5,3 (خمسة فاصلة ثلاثة في المائة) ملايير دولار حسب موقع «بوليتيكو» الأمريكي. وتسود حالة من السعادة الغامرة أو ما يعرف ب»اليوفوريا» داخل أمريكا منذ ليلة الثلاثاء الماضي، ويعتقد الكثير منهم أن الرئيس المنتخب سيجلب لهم سنوات من الرخاء الاقتصادي والطفرة التكنولوجية التي ستنعكس إيجابا على حياتهم. وينطلق الأمريكيون في هذا الأمر من سنوات حكم الرئيس السابق بيل كلينتون الذي تولى القيادة بعد أربع سنوات عجاف من حكم بوش الأب، وشهد الاقتصاد في سنوات حكمه الثمانية طفرة غير مسبوقة كانت مدفوعة بما يعرف هنا في الولاياتالمتحدة ب»الأنترنت بووم». ورغم أن أوباما فاز في الانتخابات يوم الثلاثاء الماضي إلا أنه لن يتسلم السلطة بشكل رسمي سوى في العشرين من شهر يناير القادم، مما تسبب في انطلاق موجة غير مسبوقة من التكهنات حول الشخصيات السياسية والاقتصادية المحتمل استدعاؤها للعمل في إدارة الرئيس أوباما. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية في عددها الصادر الأربعاء أسماء بعض المرشحين الذين يُتوقع انضمامهم إلى تشكيلة الإدارة الجديدة، كما توقعت أن يبدأ أوباما بالإعلان عن تشكيلة إدارته الأسبوع المقبل. وقد عين أوباما عضو مجلس النواب رام إيمانويل في منصب كبير موظفي البيت الأبيض في الإدارة الأمريكية المقبلة. ويماقش مستشارو أوباما مسألة الإبقاء على وزير الدفاع روبرت غيتس في منصبه حتى يتمكن من التخطيط لسحب الجنود الأمريكيين من العراق. ويعد مستشار التعليم في ولاية نيويورك «جول كلاين» من بين المرشحين لتولي منصب وزير التعليم، في حين يُتوقع أن يشغل قائد قوات المارينز المتقاعد «جيم جونز» منصب مستشار الأمن القومي. أما بالنسبة إلى وزير الخزانة، فإن قائمة المرشحين تشمل وزراء خزانة سابقين من بينهم «لورانس سمرز» و»روبرت روبن» و»تيموثي جيثنر». وتشمل قائمة المرشحين لمنصب وزير العدل حاكمة ولاية أريزونا «جانيت نابوليتانو»، بينما يُحتمل أن تشارك نساء أخريات في إدارة أوباما من ضمنهن حاكمة ولاية كنساس «كاثلين سيبيليوس» وحاكمة ولاية ميشيغن «جينيفر غرانهوم». ومن المتوقع أن يعتمد أوباما خلال هذه الفترة الانتقالية على مجموعة منتقاة من الأشخاص الذين قدموا له المشورة الاقتصادية والسياسية خلال حملته الانتخابية الناجحة. كما يبحث فريق أوباما الانتقالي اعتماد أساليب جديدة للتواصل والإعلام، ترمي إلى تجاوز بعض التقاليد التي اعتمدتها الإدارات الأمريكية السابقة، ومنها مثلا إلغاء المؤتمرات الصحافية اليومية التي تعقد في البيت الأبيض، والتركيز بدلا من ذلك على نشر بيانات الإدارة على الأنترنت حتى يطلع عليها ملايين المواطنين بدلا من حصرها على الصحافيين. أوباما يعين فريقه لإعداد المرحلة الانتقالية قدم فريق الرئيس الأمريكي المنتخب باراك اوباما أمس الأربعاء المجموعة المكلفة بإعداد المرحلة الانتقالية بين ادارة جورج بوش والادارة الجديدة. وسيتسلم أوباما مهامه رسميا في20 يناير المقبل. وقال فريق أوباما في بيان إن المجموعة المكلفة بالاعداد للمرحلة الانتقالية تشكلت «قبل بضعة أشهر» ولكن مهمتها أصبحت رسمية الآن. ويترأس المجموعة الانتقالية ثلاث شخصيات من بينها جون بوديستا, الامين العام للبيت الابيض في عهد بيل كلينتون من1998 الى2001 والذي يشغل حاليا منصب رئيس معهد «المركز من أجل تقدم امريكا» وهو معهد أبحاث يساري. والشخصيتان الأخريان هما فاليري جاريت, مستشارة مقربة من أوباما, وبيتي روس وهو مدير مكتب سيناتور ايللينوي. وسيساعد هذه الشخصيات الثلاث12 مستشارا من بينهم حاكمة اريزونا جانيت نابوليتانو, وزيرة التجارة في عهد كلينتون, ووليام دالاي, وزير النقل والطاقة في عهد كلينتون, وفدريكو بينا, مستشارة اوبما للشؤون الدولية, بالاضافة الى سوزان رايس التي عملت في ادارة كلينتون. إلى ذلك اعتبرت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس, أول أمس الأربعاء, أن الرئيس المنتخب باراك أوباما «ملهم», معربة عن اعتزازها بفوز أول مرشح من أصول أفرو- أمريكية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقالت رايس في بيان «كان الرئيس المنتخب أوباما ملهما, وأنا واثقة أنه سيظل كذلك», مؤكدة أن وزارة الخارجية ستعمل على ضمان انتقال سلس للسلطات. وصرحت للصحافيين «أما بصفتي أمريكية من أصول إفريقية, فأنا فخورة بشكل خاص لأن هذه البلاد قطعت مسافة طويلة في إصلاح أخطائها وعدم جعل العرق عاملا أساسيا في حياتنا», مضيفة أن «هذا العمل لم ينته بعد, لكن يوم أمس كان خطوة مذهلة الى الأمام». كما نوهت وزيرة الخارجية الأمريكية بمرشح الحزب الجمهوري جون ماكين واصفة إياه ب»الوطني الكبير».