فترة الامتحانات فترة حرجة ومصيرية لكل طالب أو طالبة، ولذلك وجب تحقيق التوازن في ما يخص التغذية والنوم وعدد ساعات الاِستعداد للاِمتحان، إذ أكدت بعض الدراسات أن ذاكرة الإنسان قادرة على أن تستوعب أكثر مما نتصور نحن، فعلى الإنسان أن يثق في نفسه وفي قدراته العقلية شرط أن يحاول تحقيق التوازن. وأشارت العديد من الدراسات إلى أن الضغوط النفسية بشكل عام تؤثر في مناعة الشخص، إذ يصبح الإنسان عرضة للإصابة بالأمراض أكثر من وقت آخر. كما أن الإجهاد النفسي والجسدي قد يتسبب في فقد العديد من العناصر الغذائية الصغرى (كالكالسيوم والبوتاسيوم وفيتامين ج وغيرها). وتعد فترة الامتحانات من الفترات الحرجة في حياة الطالب أو الطالبة، إذ تحتاج إلى توازنات نفسية ومعنوية وغذائية خاصة. لذا فإن الاهتمام بتغذية الطالب من العوامل المساعدة في تحسين أداء الطالب في الامتحان ويجب أن يكون هذا الاهتمام قبل بدء الامتحانات بفترة جيدة، حتى يتم تعويض النقص في العناصر الغذائية، فمثلاً إذا كان الطالب مصابا بالأنيميا أو نقص في فيتامين ب12 يجب على والديه أن يسارعا إلى معرفة أسباب الإصابة بالأنيميا أو نقص فيتامين ب12 ومعالجتها قبل البدء في الامتحانات، لما لذلك من تأثير إيجابي على أداء الطالب العقلي في امتحاناته. وتختلف تغذية الطالب قبل الامتحان عن تغذيته خلال فترة الامتحانات، فمثلاً في الفترة التحضيرية للامتحان يستحسن تناول أطعمة مختلفة من المجموعات الغذائية المختلفة للحصول على غذاء متوازن ومتكامل، كما يفضل تناول وجبات صغيرة ومتفرقة، إذ أن الوجبات الثقيلة غالباً ما تؤدي إلى الشعور بالكسل والخمول والاسترخاء مما قد يؤثر سلباً على كفاءة الطالب في الاستيعاب. وتعتبر وجبة الإفطار من الوجبات الهامة التي لا يمكن تجاوزها أو الاستغناء عنها، فهي تمد الجسم بالطاقة بعد فترة من النوم وعدم تناول الطعام وتحث الجسم على البدء بعملية التمثيل الغذائي وتنشطه. إلا أنه لا بد من الانتباه إلى أن تكون وجبة الإفطار خفيفة. وقد ثبت أن تناول الوجبات الدسمة خلال النهار، وخصوصاً وجبة الغداء، يقلل من تركيز الطالب ما يزيد عن 3 ساعات بعد هذه الوجبة، و الإفراط في تناول الدهون والنشويات يؤدي بدوره إلى ارتفاع الدهنيات في الدم أو إلى تضييق الشرايين وهذا بدوره يعيق حركة الدم في الشرايين وبالتالي تقل تغذية الدماغ و يؤدي هذا إلى ضعف في الذاكرة. وينصح بتناول وجبات خفيفة بين فترة وأخرى (حوالي الساعتين) كنوع من التغيير والراحة، وأن تتركز هذه الوجبات الخفيفة على الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن بحيث تكون هذه الأغذية منخفضة السعرات الحرارية، وأهم هذه الأطعمة الخضروات والعصائر الطازجة خصوصاً المحتوية على فيتامين (ج) كالحمضيات، وتقليل استهلاك المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة. وقد أصبح من المعروف أن تناول المشروبات المحتوية على مادة الكافيين، كالقهوة والشاي ومشروبات الطاقة بكميات كبيرة، قد يتسبب بضرر كبير على أداء الطالب وتحصيله، إذ يجب ألا تزيد كمية الكافيين المتناولة يومياً عن 300ملغم لأن الإفراط في تناول هذه المشروبات، وخصوصاً القهوة ومشروبات الطاقة، يؤدي إلى زيادة ضربات القلب والشعور بالتوتر والأرق وقلة النوم، وفي معظم الحالات يتم تعويض ساعات النوم المفقودة في قاعة الامتحان. ومن الجدير بالذكر أن فنجانا من القهوة يحتوي على حوالي 80-100 مليغرام من الكافيين، وتختلف كمية الكافيين الموجودة في فنجان القهوة باختلاف كيفية إعدادها. ويحبذ تناول الأسماك وتفضيلها على اللحوم الحمراء نظرا إلى احتوائها على الأوميغا-3 التي تقوم بتنشيط جهاز المناعة وكذلك لاحتواء السمك على بعض المواد التي يمكن أن تحافظ على الذاكرة وتحسن القدرات العقلية والتفكيرية، خصوصاً لمن لديهم نقص في هذا العنصر. وتشير بعض الدراسات العلمية إلى أن هناك بعض الأطعمة التي يمكنها أن تقوي الذاكرة وتعطي شعورا بالارتياح، وهي المكسرات والشكولاته، لكن يجب تناولها بكميات معقولة وليس بكميات مطلقة وحرة، وذلك لتجنب تناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية. ولتعويض المفقود من المعادن والفيتامينات بسبب التوتر والضغوطات النفسية الناتجة عن الامتحان يفضل تناول الأطعمة المحتوية على كميات كبيرة من الكالسيوم (كالحليب واللبن ومشتقاته) والمغنسيوم (كالمكسرات ). وينصح باِستهلاك الأطعمة الغنية بالألياف للتقليل من الإصابة بالإمساك، الذي يمكن أن يكون له دور في حدوث بعض الأوجاع في الجهاز الهضمي. ولممارسة الرياضة بشكل يومي، ولو لوقت قصير، أثر جيد في تنشيط الدورة الدموية للطالب وبالتالي تحريك الدم وطرد الكسل والخمول. كما أن الرياضة تصفي الذهن والعقل وتنقي الجسم من السموم وأيضاً تزيد كمية الأكسجين الواصل إلى خلايا الجسم، ومن ضمنها طبعاً خلايا الدماغ، وإذا كنت تشعر بالإجهاد أو التعب أو الملل فهذا نوع من الهروب النفسي نتيجة النظرة إلى المذاكرة باعتبارها عبئًا ثقيلاً وواجبًا كريهًا. ويشير خبراء التربية إلى أن السبيل إلى التخلّص من هذا الشعور هو النظر إلى المذاكرة كنوع من القراءة الاستمتاعية التي تضيف إلى معلوماتك، وتزيد من ثقافتك ومعرفتك. وهناك ملاحظة هامة أخرى هي أنه يفضل أخذ فترة من الراحة بعد ساعة من الاستذكار يستنشق فيها الطالب الهواء، ويروح عن نفسه لدقائق قليلة ثم يعاود المذاكرة. كما أن للنوم لساعات كافية (6-8 ساعات) خصوصاً في ليالي الامتحانات أهمية بالغة في تنظيم وترتيب المعلومات التي تمت دراستها خلال فترات النهار والتخلص من التعب والإرهاق الذي مر به الطالب خلال فترة الدراسة في ذلك اليوم. كما أكد العلماء على أهمية النوم العميق في شحن الذاكرة ودعم القدرة على تخزين المعلومات، وقدم باحثون بجامعة شيكاغو دليلاً يبين أن نشاط الدماغ أثناء النوم يعزز قدرات ومستويات التعلم . لا تقاوم النوم ولا تحاول السهر بعد أن تشعر بالتعب، فقد دلت التجارب على أن ما يحصله الطلاب أثناء ليالي السهر وهم متعبون يتبدد سريعًا ولا يستقر في أذهانهم. ويوصي الخبراء بعدم مراجعة المواد ليلة الامتحان، فهذا يؤدي إلى تداخل المعلومات، ويبدو هذا في عدم استطاعة الطالب الإجابة عن سؤال كان يعرفه، وتذكره للإجابة بعد انتهاء وقت الامتحان، والأفضل التركيز فقط على الخطوط الرئيسية والملخصات التي صنعها كل طالب لنفسه قبل ذلك أثناء المذاكرة. كما ينصح بالابتعاد عن إتباع أي حمية لتخفيف الوزن خلال فترة الامتحانات، خصوصاً الحمية المنخفضة جداً في السعرات، لأن تأثيرها السلبي على الحفظ والمذاكرة مثبت علمياً في العديد من الدراسات. أما التغذية في لحظات ما قبل الامتحان وخلاله، فإنه من الضروري جداً تناول فطور، حتى ولو كان خفيفا،ً لإمداد خلايا الدماغ بالطاقة اللازمة للتفكير واسترجاع المعلومات من أماكن تخزينها. كما يجب تجنب الوجبات الثقيلة والدسمة للابتعاد عن الإصابة بالخمول والكسل قبل الامتحان. ولتناول قطعة من الحلوى أو بسكويت محلى خفيف قبل الامتحان بدقائق والإبقاء على بعضها لتناولها خلال فترة الامتحان أهمية واضحة في المحافظة على مستوى السكر في الدم. وتعتبر بعض المواد مثل اللوز والزبيب موادا مهمة لخلايا الذاكرة، فبمقدور خليط من حبيبات اللوز والزبيب أن يخفف مشكلة النسيان لدى الكثيرين فهما المركبان الأكثر قدره على تنشيط الذاكرة. فالزبيب يقوم بتنشيط الدماغ ولفترة طويلة، ومن المواد المهمة أيضا لخلايا الذاكرة فيتامين (ه) وهو موجود بالزيوت وبالأخص زيت الزيتون، وفيتامين (ج ) وهو موجود بالحمضيات، واللذان يعتبران كمضادات للتأكسد ويحافظان على خلايا الذاكرة من التلف، كذلك فإن تناولنا لفيتامينات (ب6) و(ب12) وعناصر (الزنك، الحديد وحمض الفوليك يضاعف من قدرة التذكر لدينا أربعة أضعاف القدرة العادية. لهذا على الآباء والأمهات الذين يأملون في تفوق أبنائهم في المدرسة أن يعلموا أن الغذاء له دور عجيب في تعزيز القدرات والمساعدة على التركيز وضبط المهارات وتنمية الذاكرة ومقاومة التوتر والقلق ومن ثم يأتي دور الأبناء في التربية الغذائية والحياة العامة. ولا تنسوا هذا الدعاء عند الامتحان... «اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تِجعل الحزن إذا شئت علي سهلا...» أعان الله كل طالب وطالبة و تلميذ و تلميذة على تحقيق أمنية آبائهم الذين سهروا الليالي في تربيتهم من أجل فرد وأسرة ومجتمع وأمة وعالم يسوده الحب والسلام.