يعيش الطلبة والتلاميذ هذه الأيام على إيقاع التحضير للامتحانات، الهاجس الأول والأخير للطلبة وعائلاتهم، بحيث يخيم شيء من القلق على الطلبة، بالإضافة إلى تبنيهم نظاما غذائيا غير صحي، يعتمدون فيه على المنبهات والقهوة والحلويات، نظرا لضيق الوقت ولكون هذا الأخير يحسب له ألف حساب خلال هذه الفترة بالذات، وهنا يكمن الخطأ، فيدخل الطالب في دوامة القلق ويعكر مزاجه وتسوء تغذيته، في حين أن الدراسات أكدت أن هناك صلة مباشرة ما بين النظام الغذائي المتبع وتركيز الطالب وبالتالي التحصيل، إضافة إلى الحرمان من النوم، وقلة ساعاته، القلق والاضطراب، اضطراب الهضم، الإمساك، التخمة، تداخل الأغذية (عدم اتباع نظام غذائي صحيح، وتناول مواد غذائية مختلفة بفواصل زمنية متقاربة). وخلافا لهذا، فإن النوم المناسب، الراحة، الثقة بالنفس، التغذية الصحيحة والمنتظمة، انتظام عملية الإفراغ، المطالعة والدراسة في الوقت المناسب (أي أن لا تستأنف فورا بعد تناول الطعام) تناول التمر، الزبيب، العسل، الجوز والقليل من المكسرات باتزان، التنفس العميق في الهواء الطلق، الخلود للراحة نصف ساعة قبيل الظهر، تجنب النوم بعد ساعات الصباح الباكر؛ تمنح النشاط وتفعل العمليات الفكرية الدماغية وتقوي الذاكرة وتعزز الاستعداد لإنجاز الأعمال الفكرية، وهذا يجرنا إلى الحديث عن علاقة التغذية بالتركيز، مستدلين بتعريف القدماء لأضرار التخمة على عقل الإنسان، حيث كان شائعا المثل القائل «البطنة تذهب الفطنة»، وأيضا قول أفلاطون «العقل السليم في الجسم السليم». وعرفت تأثيرات حالات النقص الغذائي لبعض الفيتامينات والأحماض الأمينية وعناصر معدنية ضرورية للجسم، وكذلك الإفراط في تناول عناصر غذائية يحتاج الجسم إلى مقادير محددة منها، وأضرار الإدمان على بعض المواد المعروفة بخطورتها وشرب السوائل المحتوية على الكافيين وتأثيره على الجهاز العصبي للإنسان، وبالتالي سلوكه، كما أن بعض العناصر الغذائية تؤثر على تركيز ونشاط المركبات المهمة في مخ الإنسان، ويبدي دماغ هذا الأخير ردود فعل متباينة للتغيرات في مكونات طعامه كما يسبب الإفراط في تناول عناصر غذائية يحتاج الجسم إلى كميات صغيرة منها مثل: الفيتامينات الذائبة في الدهون (أ) وَ (د) ظهور أعراض عصبية ونفسية، وهما نادرتا الحدوث لكنهما تظهران عند الإفراط في تناول مستحضراتهما الدوائية ويخزن هذان المركبان داخل الجسم، فتظهر أعراض زيادة مستوييهما فيه فيؤدي التسمم بفيتامين (أ) إلى حدوث اضطرابات نفسية على شكل تهيج وفقدان الشهية للطعام وصداع ودوخة، كما يصاحب حالة التسمم بفيتامين (د) ظهور أعراض عصبية ونفسية تشمل شعور المريض بضعف وتعب وصداع، كما أن مسحا أجري تضمن إعطاء أشخاص تغذية مثالية، كانت نتيجته أن 79 في المائة منهم لاحظ تحسنا في الطاقة، و60 في المائة منهم تمتع بذاكرة أفضل ويقظة عقلية أحسن، و66 في المائة بدا متوازنا عاطفيا، بدرجة أكبر. وبما أن شبابنا هو مستقبلنا ونتطلع لمستقبل أفضل، فإن ما يهمنا نحن كأخصائيين في مجال التغذية هو التوعية والتحسيس ونتحسر عندما نرى أن الشباب والأطفال ينساقون وراء ما تمخض عن العولمة من مواد أقل ما يقال عنها، أنها سامة ولا بأس أن نذكر ببعض النصائح المهمة والتي تخدم مصلحتهم. النوم المبكر ولوقت كاف (8 ساعات على الأقل ليلاً). التغذية الجيدة: وذلك بتناول غذاء صحي متوازن (يشتمل على أطعمة من المجموعات الغذائية المختلفة)، مع الإكثار من الفواكه والخضروات والعصائر الطبيعية والإقلال من الدهون واللحوم الدسمة. تنظيم مواعيد الغذاء: بحيث تتناول ثلاث وجبات رئيسية في اليوم (الإفطار - الغداء - العشاء). الاعتدال في كمية الطعام: بتناول كميات معتدلة من الطعام وخاصة قبل المذاكرة، لأن من شأن عكس ذلك أن يؤدي إلى الخمول والكسل وضعف التركيز . الاستذكار بطريقة صحيحة: باعتماد تهوية جيدة، بحيث يتم فتح النوافذ لتجديد الهواء من حين لآخر. - الإضاءة الجيدة: تكون الإضاءة كافية مع الجلسة الصحية أثناء المذاكرة، بحيث يكون الظهر معتدلا ومدعما (على كرسي ذي مسند). - الهدوء والبعد عن الضوضاء. - الترويح عن النفس من حين لآخر. وفي يوم الاختبار: لابد من تناول وجبة الإفطار قبل الذهاب إلى الامتحان وجعل التمر، الشريحة والزبيب خير ما يمكن تناوله نصف ساعة قبل الامتحان. - التنفس بعمق: لدوره الكبير في هدوء الأعصاب - عدم تناول أدوية بدون استشارة طبية. إضافة إلى تجنب أي حمية خلال فترة الامتحان وخاصة التي تهدف منها إلى إنقاص الوزن. ولا بد أن أذكر أن أفضل شيء ممكن أن يفعله الطالب؛ هو الحذر من المواد التالية: الصودا، الكافيين، الملح و السكر، كلها مواد تضعف التركيز، و ليس من المفاجئ أنك إذا غيرت ما تعطيه لجسمك، فسوف تغير تماما طريقة تفكيرك ومشاعرك. وتذكر دائما أن داءك ودواءك في غذائك وأن المرض وارد والشفاء مطلوب والوقاية خير من العلاج. محمد أحليمي أخصائي في التغذية